أطلقت مدونات وناشطات مغربيات حملة عبر الانترنت سمينها "نساء شوفوش"، أي باللهجة المغربية "انظروا حل"، للتنديد بظاهرة التحرش الجنسي التي تفشت بشكل لافت في المجتمع المغربي، داعيات إلى مسيرة حاشدة تنظمها النساء ضد المضايقات الجنسية التي يتعرضن لها في الشوارع والحافلات وأماكن العمل. وتستنكر هذه الحملة على صفحات الفيسبوك، والتي جذبت آلاف المنخرطات بالمغرب، استشراء التحرش الجنسي بطريقة لا تميز بين النساء، محجبات أو سافرات، وصغيرات أو كبيرات، عازبات أو متزوجات، ما يؤشر على هيمنة السلطة الذكورية داخل المجتمع المغربي. وجدير بالذكر أن مشروع قانون يجرم التحرش الجنسي بالمغرب سبق أن اقترحته وزارة الأسرة والتضامن منذ عدة أشهر، لكنه ما يزال يراوح مكانه دون أن تتم المصادقة عليه بعد، ويعاقب مرتكبي جريمة التحرش بالسجن النافذ والغرامة المالية. سلطة الذكور وتؤكد تيفاوت بلعيد، إحدى مؤسسات مجموعة "نساء شوفوش" ومنشطة صفحتها على الفيسبوك، على أنه من بين أهداف هذه المجموعة على الانترنت هو حشد المغاربة من الجنسين معا، لاستيعاب خطورة تفشي التحرش الجنسي بالبلاد، وأيضا التحرك من أجل تنظيم مسيرة تنادي بمحاربة هذه الظاهرة المشينة، وذلك خلال شهر نونبر في حالة ما تم الترخيص لها من طرف السلطات المحلية للعاصمة الرباط. وأبرزت الناشطة على الانترنت أن مسيرة نساء شوفوش المغربية تختلف كليا عن المسيرات التي أطلقتها مجموعات "سلاط ووك" slutwalk، وتعني "مسيرة المومسات" في كندا أولا، ثم في بلدان أوروبية أخرى، حيث خرجن النساء عاريات للمطالبة بحقوقهن، والتنديد بالاعتداءات الأخلاقية ضدهن. وتشرح تيفاوت أن مسيرة استنكار التحرش الجنسي بالمغبر ستراعي حتما خصوصيات المجتمع المغربي، وتركيبته الثقافية والدينية، وأن الغاية الرئيسة من هذه المبادرة هو تحسيس الناس من الجنسين معا بخطورة جريمة التحرش الجنسي، وكشف حقيقة هذا الفعل الذي يسيء إلى المرأة، فضلا عن إثارة الانتباه إلى التداعيات السلبية للظاهرة نفسيا واجتماعيا. وتندد الناشطات في هذه المجموعة، التي أطلقتها في البداية الناشطة النسائية والحقوقية ماجدولين ليزيدي، بالصبغة الذكورية التي تهيمن على فعل التحرش الجنسي بالمغرب، حيث تتكتم أغلب ضحايا التحرش على ما جرى لهن، بسبب الطبيعة المحافظة للمجتمع، وخشية ردود الأفعال من الأسرة أو من الزملاء في العمل، الأمر الذي يزيد الطين بلة، ويدفع بالتحرش إلى أن يطول أمده، ويستشري بشكل متنامي. التطبيع والكتمان وتحفل الصحف والجرائد المغربية بقصص التحرش الجنسي، ضحاياه نساء وجدن أنفسهم أمام متحرشين يستغلون سلطة الوظيفة والعمل، أو آخرين يحتمون بذريعة الحرية الفردية والشخصية، بينما يكيف البعض ما يقوم به من تحرش جنسي بكونه مجرد إعجاب وغزل بالمرأة المُتحرَّش بها. وحذر الباحث الإسلامي والداعية الدكتور عمر بنحماد من عامل خارجي، عدا الأسباب التي تتعلق بالمتحرش والمتحرش بها، يزيد من تأجج نار التحرش الجنسي داخل المجتمع المغربي، والذي يتمثل في التطبيع النفسي مع جريمة التحرش من لدن الكثيرين. ويرى بنحماد أن التكتم أيضا على جريمة التحرش، لأسباب اجتماعية وذاتية وأسرية في أحيان كثيرة، يجعل من التحرش أمرا عاديا ينتشر أكثر فأكثر، لأن الجرأة تنقص عند عدد من النساء ضحايا هذه الجريمة الأخلاقية للإبلاغ عنها لدى السلطات المختصة. وتابع المتحدث بأن صمت المرأة التي تعرضت للتحرش الجنسي، سواء بالكلمة أو بالفعل، بسبب خشيتها مثلا من عقوبات رئيسها في العمل، أو لتخوفها من ضجة تثار حولها، تساهم بشكل حاسم في تشجيع المتحرشين على ممارسة التحرش بأمان. ويوجد في كواليس الأمانة العامة للحكومة مشروع قانون يعاقب على ارتكاب التحرش الجنسي، لكنه لم ير النور بعد، بسبب عدم المصادقة عليه من طرف البرلمان المغربي، رغم مطالبات المنظمات الحقوقية والفعاليات النسائية بسن قانون فعلي يجرم التحرش الجنسي بالبلاد. ويتحدث مشروع القانون، الذي أعدته وزارة التضامن والأسرة، قبل عدة أشهر، عن معاقبة كل من تورط في التحرش بفتاة أو امرأة، بالسجن من شهرين إلى سنتين، وبغرامة مالية محددة تتراوح بين 1200 إلى 2000 درهم مغربي.