قمر يضيء سماء طنجة بلمساته وتقنياته التي تطرب الجميع، ويتحدث عنها الصغير قبل الكبير، ونجم خطف الأنظار في ظرف قصير ليصبح مدلل جماهير الإتحاد التي تفتخر به كسلاح فتاك وسم قاتل تشهره في وجه الخصوم. حمودان أو الشاوني كما يناديه العشاق فرض نفسه كواحد من الأجنحة السريعة والخطيرة في البطولة الإحترافية، وبات إسما مشهورا ومتابعا من داخل المغرب وخارجه خصوصا بعدما دخل قلعة الدولية وبلغ عرين الفريق الوطني الأول. - المنتخب: كيف تلقيت دعوة الناخب الوطني هيرفي رونار للإلتحاق بمعسكر الأسود قبيل لقاء تونس الأخير؟ حمودان: كانت لحظة رائعة وشعرت بافتخار كبير، تذكرت كل تلك السنوات التي تعذبت فيها وإنتقلت من أدنى أقسام الهواة إلى عرين الأسود، رحلتي من الشاون إلى الفريق الوطني قصة ملأى بالدروس والعبر للأطفال والشباب، وخصوصا أولئك الذين لديهم حلم يريدون تحقيقه، أنا لاعب إنطلقت من الصفر ولم تُعبد لي الطريق، قاومت وإجتهدت وصارعت من أجل حُلم بدا لي في إحدى المراحل من سابع المستحيلات بلوغه، وحينما لبست قميص الأسود الأسبوع الماضي قلت أن لا شيء صعب ومستحيل في الحياة، حينما نريد نستطيع، أدعو أي شاب أو لاعب أن يأخذ العبرة مني وأن يتمسك بأحلامه، أن لا ييأس ولا يتذمر أبدا، فقط يجتهد ويؤمن بقدراته ويقاتل دون إستسلام، بالإرادة والعزيمة والرغبة تتحقق الأماني. - المنتخب: تدرجت بهدوء وقطعت كل المراحل قبل أن تطرق باب العرين.. حمودان: أهم شيء يجب أن يتوفر عليه كل إنسان في الحياة هو تخطيط الأهداف، كلاعب خططت منذ صغري لهدفين هما الفريق الوطني الأول والإحتراف، الأول تحقق والثاني في الطريق إن شاء الله، وليس من السهل أن تفرض نفسك بقسم الهواة أولا ثم القسم الثاني فالبطولة الإحترافية قبل الإلتحاق بالفريق الوطني المحلي، ومنه ولوج فئة الكبار التي يحلم بها أي لاعب مغربي داخل أرض الوطن وخارجه، الحمد لله بدأت أجني ثمار سنوات من العمل والتضحيات، ولا زلت أصبو للمزيد لأنني إنسان طموح ولا يشبع. - المنتخب: كيف وجدت الأجواء داخل الفريق الوطني وما أوجه التشابه والإختلاف مع الفريق المحلي مثلا؟ حمودان: لا توجد هناك فوارق كبيرة، في الفريق الوطني المحلي الكل يعرف بعضه البعض والإنسجام جلي لأننا من وسط واحد وبطولة واحدة ولدينا نفس الأسلوب والثقافة، بينما مع الكبار تلمس أجواء إحترافية عالية وتجاور لاعبين من بطولات أوروبية وخليجية لديهم عقليات محترفة، من يدخل معسكر الأسود سيشعر بأحاسيس مختلطة بين الفخر والسعادة وثقل المسؤولية، والرغبة في إبراز الذات وإظهار الأحقية بحمل القميص. - المنتخب: خلال الإطلالة الأخيرة للأسود رأينا دخولا قويا للاعبين المحليين الذين أعطوا إشارات الإقناع ومرّروا أكثر من رسالة.. حمودان: اللاعب المحلي بحاجة للثقة والفرص حتى يظهر علو كعبه، وهنا لا بد من الإشادة بالمستوى الذي أبان عنه زملائي في وديتي بوركينا فاسو وتونس وخصوصا صديقي جواد يميق الذي شرف البطولة الوطنية، وقدم صورة مقنعة ورسالة لمن يشككون في قدرة اللاعبين المحليين على اللعب مع الكبار، نحن أيضا لنا مكانة مع الفريق الوطني الأول ولنا القدرة على مجاورة المحترفين بأوروبا، أعتقد أن فئة من الجمهور ومعها الطاقم التقني قد أعادوا ترتيب الأوراق وإقتنعوا بضرورة إعطاء الفرص وتشجيع المنتوج المحلي. - المنتخب: ألم يصبك الإحباط بعد عدم مشاركتك في المباراة ضد تونس؟ حمودان: الخير فيما إختاره الله، بداية الرحلة مع الأسود بالحضور في أول معسكر وإكتشاف الأجواء والقادم سيكون أحلى إن شاء الله، سأواصل الإجتهاد والتألق حتى أحصل على فرصتي مستقبلا إن شاء الله، لأنني أتوق للعب وتقديم الإضافة وتشريف بلدي.` - المنتخب: ماذا قال لك الناخب هيرفي رونار؟ وكيف إستقبلك اللاعبون؟ حمودان: اللاعبون المحليون يحظون بمتابعة من الناخب الوطني وقد حدثنا بالفندق وقال بأن علينا أن ننسجم بسرعة وأن لا نبقى في عزلة، طالبنا بعدم الخجل أو الإحساس بالنقص، فتح لنا الباب وأمرنا بإستغلال الفرص التي لا تُتاح كل يوم، ذكرنا بأن الأسود سقف الطموحات وشرف وفخر كل اللاعبين أينما كانوا، قام أيضا بتنويرنا تقنيا وتكتيكيا حسب المنظور والفلسفة التي يشتغل بها، والمواصفات التي يريد رؤيتها في العناصر التي تنضم إلى كثيبته، أما باقي اللاعبين المحترفين خصوصا أصحاب الخبرة والأقدمية فقد لعبوا دور المساعدة في الإندماج وتسهيل مهمة الوافدين الجدد، تماما كما نفعل نحن داخل أنديتنا حينما تلتحق بنا عناصر جديدة. - المنتخب: هذا يعني أنكم ستطمعون في الرسمية مستقبلا وستهددون مكانة المحترفين؟ حمودان: هذه أمور تقنية من إختصاص الناخب الوطني، نحن كلاعبين محليين أو محترفين نمثل بلدنا ونهدف لتشريفه دون أنانية أو حسابات ضيقة أو تفرقة بين من يلعب هنا وهناك، نريد أن نؤكد مكانتنا وأن لا يتم إستصغارنا وإحتقارنا لأننا لنا مؤهلات أيضا وعزيمة ووطنية، الكرة بملعبنا الآن وعلينا أن ندافع عن أنفسنا، وكما قلت فلا فوارق كبيرة بين اللاعبين المحليين والمحترفين. - المنتخب: ألا ترى بأن بلوغ الفريق الوطني سيخدمك من عدة جوانب أبرزها البحث عن الإحتراف؟ حمودان: بكل تأكيد، سأحاول أن أتطور أكثر وأن أحسن مردودي وأقلل من عيوبي، لأنني أريد أن أحافظ على إسمي وأظل دائما في مفكرة الناخب الوطني، لن أنكر بأن الإحتراف هدف أسعى إلى تحقيقه حاليا وبأسرع وقت ممكن، قضيت 4 سنوات مع إتحاد طنجة أخذت فيها الكثير وأعطيت الكثير، وأرى بأن وقت الإحتراف قد حان حتى أستفيد كرويا وماليا. - المنتخب: أصبحت مطلوبا بقوة في السوق المحلية، كما سمعنا عن عروض من فاينورد الهولندي وأوساسونا، ما صحة هذه الأنباء؟ حمودان: توصلت بعرض رسمي من أحد أكبر الأندية الوطنية ورفضته لأنني لا أريد تغيير الإتحاد بفريق آخر محلي، أملك عروضا خليجية وأخرى أوروبية لكنها غير رسمية، بخصوص عرض فاينورد الهولندي فهناك محادثات لكن لا شيء رسمي مائة بالمائة، وهنا أريد أن أتوجه إلى المكتب المسير لفريقي لأطلب منه تسهيل إحترافي وعبوري نحو الضفة الأخرى، أنا في سن 26 وأبحث عن تأمين مستقبلي لأنني لا أعلم كم سيكون عمري في الملاعب، أتمنى أن تتفهم الإدارة رغبتي الجامحة في الإحتراف حتى أستفيد كرويا وماديا، فأنا لم أفعل شيئا بعد أضمن به قوتي وقوت عائلتي بعد إعتزال الكرة. - المنتخب: هذا الخطاب ردده قبلك عدة لاعبين وكانت لهم عراقيل لينتهي بهم المطاف مبكرا بالخليج.. حمودان: العرض الذي سيريحني على كافة الجوانب وسيقبله فريقي الإتحاد سأوقع معه، لا أضع شروطا مسبقة والبطولات الخليجية تغيرت ويمارس بها حاليا بعض النجوم منهم من يلعب للفريق الوطني، لا أفاضل بين أوروبا والخليج ولن أدخل في هذه التفاصيل، لا أعلم وجهتي المقبلة وأهم شيء أبحث عنه هو حصولي على الضوء الأخضر من المسؤولين لأحقق حلمي الثاني في أقرب وقت. - المنتخب: هل أنت راض عن الأربع سنوات التي قضيتها مع فارس البوغاز؟ حمودان: الحمد لله أنني أفلحت في إقناع الجمهور الشمالي بمؤهلاتي وإستطعت أن أضع بصمتي خلال هذه الأعوام، جئت إلى إتحاد طنجة بعدما خضعت لإختبار ومنذئذ وأنا في خط تصاعدي، لعبت موسمين بالقسم الثاني ومثلهما بالبطولة الإحترافية، طيلة مقامي بطنجة تعلمت الشيء الكثير ولم أبخل بقطرة عرق بغية إسعاد الجماهير، صحيح أفرحتها في العديد من المرات كما أحبطتها في بعض المناسبات، واللاعب يبقى بشرا يصيب ويخطئ ومن الهفوات نتعلم، وأشكر خاصة المدرب بنشيخة الذي منحني ثقته وحاول وما يزال جاهدا تطوير أدائي. - المنتخب: على ذكر بن شيخة، ماذا قدمه لك كمدرب؟ حمودان: أولا فأنا أعتبر عبد الحق بن شيخة كوالدي قبل مدربي، إنه إنسان غاية في الأخلاق والطيبوبة ويحب الخير للاعبيه بشكل حميمي وكأنه أب للجميع، بعض اللاعبين سبق وأن دربهم ويعرفون فلسفته ولهذا تنقلوا معه إلى الإتحاد وهذا يدل على الحب والثقة التي تجمع هذا المدرب باللاعبين، تعلمت منه الشيء الكثير خلال موسمين، إنه مربي يعطينا كلاعبين الدروس أيضا في الحياة الشخصية بتوجيهاته ونصائحه التي لا يمكن أن يقدمها لك مدرب آخر يعتبر أن دوره ينتهي بمغادرة الملعب. - المنتخب: لكن سمعنا عن صراعات وتوقيفات هذا الموسم بسبب سوء العلاقات بينه وبين بعض اللاعبين.. حمودان: هو مدرب يعشق الإنضباط بشكل حاد، صارم داخل أرضية الملعب ويتبين هذا في المباريات، فهو من نوعية المدربين الذين لا يجلسون في دكة الإحتياط ويتابعون اللقاءات بهدوء ويدونون الملاحظات، بنشيخة مدرب لا يهدأ في المباراة فتراه يصرخ في وجه هذا ويعاتب الآخر فتتشنج أعصابه بحدة، ما حدث بينه وبين بعض اللاعبين شيء مؤسف نظرا لقيمة العناصر التي تم إيقافها وما تركه من أثر سلبي على المجموعة، أحزننا رؤية زملاء رسميين بالفريق الثاني، لا يمكنني أن أوجه سهام النقذ واللوم لهذا أو ذاك لأنني لاعب تربطي علاقات وطيدة بالمدرب كما ببقية اللاعبين والإداريين، هي أمور عادية تحدث في جميع الأندية العالمية، وقد تأسفت كثيرا لأنني لم أكن أرغب في هذا التوثر داخل البيت الأزرق. - المنتخب: هل هذا التوثر الداخلي من بين أسباب تراجع إتحاد طنجة في مرحلة الإياب وإبتعاده عن الصدارة في البطولة الإحترافية؟ حمودان: مرحلة الفراغ الذي ضربت الفريق في نصف الطريق جعلته يفقد السرعة التي كان يسير بها في شطر الذهاب، خانتنا النتائج في مباريات كنا فيها الأفضل، إفتقدنا لعناصر مهمة في لقاءات عديدة بسبب الإصابات والإيقاف، إضافة إلى ضغط المباريات وكثرة السفريات دون إغفال المشاركة القارية التي زادت من التعب والأرق والضغط. - المنتخب: هذا يعني أن الإتحاد بدأ يستسلم في الصراع على لقب البطولة؟ حمودان: اللقب بات معقدا، سنحاول أن ننافس على المرتبة الثانية أو الثالثة، لم ولن نستسلم فالموسم ما زال طويلا والدورات القادمة غاية في الأهمية، إلى جانب هذا فنحن نركز بقوة على الواجهة الإفريقية حيث تنتظرنا مواجهة صعبة ضد حوريا كوناكري الغيني. - المنتخب: على ذكر كأس الكاف أي رهان للإتحاد في هذه المسابقة؟ حمودان: إكتشفنا غمار المسابقة ولمسنا صعوبة اللعب في إفريقيا في ظروف غير مريحة، لحسن حظنا أن الفريق يتوفر على عدة لاعبين متمرسين يعرفون الأجواء وطقوس التباري في الأدغال، عزيمتنا كبيرة ورهاننا الأول التأهل لدور المجموعات الذي سيكون إنجازا لإتحاد طنجة في أول مشاركة خارجية له، سنركز بشدة على لقاء حوريا العنيد والمعروف على الساحة القارية، سنضع كل الوصفات لتجاوز هذه العقبة وقيادة النادي للمرحلة المقبلة.» - المنتخب: سجلت هاتريك في آخر نزال أمام كالوم الغيني، كيف كان شعورك؟ حمودان: تألقي وأهدافي ولمساتي تأتي بعد عمل جماعي، أنا فرد بالمجموعة وكل ما أفعله يصنعه زملائي، أستمع للتوجيهات وأنطلق وفق قدراتي ومؤهلاتي وإندفاعي، أرى بأنني في الخط التصاعدي والصحيح وقد تطورت كثيرا من عدة جوانب، وهذا راجع لنصائح المدرب بنشيخة وتشجيعات زملائي والجمهور وباقي مكونات الإتحاد، صراحة أنا مدين لهم جميعا بالكثير وأشكرهم على كل الحب والود والإحترام الذي يوجهونه لي. - المنتخب: نراك جناحا تارة ومهاجما تارة أخرى، ما هو مركزك المفضل والذي ترتاح وتتميز فيه أكثر؟ حمودان: في أقسام الهواة كنت ألعب كمهاجم وأتفنن في تسجيل الأهداف التي كانت مهمتي الأولى، بعد إلتحاقي بطنجة أصحبت ألعب في الأروقة في دور الجناح السريع الذي يخترق ويتوغل ويمرر أو يسدد، هو مركز لا يزعجني ويمنحني أريحية مقيدة بضوابط تكتيكية حسب سياق المباريات، الهجوم والمرواغة ورمي الخطورة في معترك الخصوم شغلي الذي لا أتقن غيره. - المنتخب: ماذا عن جمهور طنجة الذي يهتف بإسمك في كل مباراة ويحب طريقة لعبك؟ حمودان: أشكره على الدعم والتشجيع الذي يخص به اللاعبين جميعا، هو مثال للجمهور الحضاري المتخلق وخير سند للإتحاد، سأفتقده كثيرا إن كُتب لي الرحيل صوب الإحتراف خلال الصيف القادم، أبادله الحب الصادق والوفي، وأدعوه لمواصلة المؤازرة لأن بدونه لا نساوي شيئا.