الفرق بين الصحابي ولوبيرا هو أن الأول إبن البلد ويقدر معنى الملح والطعام والثاني يأكل الغلة ويسب الملة، الأول إحترم الرئيس والكلمة التي دارت بينهما والثاني لا يعترف لا بأبرون ولا منتجاته، بل بالعقد وحصانة شروطه. الصحابي فضل الإنسحاب بكرامة والإنتصار لسمعته وإسمه ولرصيده وأن لا يضع كل ما بناه رهينة بأقدام «مول الكرة» بسانية الرمل زيد كروش، لأن الأخير من حقه أن يتدرب متى شاء ويخرج للسهر متى يريد ويطلب من المدرب تعديل برنامج التدريب كما يشتهي ليطرد الملل عن النفوس، بل من حق زيد كروش أن يتدرب بلا واقي ساق وأن يحضر معه شهادة مرضية ليتحجج بالغياب عن فترة التحضيرات الشاقة، والأكثر من هذا له الحق في إشهار الفيطو بخصوص تعاقدات الفريق وأن يسدد الكرات الثابتة والمتحركة ويتحكم في ضربات الزوايا والجزاء، دون أن يكون هناك من يلجمه ويعيده لحجمه الحقيقي والقصير. ليست المرة الأولى التي يعلن من خلالها الصحابي وبأنفة ناذرة رحيله حين يحس بأن الخيوط تتبعثر من حوله أو أنه لا يقوى على مجاراة كواليس وطبخات متعفنة تهيأ خلف ظهره، فقد جربها في مراكش لما أيقن أن توابل البهجة قد حرقت «الطنجية» التي قام بتحضيرها حتى لو قاده الأمر للتضحية بموسمه والتنازل عن مستحقاته وأن يجعل التراضي وسيلة للإبقاء على خيط الرجعة مع المسؤولين بإيثار واضح. لوبيرا على عكس من هذا تماما، تورط في تهريب العملة الصعبة و«القاسحة» خارج الحدود وخسر ب 4 و5 أكثر من مرة وتبهدل في البطولة والكأس، ولا أحد تجرأ على أن يفرض عليه لا كروش ولا غيره لأن عقدة الأجنبي وما خفي أعظم المحيطة بعقده، تقود دائما المسؤول الكروي عندنا لينظر من أعلى للأطر الوطنية وينحني حين ينتصب أمامه الخواجة. غير معقول ولا مقبول أن يذهب الصحابي ضحية لقانون مدرب به ثغرات ينبغي على ماندوزا ردمها وإعادة النظر فيها، غير مقبول أن يجلس الصحابي عاطلا بقية الموسم عاجزا عن تدريب فريق من البطولة الإحترافية، لا لشيء سوى لأن قانونا استحدث إسمه قانون المدرب جاء لتحريم زواجين من نفس الفئة في موسم واحد. قبل الصحابي كان ماندوزا ومعه الجامعة قد وافقا ليوسف لمريني بتدريب فريقين بالبطولة الإحترافية وهما خريبكة و الكاك ودافعت يومها عن حق لمريني، وسميته ببوصمان المدربين كون القانون جاء دون اجتماع للمدربين للتداول بشأنه ولكون لمريني وقع بسبو قبل أن يجف مداد مسودة ماندوزا الشهيرة. نعم سيكون من الظلم لو أن الصحابي منع من العمل بالبطولة الإحترافية هذا الموسم، لأن الرجل إنسحب بهدوء وباحترافية من تدريب الحمامة ولم يجلب معه لا مفوضا قضائيا ولا هو استعان بعون ولا تمسك بمنصب يحميه فيه القانون كما فعل غيره وهم كثر. الصحابي إنسحب قبل بداية الموسم وهو نفس وضع لمريني وحتى الطوسي الموسم المنصرم حين أقاله حسبان وتوجه لبركان وهو من أشرف على معسكر الرجاء الصيفي وخرج من الكأس أمام الجديدة في وضع مشابه لحالة الصحابي فعوض حاميدي ببركان. وضع الصحابي يشبه وضع بن شيخة الذي وقع للرجاء هذا الموسم لكنه غادره قبل أن يلج كرسي بدلائه في مباراة واحدة، ويحق للمدربين معا التدريب بالبطولة الإحترافية لأن قانون المدرب جاء ليحمي المدربين من تسلط المسؤول ومن شر التراضي وليس ليكون سيفا مسلطا على أرزاقهم ويحولهم لعاطلين بسبب احترامهم لقيم المسؤولية وقدسية الإختصاص. لو أراد الصحابي وضع العصا فالرويضة لتمرد بتطوان ولغدر بأبرون ولصمد في وجه «ألف كروش» ولحول ملفه في أسوإ احتمال ممكن لعبد الرحمان البكاوي في غرفة النزاعات ليطالب بحقه وينتظر في طابور طويل كما ينتظر غيره أحكام الغرفة. على ماندوزا أن يجعل من حالة الصحابي مرجعا كي لا تضيع حقوق الأطر هباء و يصبح قانون المدرب مثل واو عمر الزائدة بلا فائدة، لأنه في الوقت الذي يمنع المدربين من خوض مغامرتين في الموسم الواحد يسمح للفرق بالزواج مثنى وثلاث ورباع وما ملكت يمين الرؤساء وهي مسألة مرفوضة قطعا. على الجامعة أن تردع الفرق التي تعبث بأرزاق المدربين وتمنعها كما تمنعهم من زواجين في نفس السنة، لأنه لو لم ينصف الصحابي وبن شيخة، فسنكون أمام بدعة ضالة تنتهي بتهديدات مجهولين لمدرب بالرحيل وبتحريض أشباه كروش على انتقاد تكتيك المدرب عبر الأثير وبتحريض عنصري مقيت على اللاعبين على الأفارقة الوافدين والشك في قدراتهم، رغم أنهما دوليين، في وقت انسحب كروش من معسكرات المحليين لعدم قدرته على مجاراة إيقاع التدريبات، لأنه باختصار لم يجد في المعمورة من يحميه كما يحدث معه بسانية الرمل.