أكد المشاركون في ندوة دولية احتضنها قصر المؤتمرات بمدينة قلعة السراغنة، حول موضوع «الحكم الذاتي والجهوية الموسعة: مستقبل وآفاق نموذج منطقة ترينتينو ألطو أديجي الإيطالية»، أن مشروع الحكم الذاتي هو الحل السياسي والمنطقي لقضية الصحراء المغربية. وأوصى المشاركون في هذه الندوة، التي حضرها محمد نجيب بن الشيخ، عامل إقليمقلعة السراغنة، وتميزت بمشاركة وفد إيطالي يتكون من ليا بيلترامي، وزيرة التضامن والتعايش الدولي، وجورجيو بوسطال، عضو مجلس الشيوخ والأستاذ الجامعي، أنطونيو سكاغلياتي، بالعمل على تعميق العلاقات الثنائية المغربية الإيطالية وتقوية الشراكات بين مجالس الجهات والمؤسسات العمومية والفعاليات الجمعوية في كلا البلدين. كما شددت على ضرورة تبادل الزيارات والتجارب والخبرات بين الفاعلين المغاربة والإيطاليين وخاصة على مستوى الجهات والمجالس المنتخبة بين جهة مراكش تانسيفت الحوز والمجلس الإقليميلقلعة السراغنة ومنطقة ترينتينو الإيطالية بما يساهم في ترسيخ روابط الصداقة والتعاون المتينتين بين البلدين . وقبل ذلك، أعربت الوزيرة الإيطالية عن ارتياحها لعلاقات الصداقة والتعاون بين ايطاليا والمغرب الذي تعرفه عن قرب منذ نحو 35 سنة، آملة أن تتكرر مثل هذه اللقاءات التواصلية بين الجانبين بالنظر لما لها من أبعاد حضارية وإنسانية وثقافية عديدة من شأنها أن تعزز المبادلات بينهما في شتى المجالات وتخدم مبادئ التعايش والتسامح والأمن في العالم. وتضمنت الندوة جملة من العروض من الجانبين المغربي والإيطالي تناولت دور المجتمع المدني في تفعيل الحكم الذاتي بالصحراء المغربية، وأسس ومبادئ الجهوية المتقدمة بالمغرب في ضوء مقتضيات دستور 2011 ومقترح الحكم الذاتي في الأقاليم الجنوبية : تشخيص وسيناريوهات، إلى جانب استعراض التجربة الإيطالية من خلال نموذج منطقة ترينتينو والحكم الذاتي والاختلاف الثقافي. وفي هذا السياق، اعتبر النقيب السابق، ابراهيم صادوق، أن قرار مجلس الأمن الصادر في أبريل الماضي يشكل "نصرا مستحقا للدبلوماسية المغربية الرسمية، لكن ينبغي أن توازيه على الأرض دبلوماسية شعبية تتعبأ لها كل القوى الوطنية الحية وتضطلع بها أساسا فعاليات المجتمع المدني سعيا إلى تفعيل مقترح الحكم الذاتي الذي يقترن تحقيقه بتوسيع مجال الحريات ونجاح مسلسل الانتقال الديمقراطي في البلاد ". أما منار السليمي، أستاذ القانون الدستوري، فلاحظ أن مقترح الحكم الذاتي في الأقاليم الجنوبية يعد بشهادة أطراف دولية وأممية، تحولا نوعيا في مسار قضية الصحراء المغربية، لكونه خرج بملفها من الجمود والمناقشات العامة الفضفاضة التي طال أمدها، إلى دينامية سياسية جديدة في ظل المتغيرات الدولية والإقليمية الراهنة مما يجعل من هذا المقترح السيناريو الأمثل للخروج من المأزق اعتبارا لما حظي به من جاذبية على الساحة الدولية. من جانبه، أبرز محمد الغالي، أستاذ القانون الدستوري، أن دستور 2011 راهن على الجهوية الموسعة كخيار استراتيجي يروم تحقيق التنمية وتغيير نمط التدبير الإداري بمقاربة أفقية تراعي التعددية والخصوصية المحلية وهي مبادئ أساسية تقرها القوانين الدولية وتجعل من مقترح الحكم الذاتي مبادرة وجيهة اقتداء في هذا المجال بالعديد من التجارب الدولية الناجحة. وقدم كل من السيناتور، جورجيو بوسطال، والأستاذ الجامعي، أنطونيو سكاغلياتي، عرضا حول نموذج الحكم الذاتي بمنطقة ترينتينو ألطو أديجي، معتبرين أنه نموذج محلي يرتبط بخصوصيات معينة نجح في تغيير وضعية منطقة جبلية فقيرة تعتمد في نشاطها على الاقتصاد الزراعي لتصبح اليوم من أغنى المناطق في أوروبا. وأشارا إلى أن تجربة الحكم الذاتي بمنطقة ترينتينو، الواقعة شمال ايطاليا في الحدود مع دولة النمسا، والتي يقدر عدد ساكنتها بمليون نسمة، مرت بمرحلتين أولاهما بمقتضى دستور 1948 ومطالبة دولة النمسا بضمها إلى أراضيها سنة 1960 ورفض الأممالمتحدة لهذا الطلب، ثم مرحلة 1972 التي تعد ميلادا جديدا لنظام الحكم الذاتي بهذه المنطقة بصلاحيات سياسية واقتصادية واسعة مكنتها من تحقيق إقلاع تنموي حقيقي. ونظمت الندوة من طرف المجلس الإقليميلقلعة السراغنة ومجلس جهة مراكش تانسيفت الحوز بشراكة مع جمعية أنولف بإيطاليا ومجلة سلسلة الاجتهاد القضائي بمراكش.