أثار مشروع القانون المتعلق بمحاربة العنف ضد النساء، الذي أعدته وزارة التنمية الاجتماعية والأسرة والتضامن بتنسيق مع وزارة العدل والحريات، ترحيبا واسعا لدى الشارع المغربي، خصوصا وأن المشروع الذي أعلنت عنه حكومة عبد الإله بن كيران، في الأيام الماضية، توعد المتحرشين بالنساء بعقوبات صارمة، تصل إلى خمس سنوات سجنا وغرامة تقدر بخمسة ملايين سنتيم، يمكن أن تساهم في محاصرة الظاهرة المتفشية في شوارع المملكة. وأمام هذه الإستراتيجية الزجرية التي تبدو واضحة في توجه الحكومة من خلال تقديم مشروع القانون هذا، برزت الكثير من الأصوات المؤيدة لمقترح القانون، من مختلف التوجهات الأيديولوجية والتيارات السياسية، لكن هذا لم يمنع آخرين من التعبير عن احتجاجهم على مشروع القانون. فعدد من الجمعيات النسائية والجمعيات المكونة لربيع الكرامة والشبكات الوطنية لمراكز الاستماع، المحسوبة على التيار اليساري والحداثي العلماني بالمغرب، ورغم العقوبات الصارمة التي توعدت بها حكومة بنكيران المتحرشين بالنساء، لم يمنع هذه الجمعيات من إعلان انتقادها لمشروع القانون الذي قالت إنه جاء مفرغا من المحتوى الذي كان من المفروض أن يتضمنه. كما اتهمت الجمعيات اليسارية، في بيان مشترك لها، الوزيرة الإسلامية بسيمة الحقاوي، بممارسة الإقصاء في حق الجمعيات النسائية، من المشاركة في بلورة المشروع والتشاور حوله، باعتبارها فاعلا أساسيا في محاربة العنف القائم على النوع، وهو الموقف الذي اعتبره العديد من المتتبعين صدر بدافع إديولوجي يعكس الاختلاف الموجود في المغرب بين التيار العلماني والإسلامي في هكذا قضايا. وبالمقابل، رحبت الجمعيات النسائية ذات التوجه الإسلامي والقريبة من حزب العدالة والتنمية الذي يقود الحكومة بمشروع القانون، مؤكدة على أهمية المدخل القانوني في الحد من ظاهرة العنف ضد المرأة ومحاصرتها، مع تأكيدها على أهمية المداخل الأخرى سواء التربوية أو الثقافية التي تلعب دورا مهما في تأطير المجتمع ومحاربة الظواهر السلبية فيه، خاصة العنف ضد النساء بمختلف أشكاله. وبين هذا الموقف المؤيد والآخر المنتقد للمشروع الذي جاءت به الحكومة، خرج الفقيه المقاصدي المثير للجدل، أحمد الريسوني، بموقف ينتظر أن يحدث نقاشا في الساحة السياسية ببلادنا، حيث تساءل فيه عن تعريف التحرش الجنسي بمنطق العدل والمساواة، قائلا "أليس من صميم التحرش أن تتعرى المرأة بنسبة النصف، وأن تتمكيج بنسبة الثلث، وأن تتعصر كلها وتتعطر، ثم تخرج لتتبختر وتتكسر؟"، في انتقاد واضح من الرئيس السابق لحركة التوحيد والإصلاح، لمظاهر العري والتبرج التي تظهر بها النساء في في الشوارع والأماكن العمومية، والتي اعتبرها تحرشا.