بإنبلاج فجر هذا اليوم يكون قد مر شهر بالتمام والكمال على ما إصطلح عليه >بانقلاب الصخيرات< والتناظر الذي قيل أنه جاء بعد إنصرام نصف من قرن من ذلك الذي شهدته ستينية الألفية المنقضية ليؤسس لعهد جديد، لحقبة أخرى ولفترة مضيئة ومشعة في تاريخ ممارسة رياضية تموت موتها الزؤام وتحتضر في بطء، وحلت عليها لعنة السماء وغضب الأرض، مجسدا في كل ما حبلت به الرسالة المولوية السامية كما تلاها مستشار جلالة الملك محمد السادس السيد محمد المعتصم بفصاحة وبيان علها تطرد غشاوة الجشع عن من في قلبه دَخَل وتَئِدُ ترانيم الطبع كما يتلوها يوميا صقور ألفوا وثيرية الكراسي وخلبهم سلطان القرار، فقرروا ضرب مسمار جحا الذي يخلد بهم إلى أن يقضي الله أمرا كان مفعولا·· مر شهر إذن ولا حياة لمن تنادي ولا بارقة لاحت في الأفق وما أشبه اليوم بالبارحة، لازمة وموال من عاين أو يعاين مشهدا ممجوجا، محكوما بقضبة عنترية لمن يغازلون الخلود ويجهلون أن من ينازع الرحمان في ردائي الكبرياء والخلود كفيل هو بسحقه·· وحدهما رجلان خرجا عن مألوف القاعدة وشدا عن سياقها، الأول هو الزاكي أيقونة كرة القدم المغربية، جوهرة زمانها وزمردة المرمى وأسطورة العصر والأوان، واحد من الفرسان الأشاوس الذين بصموا على حضور ألمعي، بطولي أشبه بالظواهر الفريدة التي تأتي على فترات متباعدة من الزمن، بل البعض يشبهه بالنيازك التي قلما تتكرر·· الزاكي وحده خرج عن صمته واستعار صوت الحق لينطق ويعبر، ليرسم أخاديد دونكيشوطية تحارب طواحين الهواء والظلم في آن واحد··· شهم في أفعاله، صادق في تعابيره، يخونه أحيانا حدس ونبل الإحتراف لأنه رمى به في برك الهواية الآسنة وفي غابة بقانون خاص تستضعف الضعيف وتزيد في ظهر المعلوف >شحمة< إضافية·· الزاكي ضحية الزمان الذي حكم عليه كما حكم على كل حليم بأن يعيش حيرانا تحت سطوة قسطاس وظلم وكيل بمكاييل عفَّ عنها الدهر وصنفت ضمن إطار المتجاوز من الحقب الظلامية الموصوفة بسنوات الجمر·· الزاكي وجدته متحشرج الصوت، تخونه الكلمات، يهمهم ويتمتم بما يفيض به صدره الكبير وعلى ذات قدر شموخه وسمو ونبل أفعاله دون أن أرتقي به لدرجة التنزيه، وجدته مهزوما، مكسور الوجدان والخاطر، مدمرا من الداخل لينتهي به المطاف كما ينتهي المطاف بأي محارب شجاع يلمس الخسة والندالة والجبن في منافسه وغريمه في ساحة المعركة، مستسلما لضربات تحت الحزام التي يتلقاها ومعلنا إنسحابه وليس إشهاره للراية البيضاء لأنها بئس الحرب وبئس المعركة·· أن يعلن الزاكي إستقالته فلأن كيل المحسوبية، الزبونية، النفعية البراغماتية واللامسؤولية قد طفح به، لأن قيم العدل والنبل والنزاهة والموضوعية والحيادية والمصداقية أصبحت عملات محسوبة على زمن حمورابي وقوانين بابل الفانية·· الزاكي عذرا وعذرا مجددا فلست محسوبا على أسرة الزاكي الصغيرة، الزاكي هو نبتة طيبة وفسيلة حسنة وبذرة مباركة من بذرات هذا الوطن الذي معه وبه عَرَّفْنَا بمن هم وراء الضفة الأخرى المقابلة من تكون كرتنا وكيف يحترمونها، لذلك أنت محسوب على أسرة واسعة مكونة من 30 مليونا، وكما تقول جماهير ليفربول حين تبلغ درجات الحب بها لفريق الحوض الأكبر مبلغا جنونيا نقول لك >لن تذهب وحيدا<· لقد غير الزاكي لوحده أو بالكاد أراد تغيير واقع بقولة حق وبحركة فيها جرعة جرأة زيادة، لكن على الأقل يستحق منا أجر المجتهد لا حكم التيئيس والإعدام البطيء هكذا قرأ الزاكي مضامين المناظرة وهكذا حاول تطبيقها· مقابل الزاكي إليكم عينة ثانية لرجل حاول تطبيق قرارات الصخيرات بطريقته، إنه الكرتيلي الذي فرض بطريقته على بندرويش أن يطبق التوصيات السابقة بمضمون >قم للرئيس وفيه التبجيلا كاد الرئيس أن يكون رسولا<·· فقد وقف الجميع لمطالبته بترشيحه رئيسا مجددا لعصبة الغرب ومن يدري قد يكون أبديا بمنتهى الديموقراطية النافية للتعددية والمؤمنة بالرجل الواحد، لعل الرجل بدأ من الآن حركات إحماء تسبق الإنتخابات البلدية بحامية زمور 2009، والطريف في الأمر أن الجمع العام لعصبة الغرب حمل عنوانا جذابا >من أجل تفصيل الرسالة الملكية< أو التوجهات الملكية فكلاهما يصبان في نفس الإطار كما قال الفقيه النصيري قبل أن يلبس ثوب الإحرام والعراب الكرتيلي وهو الإقرار والإعتراف لجيل الرواد، لصقور القرار، بالفضل على كرتنا الوطنية بما يكافئ سرمدية بقائهم لأنهم ضمن زمرة >إلا من رحم ربي< التي يمثلها مجيد، غزالي، الطاطبي والحاج العبدي· بين الكرتيلي الذي طالب بالعمارية وهودجها لحمله بعد إعادة ولايته في واحدة من القبعات التي يتباهى وبين جرأة الزاكي وقراره ترك الجمل بما حمل، إختلف واقع رجلين جمعت بينهما المحبة يوما وفرقت بينهما أهواء الكراسي·