يبدو أن إدريس الضحاك، الأمين العام للحكومة، نجح في الإيقاع بين الحكومة ورئيسها مع مؤسسة البرلمان، وسحب البساط من تحت أقدام فريقي الأحرار والمصباح اللذين قدما مبادرة تشريعية بخصوص القانون التنظيمي لتقصي الحقائق، حيث عمد الضحاك إلى عرض قانون بهذا الخصوص على المجلس الحكومي، الأمر الذي أثار الكثير من التفاعلات. موقف الحكومة، أثار حفيظة البرلمان، حيث عمدت لجنة العدل والتشريع فيه إلى الاستمرار في مناقشة مقترح القانون حول لجان تقصي الحقائق والتصويت عليه، كخطوة استباقية للرد على الحكومة وسد الباب أمام مشروعها الذي قدمه الضحاك بإيعاز من جهات عليا، قيل إنها لا تريد للبرلمان أن يضع مقترحات قوانين تنظيمية يمكن أن تكون مصدر إزعاج. إلى ذلك، واقعة "تقصي الحقائق" أحدثت نقاشا صاخبا لدى الفرقاء والنخب السياسية في البلاد حولها، وذلك بسسب ما تناقلته بعض الصحف، بخصوص أن الضحاك قال للحكومة إن القوانين التنظيمية لابد أن تمر على المجلس الوزاري الذي يرأسه الملك، وبالتالي لا يمكن السماح لمجلس النواب بتقديم مقترحات قوانين في المجال التنظيمي، وذلك في تعارض صريح مع الفصل 85 من الدستور الذي نص على حق البرلمان في وضع مقترحات قوانين تنظيمية. القيادي في حزب العدالة والتنمية، عبد العالي حامي الدين، هاجم الحكومة واعتبر أن عرض هذا المشروع لم يكن نابعا من إرادة نفس الحكومة التي كانت منخرطة في دعم المبادرة التشريعية للجنة العدل والتشريع وحقوق الإنسان بمجلس النواب، الأمر الذي يطرح سؤال حول من يملك سلطة القرار السياسي داخل الحكومة؟ ومن يستطيع أن يتدخل في آخر لحظة لتعطيل مبادرة تشريعية للبرلمان؟، في إشارة من القيادي الشاب لوجود جهات من خارج الحكومة دفعت بهذا القرار. وأضاف حامي الدين، في مقال نشرته إحدى الصحف الوطنية، أن ما حصل يعد مؤشرا مقلقا على تنامي إرادة من سماها "مراكز النفوذ"، التي اتهمها بمحاولة إفراغ الدستور من محتواه الديمقراطي، كما أن نفس الجهات، يورد حامي الدين "ترفض نشر بعض المراسيم التنظيمية الهامة في الجريدة الرسمية رغم مصادقة الحكومة عليها"، وهو الأمر الذي يدعو الجميع إلى وقفة حقيقية لتقييم مسار التجربة الحالية والتأمل في حصيلتها من الناحية السياسية والديمقراطية قبل فوات الأوان، دائما حسب القيادي في حزب رئيس الحكومة.