قادمون إلى المغرب لنفوز باللقب العالمي ثقافة الباييرن تحث على عقلية الإنتصار وعلى المنافسة على كل الألقاب سعداء بأن نكون ضيوفا على أكادير أول قبلة للسياح الألمان راهنا على فكر غوارديولا لندعم منظومة اللعب هذا ما أذكره عن مباراتنا أمام المغرب بمكسيكو 86 لا يمكنك وأنت تجلس لتتحدث إلى كارل هانز رومينيغي أن لا تقف عند تركيبة الرجل الفكرية والرياضية، الرجل الذي كان ذات وقت ملهم زمانه وأحد كبار نجوم كرة القدم الألمانية الذي غطى ملاعب العالم بستائر من متعته وسحره، هو من ووصف من قبل مؤرخي الإبداع الكروي على أنه أمهر المهاجمين الذين عرفهم القرن العشرون، والرجل الذي يقف اليوم مسؤولا عن قلعة باييرن ميونيخ الذي فيه تربى وفيه نشأ وفيه إرتوى ونهل من معين الإبداع. شخصية جذابة ومحادث ذكي وروح سمحة وأخلاق عالية تبطل كل عجب في أن كارل هانز رومينيغي كان في زمانه لاعبا أسطوريا وكيف أنه اليوم قائد محنك. «المنتخب» زارت كارل بمكتبه بإدارة الباييرن وأبحرت معه إلى عوالم قديمة وجديدة فكان هذا الحوار الحصري العميق والغني بالدلالات على قيمة العمل وعلى سعة النجاح. - المنتخب: هل تتفاءلون بأن هذه الكأس العالمية تقام بالمغرب؟ كارل هانز رومينيغي: متفائلون نعم، ولكن أكثر من ذلك نحن سعداء لأن للمغرب مكانة خاصة في قلوب الألمان ولأنني أعرف أيضا أن نادي باييرن ميونيخ له مريدون وعاشقون بالمغرب وبأننا لن نكون هناك غرباء، أنا أرى أن نلعب بالمغرب وهو الذي يقع على بعد ثلاث ساعات من السفر بالطائرة عن ميونيخ أفضل بكثير من أن نلعب على بعد عشر أو 11 ساعة طيران من ميونيخ، ثم إن الشيء الملفت للإنتباه أن مدينة أكادير التي سنلعب مباراتنا الأولى هي الوجهة المفضلة الأولى للسياح الألمان، ما يعني أننا سنكون مدعومين بالآلاف من جماهيرنا ومن المغاربة الذين تعلقوا منذ سنوات بنادي باييرن ميونيخ. - المنتخب: سيكون عليكم بداية مواجهة غوانغزو الصيني، هل أنتم مستعدون لهذا الرهان؟ كارل هانز رومينيغي: البعض يقول على أننا الأوفر حظا ببفوز بلقب النسخة العاشرة لكأس العالم للأندية وهذا الأمر يحتاج إلى تأكيد على أرضية الملعب، فلا أحد يتوج بطلا على الورق، بل إن ذلك يكون بتقديم الجهد والأداء الذي تتفوق به على منافسيك، وقبل أن نفكر في المباراة النهائية التي هي جسر عبور للصعود إلى أعلي درجات البوديوم علينا أن نفكر في المباراة التي تسبق اللقاء الختامي، إنها مباراة نصف النهاية التي سنلعبها غوانغزو الصيني، الذي يمتلك حماسا منقطع النظير ويتمتع بكونه مؤطر من مدرب كبير وعالمي هو الإيطالي مارتشيلو ليبي. أنا واثق من أن عبور حاجز النصف يحتاج إلى جهد وتركيز كبيرين، فليست هناك مباراة تربح خارج المستطيل الأخضر. - المنتخب: إذا أنت لست ممن يتكهنون بمباراة نهائية بين باييرن ميونيخ وأتلتيكو مينيرو البرازيلي؟ كارل هانز رومينيغي: لا.. الأمر لا يتوقف عند التكهنات، قد تكون هذه هي المباراة المثالية لتختتم بها كأس العالم للأندية، ولكن على باييرن ميونيخ وعلى أتلتيكو مينيرو أن يعبرا أولا حاجز النصف قبل التفكير في المباراة النهائية، وأعتقد أن السيد بيب غوارديولا يعي جيدا هذا الأمر ويعرف أن حديث التكهنات والترجيحات لا يمكن أن يؤثر لا سلبا ولا إيجابا على تركيز اللاعبين. - المنتخب: هل تعرفتم على ملعبي أكادير ومراكش اللذين ستلعبان فيهما مباراتيكما في كأس العالم للأندية؟ كارل هانز رومينيغي: نعم تعرفنا على الملعبين وهما بالقطع تحفتان جميلتان، وسنكون محظوظين باللعب في ملاعب بمثل هذا الفسيفساء الجميل وهذا التركيب الهندسي الرائع، وأتمنى صادقا أن يكون باييرن ميونيخ مساهما في ترك بصمة تاريخية يذكر بها من رواد هاذين الملعبين. - المنتخب: تعاقدتم هذا الموسم مع بيب غوارديولا ليخلف مدربا أسطوريا هو يوب هاينكيس، ألم تكن هذه مغامرة أقرب منها إلى المجازفة؟ كارل هانز رومينيغي: عندما يتعلق الأمر بإدارة أعمال فريق من قيمة باييرن ميونيخ بتاريخه ومرجعيته فإن كل شيء يتم حسابه بدقة، هناك فكر إستباقي وهناك فكر يحاول التطابق مع راهن الفريق، كما قلتم فإن يوب هاينكيس إستحق أن ينتمي إلى فصيلة العظماء داخل باييرن ميونيخ، فقد قاد الفريق إلى الفوز بثلاثية تاريخية، وعندما كان لا بد من إحترام إرادته بالذهاب كان علينا أن نفكر في مدرب يستطيع أن يخلفه ويكون من نفسه مقاسه الفني والتكتيكي والرياضي، وقد أخذنا كامل الوقت لنجد الرجل الأنسب للمرحلة، وأعتقد أننا لم نندم على أننا إرتبطنا بالإسباني بيب غوارديولا الذي أحدث كما تعرفون ثورة في عالم كرة القدم الحديث عندما قدم لنا جميعا في السنوات الأخيرة نادي برشلونة بصورة الفريق الخارق الذي تمكن من إحراز العديد من الألقاب المحلية والدولية في ظرف زمني قياسي. - المنتخب: هل فكرتم في غوارديولا في محاولة لنسخ منظومة لعب برشلونة؟ كارل هانز رومينيغي: أبدا، من يعرف باييرن ميونيخ يعرف أن لها مرجعية وهوية ومنظومة رياضية قائمة بذاتها هي أصل شخصية الفريق التي لا يمكن أن تتغير في العمق، باييرن ميونيخ التي جاءها غوارديولا مدربا هي بطلة أوروبا وهي الحاملة لثلاثية تاريخية وهي الباييرن التي كانت على الدوام من كبار قارة أوروبا، لذلك راهنا في غوارديولا على فكر ثوري يستطيع أن يعطي لمنظومة لعب باييرن أجنحة أخرى لتحلق بعيدا عن النمطية وعن الإحتباس الذي يصيب بين الفينة والأخرى كل فريق وصل إلى القمة. وأتصور ونحن نشاهد اليوم الشكل الذي يلعب به باييرن ودرجة التغيير التي حدثت بهدوء في مضمون اللعب يقول بأننا كنا على حق في إرتباطنا بغوارديولا، الفكر والشخصية والقائد الذي يلهم العناصر من أجل أن تكون بالصورة التي يرضاها. - المنتخب: إذا طموحكم هو الفوز بكأس العالم للأندية وبالإحتفاظ أيضا بلقب عصبة الأبطال الأوروبية واحتكار الفوز بلقب البوندسليغا؟ كارل هانز رومينيغي: كما قلت سابقا، نحن نطمح باستمرار إلى أن نفوز بكل الألقاب الممكنة وهذا الأمر يستدعي وجود عقلية إنتصارية مترسخة لدى اللاعبين لا تجعلهم يصلون تحت أي سبب إلى حالة الإشباع، وبالطبع لكي نصل إلى هذه المرحلة التي تعبر عن النهم الكبير في الفوز بالألقاب، علينا أن نتسلح بمنظومة لعب لا يستطيع الآخرون إبطال مفعولها أو الحد من فاعليتها، إذا نحن فريق تدفعه مرجعيته إلى البحث دوما عن الألقاب، لذلك سنحضر إلى المغرب لنعود إلى ميونيخ بلقب عالمي يكون أغلى هدية لجماهيرنا في أعياد نهاية السنة. - المنتخب: كيف تديرون تعاقداتكم مع النجوم؟ كارل هانز رومينيغي: نديرها بعيدا عن الشراهة وعن المزايدات، نديرها بشكل يتطابق مع إمكانياتها ومع السقف الذي نحدده سلفا، ولا نسعى وراء اللاعبين الذين لا يتجاوبون مع مشروع اللعب مهما كان وزنهم ومهما كانت قيمتهم، لذلك تجدون الباييرن يشتغل في صمت من أجل تصميم تعاقداته الصيفية والشتوية ويحرص أكثر على الإعتماد على اللاعبين الذين ينتجهم مركز التكوين. - المنتخب: قررتم أن لا تكون هناك تعاقدات في الميركاتو الشتوي برغم بعض الإصابات الموجودة عند لاعبيكم، هل لديكم الإقتناع بأن الرصيد البشري الموجود كاف لربح رهانات الموسم الكثيرة؟ كارل هانز رومينيغي: ليس هناك قرار تتبناه إدارة الفريق إلا بالتشاور مع كل القطاعات، وأمر الإنتدابات موكول بالكامل تقنيا للمدرب غوارديولا الذي قرر بأن التشكيل البشري الموجود حاليا كاف لنصارع على كل الواجهات التي تحدثتم عنها. - المنتخب: كارل، هل تسمح بأن نعود بذاكرتك إلى 27 سنة خلت؟ كارل هانز رومينيغي: (ضاحكا) أعرف ماذا تقصدون. المنتخب: (مقاطعين) بالتأكيد فنحن نقصد سنة 1986 عندما خضت وأنت عميدا لمنتخب ألمانيا مباراة نعتبرها نحن كمغاربة تاريخية أمام أسود الأطلس، بماذا تحتفظ في ذاكرتك عن هذه المباراة؟ كارل هانز رومينيغي: (أخذ وقتا طويلا ثم قال) كان حدثا خاصا فقد أجبرتني مناسبة دور ثمن النهائي لكأس العالم أمام منتخب مغربي شهد الكل بعبقريته وهو يتجاوز في الدور الأول لمونديال المكسيك منتخبات كبيرة مثل إنجلترا، بولونيا والبرتغال، أجبرتني تلك المناسبة على أن أغالب إصابة في الفخد لأحضر مع زملائي مباراة أجمعنا كلنا قبل إجرائها على أنها ستكون مباراة قوية ومثيرة وسنحتاج فيها إلى كل أسلحتنا النفسية والتقنية وإلى كل خبرتنا لنتجاوز منتخبا عنيدا هو منتخب المغرب. والذين يذكرون تلك المباراة، أو الذين لم يشاهدوها وأنصحهم بالعودة لمشاهدتها يعرفون أنها كانت مباراة قوية للغاية، لم نعرف فيها طريقا إلى مرمى المنتخب المغربي بسبب العمق الدفاعي الجيد للمغاربة وقوة وسط ميدانهم، ومن الفرص القليلة التي أتيحت لنا تلك التي كنت فيها منفردا بالحارس الزاكي وسددت الكرة بطريقة أكروباتية، واعتقدت أنه الهدف لأن كرة مسددة بتلك الطريقة يستحيل على حراس المرمى صدها، وكانت المفاجأة كبيرة عندما شاهدت الحارس الزاكي بردة فعل إستثنائية يمنع عن مرماه هدفا محققا، لقد كان بالفعل أفضل حراس المرمى خلال هذا المونديال، وأرجوكم بهذه المناسبة أن تبلغوه تحياتي. - المنتخب: تلك المباراة فزتم فيها بهدف للمدفعي لوتار ماتيوس قبل دقيقتين من نهاية وقتها الأصلي؟ كارل هانز رومينيغي: (يفتح عينيه وكأنه يرى شيئا يأتي من بعيد) أذكر أن الحكم إحتسب لنا ضربة خطأ مباشرة من على بعد 35 مترا، وأذكر أنني إنزعجت عندما وجدت لوتار ماتيوس يتبث الكرة ويستعد لتسديدها مباشرة برغم أنني كنت أعرف مهارته في التسديد، هالني الأمر، فتقدمت إليه وقلت له بهذه العبارة «هل أنت مجنون؟ من يستطيع أن يسجل على حارس مثل هذا من هذه المسافة؟»، لقد قلت ذلك صادقا لأنني رأيت بأم العين حارسا عملاقا صد كرات أعتى من تلك وما من أحد يجرؤ على أن يفكر في التسجيل بمرماه من تلك المسافة، لسخرية القدر ولحظنا أن هناك جزئيات لعبت لصالح لوتار ماتيوس، فقد سدد بقوة ومرت الكرة من ثقب صغير لتصل إلى المرمى من دون أن يقدر الحارس الزاكي على صدها، وقد كانت هذه من اللحظات المثيرة في تلك الكأس العالمية التي وصلنا إلى مباراتها النهائية وواجهنا خلالها منتخبا كان يقوده أسطورة إسمه دييغو أرماندو مارادونا. - المنتخب: هل تفكرون في إفتتاح أكاديمية بالمغرب على غرار ما تفعله الأندية العريقة؟ كارل هانز رومينيغي: نحن لنا مقاربة خاصة لا نريد أن ننشأ أكاديميات في أي من الدول التي نحترمها بهدف الربح أو المتاجرة، وإن فكرنا في إنشاء أكاديمية بالمغرب فسننشؤها لنساعد كرة القدم المغربية على أن تتطور وعلى أن تسرع الخطى في مشوارها الإحترافي. - المنتخب: طيب، هل ستفكرون في إقامة تربصات تحضيرية بالمغرب؟ كارل هانز رومينيغي: ستكون كأس العالم مناسبة لنكتشف المغرب وإن كنت أنا شخصيا أعرف عنه الشيء الكثير لأنني زرته عندما كنت لاعبا بصفوف أنتير ميلان الإيطالي، وإذا ما وجدنا كإدارة وكجهاز فني ما يشجع على المجيء إلى المغرب فسنكون سعداء بذلك، علما بأن لنا تعاقدات حاليا تجعلنا نتوجه إلى غرب آسيا. حاوره بميونيخ: