عدا التوشيحات الرمزية، الأدرع التذكارية والألقاب الفخرية·· يستحق الرجل توشيحا بميدالية الذهب المستحقة، وبدرع البطولة الفضي المستحدث وبلقب البطل الحقيقي المتوج بملئ الإستحقاق والجدارة·· لا لشيء سوى لأن الإنصاف يقول بهذا، وقمة المنطق والإنتصار لإبن البلد وإبن الجلدة تقولان أيضا بعدالة مطلقة أحيانا تحضر وأحايين كثيرة تغيب في عالم مستديرة منفوخة بريح الغذر، تقتضي أن يمضي الزاكي سحابة شهر ماي حيث تسدل الستارة على وقائع البطولة بتتويج البطل وتشييع النازلين على إيقاعات هودج الفرح كعريس للسنة· صحيح أن الطرح قد لا يروق لروماو ونسوره التي داست على البنزين وحفَّظت المرتبة الأولى في ملكيتها منذ مدة، ولا لفاخر الذي لا يريد لأي كان أن ينازعه حصاد الأرقام والبطولات محليا في قمة الإستئثار والإستحواذ الذي يحفظ الريادة ومعه العساكر، ولا حتى لبراتشي المدرب المنازَع في الكفاءة والأهلية والإقتدار وكأن ما يحصل عليه حاليا رفقة الجديدة لا يد ولا دخل له فيه، كما أن البعض قد يقرأ هذا التعاطف من قفاه، لكن باستحضار جوانب الموضوعية التي تدغدغ الذات فتدفعها دفعا إلى التأكيد على جنوح كهذا، قد يشفع في كثير من أوجهه أيضا تبني هذا التنجيم الذي قد تغالطه وترديه صريعا ومجرد قول للتأريخ قد يتعطل ويتأجل إلى حين، ما تبقى من وقائع بطولة بدأت تلفظ زمنها وتدخل مرحلة اللاعودة وشريط النهاية· أولا·· ما يجعل الزاكي كمدرب وطني ولج المهنة لإعتبارات العشق والتخصص وليس التطفل، بل مشبعا بثقافة التلقين والتوجيه المستلهم من أنماط إحترافية صرفة، قلت ما يجعله مستحقا للقب البطولة رفقة ناد من الأندية ولم لا هذا الموسم رفقة الوداد، هو التصميم والعزم، وهو الإيمان حد اليقين بالتخطيط والمسطر من البرامج، برغم كل معاول النسف، وكل غارات الغدر الموجهة صوب الظهر، وبرغم كل إرهاصات الضغط والتضييق الذي يخنق الضلوع عاشها الرجل وقاومها بمنتهى الإستبسال والشجاعة والثقة بالذات، وتجاوز كل حقول الألغام المنصوبة تحت الأقدام في صحراء مقفرة وموحشة·· وغيره كان من الممكن أن يضيع وسط كثبانها ويغرق في رملها وأحراشها لو لم يكن من معدن أصيل ومن فصيلة ناذرة كما هو حال الزاكي·· وخصال كهته وحدها دالة وتكفي لأن تجعل بالتبني أو التعاطف استحقاقه للبطولة· ثانيا·· كونه وبالتدرج من فتح الرباط، صوب شباب المحمدية فسبورتينغ سلا، الوداد في مرحلة سابقة، المغرب الفاسي والكوكب المراكشي، عاش تحديات الغوص في الأعماق بحثا عن المحارات واللآلئ النفيسة، في أكثر من محيط محمول على خصائص قلة الحيلة وضعف الإمكانات، ومع ذلك إستطاع في أكثر من مناسبة أن يغازل اللقب، قبل أن تخونه أمتار أخيرة تتداخل فيها لعبة >الإنس والجن< وتفرض عليه الرضى والقناعة بالنصيب، وتذكرون ما أنجزه ذات موسم هلامي مع السبورتينغ المنقرض وحتى وداده المحببة قبل أن تطوي سجلاته فتوحات ظلم ذوي القربى· ثالثا·· ردة الفعل القوية، صلابة الشخصية الرافضة للخنوع والإنكسار كما رشفها هو ورضعها، فغرسها في لاعبي فريق الوداد الذين تجاوزوا كل مراحل الشك والفراغ، فعادوا بإيمان قوي لا يتأتى إلا للمحترفين وإلا لكل ذي يقين مكين، ليذوبوا فوارق الرعب المرسومة بينهم وبين فرق الصدارة ويصبحوا رقما من الأرقام الصعبة المرشحة للتتويج، هو أيضا عامل من العوامل التي تكفل للزاكي تعاطفا على هذا النحو ويكافئه بمكافأة التتويج المستحق· رابعا·· بإعتباره لم يغلب جانب البراغماتية النفعية التي تقدس المبدأ الميكيافيلي القائل بأن الغاية تبرر الوسيلة، ففضل الجهر بقولة وصرخة حق في وجه الظلم الشائع وفي وجه غطرسة الفساد وسمومه المنفوثة في جسد كرة القدم المغربية، حتى ولو كلفه ذلك ما كلفه، ومع ذلك بكل صمود وإستماتة أكسبته إياهما مناعة الغدر كما عاشها في مراحل سابقة فلم يأبه لا بأحكام >السورسي< ولا حتى بالإعدام وأنجز عمله كما يقتضي ضميره أولا وأخلاقه ثانيا· خامسا·· كونه من القلة التي تحترم نفسها ومعها الجمهور، وتقدس القميص الذي تدافع عن مشاريعه، ولا تبدي تشبتا حد النخاع بالمنصب، لذلك حين أدرك أنه ببقائه ستصبح مصالح الوداد مستهدفة فضل التنحي وأن يركن جانبا، قبل أن يعود بوصايا الإجماع وحشد الأغلبية المطلقة أيضا· سادسا·· لأنه مغربي رفقة فاخر يصارعان طموحات أجنبيين واحد لدغ الوداد ذات يوم بلدغة الغدر اقتضت من الفشتالي وصفه بالمرتزق وهو روماو حين ترك البطل وحيدا وأقفل راحلا صوب الخليج، والثاني براتشي بين محطات (الفتح، خريبكةوالجديدة) أجمعت الأمة التي لا تجتمع على ضلالة على أنه محظوظ ولا يستحق وشاح البطولة· أما فاخر فلقد إستلذ وذاق حلاوة وشهد التتويج قبلا، لذلك المنطق يقول بأن يتقوى ويترصع سجل إطار وطني بلقب البطولة في إطار نصرة الأخ والزاكي أفضل من يمثله· وسابعا·· إليادة النصر لاعبا وحارسا، تمثال الفخر والشرف محترفا، أسطورة حماية العرين زمن العمالقة، إخراجه للألوف المؤلفة من شعب الكرة للشارع، واحدة بعد المونديال الأنطولوجي بالمكسيك والثانية بعد ملحمة بلاد قرطاج، وأيضا سعيه الحثيث لأن يتدثر بثوب البطولة رفقة الفريق الذي صنع إسمه·· هذه وغيرها تقول بأن الزاكي آن له أن يلحق بركب العماري، الخميري، الخلفي، فاخر ومديح وأن يتوج بلقب البطولة مدربا، وخاصة ليرد على تيار الغدر (الذي تزعمه أوزال) الذي نال منه، وهو يجرده في نفس السنة من عودة مشروعة لمحراب الأسود بأنه أهل للثقة، أهل للإحترام وأهل للتتويج أيضا·