يا طوسي ما يهزك ريح كنت واهما في ما يبدو، عندما توقعت أن تهيء الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم وهي تؤسس لمقاربة جديدة في التواصل مع محيطها وبخاصة مع الرأي العام الذي يأتمن الإعلام على إخباره، تقوم ردا رادعا وفحما على ما حملته قصاصات الأخبار، من أنها أي الجامعة، فاوضت الفرنسي إيلي بوب المدرب الحالي لأولمبيك مارسيليا ليخلف رشيد الطوسي على رأس الفريق الوطني عندما يصل العقد إلى نهايته وبراتب شهري يصل إلى 200 مليون سنتيم. كنت واهما لأن الجامعة لم يرف لها رمش لما سمعت، ولم تر في هذا الذي جرى الترويج له في سياق زمني بالغ الحساسية وبتفاصيل باعثة على الإستغراب والشك مدعاة للقلق ولا موجبا للرد بالنفي وكأن الجامعة لم تستفد مما تداعى أمامها من دروس قاسية أو كأنها لم تتعظ مما أورثه هذا الجفاء المبطن الذي أظهرته على الدوام مع ما يشغل الرأي العام الوطني، إنها على إستعداد لأن تلدغ من جحر اللامبالاة إلى ما لا نهاية. لو كان ما قيل أو ما جرى الترويج له من فعل الصحافة الوطنية لقبلنا بالأمر على مضض، لأن الجامعة تعودت على «التطناش» وأخلصت من منظورها المعتل بكل حروف العلة الممكنة لمقولة كم من حاجة قضيناها بتركها، لكن أن يكون مصدر هذا الإزعاج حتى لا أقول هذا الفضح للنوايا المستثرة هي الصحافة الفرنسية، فإن الأمر كان يقتضي التفضل علينا جميعا ببضع كلمات تنفي أو تؤكد، فالرأي العام الوطني من واجبه أن يعرف لا أن يكون آخر من يعلم. وقد وجدنا الناخب الوطني رشيد الطوسي الذي تصادف ذيوع خبر التفاوض مع إيلي بوب مع وجوده بالقاهرة مدعوا من الكاف، وجدناه يخرج أخيرا من الجحر الذي دخله منذ محرقة دار السلام مذبوحا وحزينا ليقول أنه لا يأبه بما ينشر من إشاعات وأنه واثق من أن عقد الثقة الذي يربطه بالجامعة أقوى بكثير من أن يتلاشى أو أن ينحل فهو كالريح التي لا تهتز مهما قويت ريح الإدعاءات، وأجد في ردة فعل الطوسي ما يؤكد أن الناخب الوطني ملقح ضد كل ما من شأنه أن يخرجه عن طوعه أو أن يجعله ينهار نفسيا لمجرد سماع خبر مثل هذا الذي صدرته لنا الصحافة الفرنسية، فهو يمشي واثقا في دربه لا يتأثر بتحرش الآخرين. بالقطع لسنا من الذين يحرضون على التشويش على الطوسي وهو إلى اليوم على رأس الفريق الوطني مدربا وناخبا وطنيا وأكثر منه مواجه بثلاث مباريات عن آخر ثلاث مواجهات عن الدور الثاني وقبل الأخير لتصفيات كأس العالم 2014، ولكن لا بد وأن نطرح سؤال المستقبل القريب للفريق الوطني، المستقبل الذي قالت المباريات الثلاث التي خاضها الأسود بغامبيا وتانزانيا وهنا بالمغرب أمام الكوت ديفوار والنقطتان المحصل عليهما من تعادلين وهزيمة أنه بات مظلما، فلم يعد هناك مجال لأن نحلم بتصدرنا للمجموعة حتى نأمل في مواصلة الحلم المونديالي، ما يعني أن التفكير لا بد وأن ينصب بالأساس على كأس إفريقيا للأمم التي يستضيفها المغرب سنة 2015. والتفكير في المونديال الإفريقي يقتضي الإجابة على سؤالين إثنين، أولهما بأي إستراتيجية سنتهيأ للتحدي القاري؟ وثاني السؤالين بأي ربان وناخب وطني سنركب هذا التحدي؟ وإذا كنت أتفق على أن الجامعة الحالية غير مخول لها وهي في وضعية إستثنائية بحكم إنتهاء عمر الولاية، أن تباشر هذا الورش الإستراتيجي والخطير والذي يغطي الفشل فيه على كل النجاحات التي تحققت في الأوراش الأخرى، لطالما أن المسؤولية كاملة سترمى على كاهل المكتب الجامعي الذي سيتشكل من الجمع العام القادم، فإنني أستبعد مع ما يتم الترويج له من أن السيد علي الفاسي الفهري مستعد ليستمر رئيسا لجامعة كرة القدم لولاية ثانية، أن لا يكون التفكير قد بدأ في رسم معالم المستقبل وفي تعيين بروفيل الربان القادم للفريق الوطني والذي لن يحصل في النهاية سوى على 14 شهرا لتحضير فريق وطني يستطيع إعطاء المغرب اللقب القاري الثاني له بعد الأول والوحيد بأثيوبيا سنة 1976 وبعد أن عجز منتخب 86 الذي أدهش العالم في مونديال المكسيك في إستثمار إقامة العرس الإفريقي لأول مرة بالمغرب. لا أستبعد مع ما يطلق من نفي غير مباشر لخبر مفاوضة الجامعة للفرنسي إيلي بوب أن تكون الجامعة إستنادا إلى الكائنات غير المرئية التي تسكن غرف القرار أن يكون التفكير في الناخب والمدرب الوطني القادم قد بدأ فعلا بتحري ما يلزم من سرية، برغم أن تعاقد الجامعة مع مدرب جديد لم يعد شأنا داخليا للجامعة كامل الحرية في تدبره، فما أثاره راتب غيرتس من غبار في أروقة كثيرة داخل البرلمان وداخل الوزارة يستدعي أن يكون العقد الجديد حاملا لأكثر من توقيع حتى لو لم يرض ذلك الفيفا التي ترى في مثل هذا التطاول على الإختصاصات تدخلا سافرا تعاقب عليه النصوص واللوائح.. ويا جبل ما يهزك ريح.