شيء طبيعي أن يتوجس الجمهور المغربي من العرض المتوسط للمنتخب الوطني أمام المنتخب الليبي في أولى الحلقات الرسمية لإقصائيات كأس إفريقيا المقبلة، وشيء طبيعي أن لا نقبل بهذا الواقع الذي يجعل المنتخب الوطني عرضة للشك بين جدية ما هو ودي ووضاعة ما هو رسمي، صحيح أن المقارنات الواضحة بين ليبيا والأسود تجسدت في العيارات والتنافسية التي زكت قوة الأسود على الورق ولكنها تباينت في النتيجة الصعبة التي كرستها عوامل القراءة التقنية للشاكلة والتشكيلة بين فوارق الجولة الأولى والجولة الثانية أمام منتخب ليبي لا يتمتع بنفس قوة الأسود. والحقيقة أن نظام اللعب أساسا من العمق الدفاعي إلى البناء الهجومي وإلى الحسم هي النقط السوداء التي غيبت هذا التوازن النظامي بين دفاع محكم رغم أن به عوائق هامشية في التثاقل والأخطاء المحسوبة، وبين وسط مسن لا يمكن أن يتفاعل مع قوى وسطية لمنتخبات إفريقية هي بنفس الدرجة التنافسية للأسود، وبين صناعة اللعب المغيبة في إيصال اللمسة الأخيرة، وبين قناصة أنانيين لأسباب غير مفهومة. وهذه الأشكال هي التي قزمت الأسود أمام منتخب ليبي طرح النقاش على المستوى الدفاعي كأرضية لجر الأسود وإنهاكه بدنيا من أجل المضاد، كما أن قتامة الأداء على مستوى طرح التشكيلة الأولى كان خاطئا لدى الزاكي عندما سطر المواجهة على نحو الهجوم النفات بوضع مهاجمين عاكسا تماما حقيقة ما كنا ننتظره من حمد الله وياجور في وقت كان العرابي هو العنصر المرحب به كصانع أفراح ناديه غرناطة خلال الشهرين الأخيرين من الليغا عكس حمد الله الذي إجتر ذيول الإصابة، فيما أبانت حقيقة ياجور أنه معمول للحظات الأخيرة أو جولة واحدة من اللقاء ككل. وهذا الطرح النظامي للعب غيب من جانب آخر رجل المبادرة البنائية المفروض أن يكون هو محور التمريرات الملتهبة أو من يفك الكثير من الرموز والجمل التكتيكية مثلما فعله القادوري أصلا كصانع ألعاب، ولو كان بجانبه بوصوفة مثلا، لشاهدنا فصلا من الإثارة الجوهرية لصناع القرار، وربما صنع أكثر من هدف، ولربما كانت الحصة كبيرة أمام خصم أبان في الجولة الثانية إنهياره البدني. وعندما يتحدث عن نهاية موسم كروي وتداعياته البدنية لدى المحترفين، فليس معناه التحجج أمام وقائع تبدو اليوم في الكوبا أمريكا أكثر قوة وشراسة وحضورا بدنيا عاليا رغم اختلاف الأحداث، ولكن حدث الأسود أمام ليبيا ليس بمقاس الكوبا أمريكا، وكان من المفروض أن يأكل الأسود مباراتهم بالشراهة والقتالية مع نظام لعب صارم وطيور سريعة لا متثاقلة حتى نستشف معا ذلكم الثقة التي كنا نبحث عنها في تناغم المجموعة وتقديم الصورة المثلى أمام الأوروغواي. وهنا يمكن تأكيد ما معنى أن تسجل كثيرا في عملة التهديف الذي يرفع درجات النسبة العامة، ومنتخب الرأس الأخضر شكل هذا المعطى الرقمي أمام منتخب ساوتومي واجتاحه بالشراسة رغم تواضعة، ويعرف أن ما فعله هو الصواب لمنازعة المنتخب المغربي في حلقات المباريات المقبلة. ولذلك لا يمكن أن يلعب المنتخب الوطني على نار التواضع في خضم معركة نعرف أن الزاكي يرسم خطواتها المستقبلية مع منتخب وطني متكامل الأوتاد وبنواة تتسع تدريجيا، لكن ليس بهده الدرجة من الإحتشام على مستوى صناعة اللعب المغيبة في مباراة سهلة أمام منتخب متهالك تطور ورفع درجة الثقة بعد فوزه الكبير على تونس الخميس الماضي في الشق الخاص بكأس إفريقيا للمحليين. ما يعني أن تواضع الأسود مسبقا في مباراة أكثر من عادية سيحمله تبعات أكثر شراسة في مباريات من العيار الثقيل حتى أمام الرأس الأخضر الذي أصبح كما تعهدنا به سابقا من المنتخبات القوية لأسطوله البرتغالي المحترف. ولذلك يجب أن يقرأ الزاكي تفاصيل ما حدث ليس من باب التراكمات البدنية لموسم شاق للمحترفين ولكن من باب الإختيارات البشرية أولا قبل الخطة التي يبنى عليها أي عمق على كل الخطوط الرئيسة . وقد تنقلب هذه المعوقات مع بداية الموسم الكروي القادم علما أن مباراة ساوتومي المنتخب الذي سينازله الأسود لأول مرة في تاريخه تعتبر بالمباراة المحددة للمسار الثاني بعد تداعيات مباراة ليبيا والراس الاخضر، وفي تلك إشارة قوية من ان منافس المغرب الحقيقي هو الرأس الأخضر، وتجاوز بالقتالية هو التاهل بعينه.