ونحن نتأهب لإسدال الستار على الثلث الأول من بطولتنا لا بد وأنه يتبادر إلى أذهاننا أهم الخلاصات التي ميزت هذه المرحلة، بأفراحها وأحزانها، ولا بد من الوقوف وقفة تأمل من أجل إحصاء ما يمكن إحصاؤه من بطولة لطالما نخرت جسدها الهواية ولطالما عانت من المشاكل المتنوعة التي أرخت بظلالها على المنتوج الكروي وجعلت مسألة تطوره جد صعبة، وأيقنا منذ فترة أن هذه البطولة بحاجة إلى تغيير جذري، إلى هيكلة جديدة وإلى معالجة حقيقية بعيدا عن الإصلاحات الترقيعية والبرامج قصيرة المدى، حيث علمتنا التجارب أن جل البرامج التي أوهمنا بها المسؤولون السابقون كانت فاشلة، بدليل أننا منذ فترة طويلة انتظرنا ذلك التغيير، بل انتظرنا هلال الإحتراف الحقيقي وإحداث قطيعة مع كل أشكال الهواية، لكن الظاهر أننا أوهمنا أنفسنا ونحن نسير في الطريق الصحيح، وأننا نتطور مع أن الحقيقة أكدت فعلا أننا كنا نتراجع قياسا بما كان يحققه جيراننا من نقلات وقفزات نحو الأمام، أما نحن فكنا نجري لنلحق بتطور واحتراف كانا في الحقيقة عبارة عن سراب· وعندما نقف على الثلث الأول سنجد أنه لم يحمل أي جديد ولم يكسر القواعد التي ألفناها في بطولتنا، كنا ننتظر تلك الإحتجاجات على قضاة الملاعب، عزوف الجماهير بين الفينة والأخرى عن المباريات، ورقصات المدربين الذين عاشوا كالعادة موسما مبكرا من الإقالات بعدما قطعت المقصلة رؤوس مجموعة من المدربين ذهبوا ضحايا سوء النتائج، على أن الأداء التقني هو الآخر كان متذبذا ككل المواسم بين الجيد والمتواضع· ولربما كان الجديد هو تلك البداية المتواضعة للفريق البطل نادي الجيش الملكي الذي طاله التواضع منذ انطلاق البطولة إلى أن تمكن من استعادة توازنه نوعا ما في المواجهات الأخيرة، على أن بروز الدفاع الجديدي وتألقه لم يكن غريبا ولا مفاجئا نظير ما قدمه من مستويات في المواسم الأخيرة، و ما تصدره الترتيب منذ دورات إلا تحصيل حاصل لفريق اجتهد وثابر قبل أن يصل إلى ما وصل إليه· وقد يكون من العبث أن نحكم على ثلث البطولة في هذه الزاوية الضيقة بالمقارنات والأمثلة المحصورة، لكن كل مؤشرات البداية تؤكد أنه موسم لا يختلف عن سابقيه ما دامت تدابير وخطوات حقيقية لم تتخذ بعد، حيث أن الكرة هي في ملعب الجامعة الجديدة برئاسة علي الفاسي الفهري وهي التي ما زالت في بداياتها، الكرة في ملعبها لأنها هي المعنية الأولى بالإصلاح، وهي التي ننتظر منها تلك الثورة في جميع أساليب وآليات العمل لنصل إلى تلك البطولة التي يتوخاها جمهور الكرة ويحلم بها منذ سنوات· صحيح، أن الجامعة ينتظرها عمل كبير ومتغيرات عديدة، والمسؤولية التي على عاتقها تهد الأكثاف ولا تبدو سهلة، نعرف أن بطولتنا لن تتغير ولن تصل إلى ذلك المستوى المثير بين ليلة وضحاها وعبر الضغط على زر أو بجرة قلم، لكننا نتمنى أن نلمس على الأقل مؤشرات وعلامات التغيير فنيا وعمليا، نتمنى أن تطلع بشائر هذا التغيير الذي ننتظر، في الثلث الثاني والثالث، نتمنى أن نتخلص من شبح الهواية، وأخيرا نتمنى أن نجد كل الأدوية الناجعة لمختلف الأعراض التي عرقلت مسار بطولتنا·· وحتى لا نتهم بالتشاؤم والمغالاة، سنطوق أنفسنا بالتفاؤل فيما تبقى من البطولة إيمانا منا أننا نعيش مع جامعتنا الجديدة عهد التغيير، وطبعا التغيير الإيجابي والحقيقي، وليس التغيير المنسوخ فقط على الورق·