صومعة الكتبية واحدة من المعالم التاريخية المشهورة في المملكة المغربية، عمرت في أرض مراكش أزيد من 900 سنة، بنيت بالحجر الرملي النضيد، الذي جلب من جبل كيليز وسط مراكش (حاليا)، فيما بني أعلاها بالأحجار الصغيرة مع الآجر في أجزائها العلوية، لتخفيف وزنها. وتضم صومعة الكتبة قاعة للصلاة أخذت منها الإسم، وسميت "مسجد الكتبية"، عانت على مر التاريخ من الهدم وإعادة البناء، وسط تضارب الروايات حول سبب ذلك، من قائل لعدم توافق المسجد القديم مع القبلة، ورأي آخر يري أنها أسباب سياسية ناتجة عن انتقال حكم المغرب من دولة إلى أخرى. تهميش لسنوات وحياة في رمضان عانى مسجد الكتبية في السنوات الأخيرة ولازال من التهميش والنسيان، فلا تكاد تجد فيه صفا واحدا أو اثنين من المصلين خلال سائر أيام السنة، في ظل غياب سياسة من طرف القائمين على الشأن الديني بالمدينة الحمراء، لإعادة الاعتبار للمساجد العتيقة التي تزخر بها مدينة مراكش، وإرجاع دورها المحوري في التدريس والعلم والوعظ والإرشاد. وظل المسجد شبه منسي محليا إلى حدود سنة 2009 لما كلف الشيخ عبد الرحيم النبولسي، بإمامة المصلين في صلاة التراويح مسجد الكتبية، فشد إليه آلاف المصلين الذين أسرهم صوته الندي، وإتقانه للقراءات العشر، وقدرته الهائلة على دمج القراءات في الركعة الواحدة، بمقامات متناسقة تأسر الفؤاد وتحقق الخشوع. فتجاوز عدد المصلين في ساحة مسجد الكتبية لأول مرة، الأربعين ألف مصل، وفرض على السلطات التأهب لتنظيم السير، وتوفير ما أمكن من عناصر الوقاية المدنية، والتنسيق مع الهلال الأحمر المغربي، للتمكن من علاج أي حالة وسط الجموع الغفيرة، التي حجت للمسجد العريق لآداء صلاة التراويح، واستمر ذلك في السنوات الموالية، بعد تحويل القارئ المراكشي المشهور وديع شكير من مسجد "مولاي اليزيد" إلى مسجد الكتبية. انبهار أجانب من التراويح والقرآن تواجد مسجد الكتبية بقلب مدينة مراكش، وبقرب من ساحة جامع الفنا المعروفة بسهرها الليلي، جعله على مقربة من أنظار السياح الأجانب المتوافدين على المدينة الحمراء لقضاء العطلة، فما إن يؤذن لصلاة العشاء حتى يصطف خارج السياج الفاصل بين المصلين والمارة، عشرات المنبهرين بالصفوف المتراصة والمستوية، و"كيف يتم الأمر تلقائيا دون لجنة تنظيمية، وفي أمة عرفت أنها فوضوية" يتساءل مواطن فرنسي. ويأسر المشاهدين المتتبعين بشغف لحركات القيام والركوع والسجود الموحدة، وخلف "قائد" (إمام) واحد، تلاوة القرآن بصوت شجي، يبلغ القلوب قبل الأسماع، فتزداد التساؤلات والاستفهامات، عن سر هذا الكلام الذي يتلى، وما هذا الدين الذي بلغ هذا التنظيم، فتبدأ رحلة البحث لدى الكثيرين. إسلام اثنين في أول يومين من رمضان خلال السنة الحالية، أسلم أجنبيان اثنان في أول أيام رمضان، حيث أعلن الفرنسي "طوماس بيوربير" اعتناقه للإسلام بعد صلاة عشاء ليلة الأربعاء فاتح رمضان، واختار أن يسمي نفسه "عمر"، اقتداء بالفاروق عمر ابن الخطاب رضي الله عنه، فيما اعتنقت أجنبية ثانية دين الإسلام ليلة الخميس ثاني أيام رمضان الجاري، ولقن كليهما الشهادتين إمام التراويح بمسجد الكتبية القارئ وديع شكير، وسط تكبيرات وتهليلات عشرات آلاف المصلين. أسرة أجنبية تعتنق الإسلام دفعة واحدة لازالت الساكنة المراكشية، تتذكر الأسرة الأجنبية التي أعلنت إسلامها دفعة واحدة، أمام مصلي مسجد الكتبية، فجلس كل من الزوج والزوج رفقة ابنهما الشاب الذي لم يتجاوز العشرين من عمره، وصرحوا يومها للمصلين أن اعتناقهم الإسلام، أتى بعد إعجابهم بسماحة أهله، وانبهارهم بحقيقة هذا الدين، واستواء المصلين في صفوف متراصة بمجرد إقامة الصلاة رغم عددهم الكبير. 36 معتنق لدين السماحة في مسجد الكتبية بإعلان الأجنبيين الاثنين إسلامهما مطلع رمضان الحالي، يصل عدد الوافدين الجدد على الدين الحالي، الذين لقنهم الشهادتين إمام التراويح بمسجد الكتبية خلال السنوات الأربع الأخيرة، 36 سائحا حلوا بمراكش بدين، وعادوا معتنقين دين السماحة والسلام. وبلغ العدد خلال رمضان السنة الماضية، 14 أجنبيا محطما بذلك الرقم القياسي الذي سجله سنة 2010، بإعلان 11 أجنبي إسلامهم بالمسجد ذاته، مقابل 9 سنة 2011. تزايد أعداد معتنقي الإسلام بالمغرب أفاد بلاغ لوزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية السنة الماضية، أن حوالي 1947 شخصا اعتنق الإسلام خلال تواجده بالتراب المغرب سنة 2011، بارتفاع كبير مقارنة مع سنة 2010 التي لم يتجاوز العدد فيها 300 فرد، وأن الذكور يمثلون النسبة الأكبر بحوالي 83 في المائة. وتشتهر عدد من مساجد المغرب باحتضانها للوافدين الجدد على الإسلام، نذكر منها مسجد الكتبية وأمة الله والهدى بمدينة مراكش، ومسجد الأندلس وعقبة بن نافع بالدار البيضاء، ومسجد الإمام مالك بسلا ومسجد علي بن أبي طالب بأكادير ومساجد أخرى.