اعتبر الباحث المغربي في العلوم السياسية، والمقيم في الولاياتالمتحدةالأمريكية، عز الدين العزماني، أن النسخة الثانية للحكومة تؤشر على نهاية «نافذة التوقع والانتظارية» التي تولدت في السياق العشريني ونهاية زمنية «الاصلاح في إطار الاستقرار». وأرجع العزماني ذلك، لمجموعة من العوامل أبرزها: ترنح الربيع العربي ونجاح الثورة المضادة في بعض تجاربه وتراجع الحراك العشريني، وفشل حزب العدالة والتنمية في تنفيذ سلسلة إصلاحات اجتماعية واقتصادية تستجيب للانتظارات الضخمة للطبقة المتوسطة والدنيا التي اختارته لقيادة التجربة الحكومية، ثم نجاح تحالف G8 في تصريف أهدافه المتعلقة بمراقبة الأداء الحكومي للعدالة والتنمية من داخل الحكومة (حزب الاستقلال) ومن خارجها. وأوضح الباحث في العلوم السياسية، في تصريح خص به جريدة "الرأي"، أن إعادة الخطاب الملكي الاعتبار للحكومات السابقة ولقياداتها التقليدية، كان يحمل إشارة واضحة إلى أن حزب العدالة والتنمية لا يمثل جيلا جديدا من الممارسة الحزبية في المغرب وأن فكرة القطيعة مستحيلة. وأضاف أن "عودة بعض رموز الفساد السياسي للتسير الحكومي، مسنودا بجيش من التكنوقراط، وذوبان حزب (الأغلبية الانتخابية) وانكماشه السياسي والوظيفي في التشكيلة الحكومية، وضعف الكفاءة في عملية الاستوزار يدل على أن معيار الكفاءة تخلف لصالح معيار الترضية الشخصية والحزبية، وأن الحزب الأغلبي في عملية التفاوض استجابة للضغوطات التي تعرض لها ". وبخصوص الهندسة الجديدة للحكومة فيما يتعلق بتأنيث الحكومة، اعتبر العزماني أن ذلك الإجراء تم فقط من أجل خلق الاعتقاد بالطابع الحداثي للحكومة المغربية رغم قيادتها من قبل الإسلاميين، وفيما يتعلق بالقطاعات سجل الباحث تداخلها بشكل حاد ومربك، وتم تقليص الطابع المعياري لبعض الوزارات، كالاحتفاظ بوزارة العدال بدون حريات، فيما تم تضخيم ا حجم الوزارات المنتدبة (حوالي 13 وزارة منتدبة). وخلص العزماني إلى أن النسخة الثانية من الحكومة، مشوهة سياسيا وتقنيا ومتضخمة كميا، بحيث ذاب فيها الحزب الأغلبي وتقوى فيها حضور القيادات الحزبية التقليدية وبعض رموز الفساد المالي، وهو ما يعني أن شعار "الإصلاح في إطار الاستقرار" قد تبدد لصالح شعار "الاستقرار في إطار الاصلاح" وتراجعت أولوية الإصلاح التي تمخضت عن دينامية 20 فبراير، يضيف الباحث. وأورد الباحث في العلوم السياسية، أن مهندسو السياسة بالمغرب نجحوا سياسيا في إضعاف حزب الأغلبية، وتسببوا في تعميق حالة الشك السياسي وإنهاء حالة "الغموض السياسي" خاصة في أوساط الطبقة المتوسطة والدنيا التي راهنت على حزب العدالة والتنمية. وتوقع العزماني أن تداعيات الحكومة الجديدة قد تنتهي إلى تدعيم الدينامية الاحتجاجية واستعادة مشروعيتها في مواجهة نظام الاستبداد والفساد الذي شكل الإطار الفلسفي والسياسي للدينامية العشرينية في لحظتها التأسيسية، ولكن في سياق جديد ومختلف عن السياق التأسيسي.