يعيش العديد من المتقاعدين المغاربة القاطنين بدول المهجر وضعية صعبة، تفاقم من معاناتهم الاجتماعية والنفسية وتحرمهم من حقهم في العيش بكرامة وإنسانية، وخير مثال ما يعانيه متقاعدو فرنسا وهولندا على حد سواء. معاناة مشتركة لا زال الرأي العام المغربي يتابع بمزيد من الاهتمام فصول معاناة المتقاعدين المغاربة بهولندا والقرار المجحف الذي اتخذ في حقهم، والذي يفرض عليهم ملء استمارات توزع من طرف بنك"التضامن الاجتماعي"، تهم الاستفسار عن تواريخ سفرهم للمغرب، مدة الإقامة وتاريخ العودة لهولندا، كما تتضمن التوقيع على نص تتضمنه الاستمارة، يمنح فيه الموقع موظفي بنك الضمان الاجتماعي في المغرب حق طلب معلومات عن أملاكه العقارية من المصالح المغربية المختصة، في إطار التضييق الممارس ضد هذه الفئة، والذي يشكل التحري في ممتلكاتهم أحد تجلياته البارزة. متقاعدو فرنسا بدورهم ليسوا أحسن حالا، حيث يعاني 120 ألف متقاعد من أصل 500 ألف أجنبي آثار التمييز الاجتماعي الذي لحقهم، حيث يعيشون في أقل من خمس أمتار بضواحي باريس، أجبروا على المكوث الاضطراري، وإلا سيفقدون التغطية الاجتماعية، كخطوة موازية بعد أن عمدت فرنسا لتقييد الاستفادة بالتغطية الصحية بشرطين أولهما عدم مغادرة فرنسا أكثر من 183 يوم والتوفر على الإقامة، وبالتالي فمن اختاروا العودة إلى المغرب مضطرون للبقاء من أجل الاستفادة من التغطية الصحية من صندوق الضمان الاجتماعي، وهذا ما جعل الكثيرين في حيرة بين أمرين: العودة للوطن الأم بشكل نهائي وعدم الاستفادة من حقوقهم المكتسبة، أو المكوث في فرنسا في ظروف مهينة للكرامة الإنسانية في المجمعات السكنية. ميز وتفرقة مأساة تتجاوز البعد الاجتماعي والاقتصادي لتطال الجانب النفسي لهاته الفئة، والذي يذكيه بشكل كبير التعامل على أساس التفرقة العنصرية، فنفس البلد الذي ساهموا بمجهودهم في صناديقه يحرمهم حقوقهم الاجتماعية المكتسبة كأجانب في حين يمنحها لأبنائه من الفرنسيين دون قيد أو شرط، وهو ما يتضح من خلال توقيعها على المنشور الذي يسقط عليهم شرط الإقامة بالنسبة للقاطنين بالمغرب، إضافة إلى استفادتهم منذ يناير 2014 من البطاقة الخضراء بالخارج، و التي تمكنهم من ولوج كل الخدمات الصحية بالبلد الذين يقيمون فيه خارج فرنسا. وفي هذا الإطار، أبرمت فرنسا مع المغرب اتفاقية ثنائية وبرتوكول يستفيد من خلاله الفرنسيون من الخدمات الصحية بالمؤسسات الصحية المغربية المؤدى عنها من صندوق الضمان الاجتماعي في تمييز اجتماعي واضح بين المتقاعدين المغاربة و نظرائهم الفرنسيين. جهود ثنائية للنهوض بالوضعية وفي اتصال هاتفي ل"الرأي المغربية"، استنكرت البرلمانية نزهة الوافي ما اعتبرته تراجعا في المكاسب والمطالب المشروعة لهاته الفئة من المواطنين المغاربة، وهم الذين قدموا الشيء الكثير لبلدهم ودول المهجر خاصة الجيل الأول منهم، مطالبة الفاعلين الحقوقيين الأوروربيين وكذا جميع الفاعلين على المستوى الوطني بضرورة الدفاع عن حقوق المتقاعدين المغاربة. وقالت الوافي أنه من الواجب مساندة هؤلاء المتقاعدين في محنتهم، والدفاع عنها بشتى الوسائل، كجزء لرد اعتبارهم إزاء الخدمات المتواصلة التي قدموها لمجتمعهم، حيث ساهموا في ستينيات القرن الماضي في انتشال مابين 500 إلى 1000 أسرة من براثن الفقر من خلال تحويلاتهم في وقت لم يكن فيه القطاع السياحي منعشا بما فيه الكفاية. كما ثمنت تفاعل البرلمانيين الفرنسيين الذين اشتغلوا على الموضوع، من خلال تشكيل لجنة، قامت بإعداد تقارير تمخضت عنها توصيات تهم القضية. وحول الدور المغربي، صرحت نزهة الوافي أنه تم القيام بثلاث مبادرات، تجلت أولاها في لقاء اللجنة الفرنسية، حيث تفاعل مجلس النواب المغربي معها، وكانت هناك مذكرة برلمانية موقعة من طرف جميع رؤساء الفرق تطالب بتكثيف الجهود لتصحيح الأوضاع. وينتظر إحداث لجنة مشتركة بين المغرب وفرنسا للنهوض بالأوضاع الحقوقية، خاصة وأن المجلس الأعلى للحسابات كان قد أقر في تقرير أصدره سنة2014 بالوضعية الهشة التي يعاني منها المتقاعد المغربي.