ما ينقصنا حقيقة هو ميثاق الشرف هو من الطينة التي تشتغل في هدوء وصمت، بل تفضل أن تكتوي بالنار وتتعرض للظلم دون أن يسمع لصوتها صدى، مدرب ما إن بدأ يشق طريقه بثبات ويلامس النجوم والكواكب والألقاب حتى أقفل راحلا مكرها لا بطل، مصطفى مديح الإطار الوطني المحترم والذي فضل الإلتحاق بدوحة المشاهير على إنتظار الوهم هنا، عاد في عطلته الشتوية، وكعادة >المنتخب< التي كانت السباقة لإثارة موضوع إنتدابه بقطر، آن لها أيضا أن تحاصره في دردشة تكشف أسرار الطبيب وبعضا مما يجول بخاطره· المنتخب: أكيد أنه كانت لك زيارات سابقة متقطعة للمغرب لكن اليوم على ما يبدو الأمر مختلفا أليس كذلك؟ مصطفى مديح: بداية لا يسعني إلا أن أهنأ عموم المغاربة والمسلمين بحلول السنة الهجرية الجديدة والتي أتمناها فاتحة يمن وخير للجميع، وعبر منبركم أؤكد أني ما عدت أحتمل ولا أطيق كثرة القول والحديث طالما أن استهلاكه لم يغير وقائع قائمة وقاتمة يعرفها الكل، حلولي اليوم بالمغرب هو لإستغلال فترة الإيقاف الممتدة لغاية 4 من شهر يناير أي يوم الأحد، قبل أن ندخل التباري مجددا بعد نحو أسبوعين آخرين، على أي لم يكن معقولا ولا منطقيا أن لا أستغل هذه الفترة كي أعود للإطمئنان على الأهل المنتخب: تبدو من سياق كلامك أنك لازلت تحمل بداخلك مؤاخذات ما؟ مصطفى مديح: وهل يهم ذلك؟ بل هل يغير من الواقع شيئا إن أنا أبرزت إحباطي؟ لا أعتقد أن هناك تيارا أو جهة يهمها الإنصات لأشباه مديح، هناك طينة وفئة مستفيدة تدخل ضمن صميم الخطط، أما أنا ومن سن لنفسه مذهبا خاصا ومستقلا عنوانه عزة النفس والإيمان بالمبادئ فأكيد أنه بات يغرد خارج السرب كما تقولون· المنتخب: هل لازلت موضوعا تحت صدمة ما عشته بخصوص دخولك خيارات الجامعة كإسم معني بمنصب من المناصب المطروحة؟ مصطفى مديح: قطعا لا، لأن الحياة من المفروض أن تستمر ومن المفروض أن لا تتوقف عند محطة صادمة، لأنه لولا الإيمان بالله أولا والنفس ثانيا لما كنت الآن واليوم في وضع أفضل مما كان متاحا لي، صحيح أنه بإسم الواجب الوطني أعلنت إستعدادي للتضحية بأشياء كثيرة لكن للأسف فحتى هذه التضحية لم يعد ممكنا أن نقدمها أمام حزام الأمان والردع المنصوب أمامنا· المنتخب: أعربت عن إرتياحك بوضعك الحالي، هل يلبي طموحات إطار من طينتك بما بلغته من إنجازات؟ مصطفى مديح: كيف لا أكون مرتاحا والتقدير يأتي من جهات ومن أناس تبعد بيننا وبينهم مسافة أميال طويلة، منتهى الترحيب والإقرار بالقيمة والكفاءة وكما تعرفني فأنا لست من الفئة التي يستهويها تمجيد الذات، لكن مع ذلك حين تكون موضوعا تحت طائل أو دائرة >الحگرة< يكون واجبا عليك أن تبرز أهليتك· المنتخب: ألمس تغييرا جوهريا طارئا على طريقة تحاورك هناك جرأة أو لنقل درجة زائدة من الإعتداد بالنفس عن السابق؟ مصطفى مديح: أبدا لم تكن هذه طريقتي ولا هوايتي، قلت لك أنه للأسف أن الجحود يولد أحيانا عاصفة من ردود الفعل التي قد تأتي في صورة الخروج من دوامة الخجل الذي لم ينفعنا في منظومة لا تعترف إلا بمن يجيد الإنبطاح والنفاق· المنتخب: لم أتلق إجابة صريحة ما قصدته هو هل الوكرة حاليا هي منتهى الطموح في أول إبحار خارجي؟ مصطفى مديح: ليس كذلك، هي مجرد بداية بما يشوبها من تضحيات مقدمة من أجل تثبيت الأقدام أولا وثانيا في أفق صناعة إسم يحظى بالإعتراف وثالثا البصمة التي تؤكد أنه بإمكاني أن أنجح في سياق مختلف· المنتخب: سمعنا عن طلب إعادة أو تمديد العقد لم تقبله ما الحقيقة؟ مصطفى مديح: هذا هو جوهر الإختلاف الحاصل بين الممارستين عندهم الكلمة تكفي وتنوب عن ألف عقد مبرم، الثقة المتبادلة مع الشيوخ وكلمة الشرف التي أعطيتها لهم تكفي· لقد أعربوا للوهلة الأولى عن عزمهم التمديد معي بشروط مختلفة واحتراما لهم ولنفسي فضلت تأجيل كل شيء· المنتخب: يحتل الفريق الوكراوي حاليا المرتبة الخامسة بفارق نقطتين عن الصف الرابع، هل أنت راض عن الحصيلة؟ مصطفى مديح: بشكل عام نعم قياسا بإمكانياتنا وما هو متاح أمام الآخرين، وثانيا الرضى جاء من مسؤولي الفريق الذين لمسوا تغيرات جوهرية كبيرة حصلت بالفريق وهذا أسعدني كثيرا· المنتخب: لكن الملاحظ هو التباين الكبير بين مستوى الدفاع والهجوم والحصص التي تخسرون بها ماذا يحصل؟ مصطفى مديح: هذه حقيقة حيث الوكرة هو من الفرق التي تقدم مستويات كبيرة جدا وتقدم أداءا فنيا راقيا وبحس هجومي رائع، الإنفتاح وتوثيق ثقافة كرة مختلفة كما أنشدها هو سبب ما أشرت ليه ونحن بصدد إصلاح ما يمكن إصلاحه· المنتخب: هل من إنتدابات جديدة خاصة وأننا سمعنا عن محاولة ضم العلاوي؟ مصطفى مديح: الجديد المفترض هو ضم المهاجم العراقي مصطفى كريم، صحيح أن العلاوي كان موضوعا في الإهتمام وشأنه شأن الفرنسي دارشوفيل، لكن هناك سقف محدد من الإمكانيات لا يمكن تجاوزه ولو أن اللجنة الأولمبية هي من تتكفل بكل شيء· المنتخب: أنت المدرب العربي الوحيد هناك كيف تعايش الوضع؟ وثانيا ألا تفكر في العودة للبطولة حاليا؟ مصطفى مديح: سأجيبك عن الشق الثاني إمكانية عودتي ليست واردة إطلاقا لاعتبارات أجملها أني ركبت صهوة تحدي مختلف وأريد النجاح فيه وأيضا لما توصلت إليه من استنتاجات تمس في الصميم افتقارنا لميثاق شرف حقيقي يحمينا كما جسدته حالة العبد الضعيف لله على أكثر من صعيد بدء من مناورات استهدفتني وتلتها عراقيل وضعت في طريقي وأنا مرتاح في غربتي بصعابها أما كمدرب عربي فبصدق أقول لك أني الإستثناء هناك الذي يشعرني بالفخر وثقل المسؤولية·