رغم أن دلالة اسمه توحي بشخصية فنية مشرقية، إلا أن وديع شاكر لا يزال يقترن عند المراكشيين بمقرئ المدينة الحمراء المشهور والمحبوب، الذي يؤم آلاف المصلين بمسجد الكتبية التاريخي، حيث ترتفع صومعته في قلب المدينة الحمراء بالقرب من ساحة جامع الفنا الشهيرة عالميا. ولا يزال أهل مراكش يتذكرون قبل سنتين امتلاء مسجد الكتبية عن آخره واكتظاظ جنباته وساحاته الخارجية بجموع غفيرة من المصلين، ذكورا وإناثا، لأول مرة في تاريخه.. حيث كان الحدث هو أداء صلاة التراويح وراء المقرئ الشاب ذي الصوت الشجي "وديع شاكر"، الذي كان مشهورا بإمامة التراويح بمسجد القصبة القديم لسنوات. قصة قديمة مع القرآن، انتهت بحفظه في سنة.. ويطلعنا وديع، الموثق وخريج كلية الحقوق بمراكش، في حوار رمضاني مع "هسبريس"، عن بداية ارتباطه بالقرآن الكريم الذي انطلق منذ نعومة أظافره وبتشجيع من الوالدين مطالعة وقراءة وترتيلا، "في الوقت الذي كان فيه الحفظ متقطعا لانشغالي بالدراسة".. ليختم شاكر قصة علاقته الوجدانية مع كتاب الله بحفظه كاملا في ظرف سنة واحدة وهو في سن ال18 بمسجد "إيسيل"، على يد الشيخ الحسين عفيفي. ويقول المقرئ المراكشي، ذي 31 ربيعا، أن بداية إمامته للناس في التراويح بدأت عام 2001 بأحد المساجد الصغيرة باب دكالة، حيث كان الإقبال كبيرا على الصلاة ورائه والاستماع لتلاوته، قبل أن " أعود إلى مسجد إسيل الذي حفظت فيه القرآن، لأقضي سنتين أؤم تراويح رمضان هناك" يضيف وديع.. بعدها تشاء الأقدار أن ينتقل شاكر إلى مسجد المنصور، الشهير بمسجد "القصبة" بالمدينة القديمة، والذي يعتبر أقدم مساجد مراكش وأكبر المساجد العتيقة بالمغرب، حيث تقدم لإمامة آلاف المصلين 6 سنوات متتالية، استطاع من خلالها أن يثير إعجابهم بقرائته الفريدة والشجية المعتمدة على رواية ورش. "الكتبية"على موعد مع آلاف المصلين لأول مرة في تاريخها.. شهرة وديع شكير دفعت القيمين على الشأن الديني بالمدينة الحمراء، قبل سنتين، إلى اختياره لإمامة المصلين بمسجد الكتبية الشهير، الذي ظل سنوات طوال يعيش الفراغ النسبي وقت التراويح، إلا أن مجيء وديع شاكر اصطحب معه جموعا غفيرة من المصلين والمحبين الذي يأتون من كل جهات المدينة بكل وسائل النقل المتاحة. "شعور يثلج الصدر أن تؤم الآلاف.. أستشعر معه بحمل شعلة القرآن.. كيف لا وهو طريق إلى الدعوة إلى الله.. وهو ما يدفعني للعمل أكثر حتى أكون في المستوى المطلوب.."، يصف وديع شاكر شعوره وهو أمام الآلاف من المصلين. منظر يغري السياح.. ويفتح شهيتهم لاعتناق الإسلام كما لا يزال منظر جموع المصلين في ساحة الكتبية، التي تكتم أنفاس ساحة جامع الفنا ليصل صدى صوت المقرئ المراكشي إلى أبعد حد، يغري السياح الأجانب الذين يتربصون بصفوف المصلين لأخذ صور سياحية تذكارية لهذا المشهد غري الطبيعي.. والذي كان يفتح شهية بعضهم ليعلنوا إسلامهم غير ما مرة أمام وديع شاكر، الذي قال ل"هسبريس" أن عددهم بلغ 13 شخصا سنة 2010، و9 أشخاص في السنة الماضية، فيما دخل شخصان إلى رحاب الدين الإسلامي منذ بداية رمضان الحالي، يضيف وديع.. وعن إقبال الناس بشكل مكثف على المساجد خلال شهر الصيام، يرجع وديع الأسباب بالأساس إلى "موجة الصحوة" التي يعرفها العالم الإسلامي ومن ضمنه المغرب، حيث "اتسعت هاته الصحوة عبر القنوات الفضائية والأنترنت".. إضافة إلى "جودة المقرئين الذين يؤمون الناس في رمضان.. والذين يُمتّعون المصلين بأصواتهم"، على حد تعبيره. واجب تكريم حامل القرآن.. ويختم وديع شاكر الحوار بالدعوة إلى ضرورة اعتناء المسؤولين المغاربة بحمَلة القرآن الكريم وتكريمهم، "لأنه في نفس الوقت تكريم لكتاب الله"، مضيفا أن الاعتناء يجب أن يطال أيضا القيمين الدينيين وأئمة المساجد. واختار المقرئ وديع منبر هسبريس ليوجه رسالة شكر إلى والديه "الذين صبروا معي وشجعوني على حب القرآن وحفظه"، وكذا إلى كل "المقرئين المتطوعين من دكاترة وأساتذة وشباب.. الذين يؤمّون الناس في التراويح"، إضافة إلى كل "الساهرين على إنجاح هذا الحفل الرمضاني"، يختم وديع.