الميرحاضو الصيفي لا تختلف مراكز التكوين التي بشرت بها الجامعة ضمن ورشها الإحترافي، عن مشروع حانوتي الذي استقدمه وزير الشباب والرياضة السابق والذي خرج من مولده المعطلون بلا حمص.. مشروع مفلس من ألفه ليائه، والحصيلة أن العاصفة التي تجنيها المنتخبات الوطنية أينما ولت وجهها، هي ثمرة الريح التي زرعتها في خريفها الطويل، لا باكورة و لا فراخ وكلما داهمنا موعد ميركاتو بالصيف كما بالشتاء، إلا ونقف على حجم الخطب وهول المصاب باستهلاك بضاعة تكشف أن التكوين هو مجرد عنوان في «فيترينة «أندية تدمن «البيريمي».. الميركاتو عادة هو عنوان وعلامة باب الدار، سوق تكشف عن غطاء الموارد و «قياس البراد»، كما يمكنه أن يفضح شعارات تستهلك في بلاطوهات التلفزيون وفي الندوات، وفي مطلق الأحوال هو السيرك الكبير الذي يتم تنصيبه مرتين في السنة لترويج بضاعة كاسدة بأسعار لا تخضع للجان التفتيش ومديريات المراقبة. الذين راهنوا على أن المغرب في معزل عن الأزمة الإقتصادية العالمية، أدركوا عكس هذه الحقيقة من خلال امتداد فيروس الأزمة للكرة ولرؤساء دخلوا محراب الأندية ب «صبابيطهم» واليوم يهرولون صوب جحورهم في تقشف يكشف حقيقة قديمة هي أن «دخول الحمام ليس كالخروج منه». المغرب لا يختلف عن «ماما» فرنسا، هناك لا حياة إلا لفريقي الإمارة موناكو الذي يغرف من براميل بترول الروس وفريق العاصمة الباريسي الذي يرفل في نعيم أهل الدوحة، البقية بفرنسا كلها تحتضر وكلها تئن تحت وطأة الخصاص والجوع وتعصر الفرنك قبل أن تضعه رهن إشارة لاعب علا أو صغر شأنه. وهنا لا حراك إلا للرجاء، ومعه الجيش الملكي في حين تقتات البقية على الفتات وما عافه السبعان، وحتى هذان الكبيران لم يسلما من شر بلية الشراء الذي يكشف العيوب، إذ من المفروض أن الأول ظل على الدوام أكبر مصدر لبضاعته في البطولة بمدرسته الرائدة، والثاني بمركزه العالمي الذي يقدم ناشئين بتقسيط غير مريح. هو ميرحاضو لأن رائحته التي تزكم الأنوف، تعكس أكذوبة التكوين الذي لم يقدم لنا لليوم لاعبا واحدا صالحا في البطولة منطلق من واحد من المراكز المبشر بها. ولأنه الميرحاضو الذي يتبارى فيه المضاربون على رفع أسعار لاعبين لما فوق الخطوط البنفسجية، وحين ثارت ثائرة الوزير للمطالبة بفرض ضرائب تغني خزينة الدولة على مدخول يفوق ما يتقاضاه وزراء حكومته، إنتفض الرؤساء والمسيرون وادعوا حالة عسر مزمن ووقفوا عند ويل للمصلين.. قبل سنوات دخل أكرم بصدر مفتوح وبقلب جامد السوق، واليوم لا يكاد يتجرأ إلا على بضاعة العموري والصخور السوداء بعد أن أدرك أن للباكور سبعة أيام وتنتهي صلاحيته. جاء أبرون ومهد لثورة حولته لأبرنوفيش الشمال، على مستوى التعاقدات والرواتب، وبعد أن جمع كل الغلة في سانية الرمل، وترك الرغوة لباقي الفرق، عاد لينكمشبعد أن أدرك أن بعض اللاعبين يجيدون أكل الغلة في الصيف و يسبون الملة في منتصف البطولة.. دخل بناني غمار التسيير بقلب أسد، فاشترى كل بضاعة زمور بالجملة بعد مزاد الكرتيلي الشهير، قبل أن يعرض لاحقا الشيحاني وفهيم وبلعمري في السوق بالتقسيط، في عملية خاسرة فرضت عليه أداء زكاة منصب داخله مفقود والخارج منه مولود، لذلك فهم بناني اللعبة متأخرا فأصبح يدقق في هوية الوافدين ويبحث بعمق في سجلاتهم.. اليوم بودريقة لم يتأخر في أن يدوس على الفرامل، فقد دخل رحاب الرجاء العالمي بشرائه فريقا بأكمله، وحتى دون أن يطفئ شمعته الأولى عاد ليدخل «سوق راسو» قبل دخول سوق لاعبين من يتسحر على وعودهم، يصبح فاطرا بعد أن جرب مقالب التنقل بين الدارالبيضاء ومراكش ليخطب ود حارس ومراوغ.. تتعصر الفرق ومدربيها اليوم بحثا عن لاعبين لتزييت المحرك فلا تهتدي للعملة الصعبة البيضاء التي تنفعها في اليوم الأسود، وفرق تنتدب لاعبين لصفوفها بإشارات من اختيار علماء وفقهاء في ظل غياب مدرب يقضي إجازته في بلده أو مدرب في منفى من اختياره، وأندية تضع مبالغ جد معتبرة رهن تصرف لاعبين بلغوا من الثلاثين عتيا.. كلها إشارات تلخص واقع الحال الذي يختصر الحكاية في أن أصحاب مراكز التكوين لا يختلفون عن أهل الكهف. ميركاتو تروج فيه البضاعة أكثر من مرة، ويتنزه فيه اللاعب عشرات المرات بين نفس الفرق وتغيب فيه شمس الناشئ.. هو ميركاتو على وزن ميرحاضو..