تستعد البطولة الوطنية للقسم الوطني الأول لدخول ثلثها الثاني بعد دورات من المنافسة بإيجابياتها وسلبياتها، أحزانها وأفراحها، والأكيد ونحن نتخطى تضاريس البطولة مع اقتراب إسدال الستار على الثلث الأول، نتوقف على جملة من الظواهر التي أثارت انتباهنا وشغلتنا كثيرا، وبين تألق اللاعبين الأجانب والحضور الجماهيري القوي في بعض المباريات وغيرها من الظواهر التي طفت على سطح الثلث الأول وجب الوقوف على ظاهرة أخرى بدأت تنمو شيئا فشيئا في الدورات الأخيرة وتصاعدت درجة خطورتها دون أن تشعرنا أنها قادمة لا محالة بسلبياتها وتأثيرها السيء على المنتوج الكروي، الأمر يتعلق بالشغب الذي فرض نفسه مؤخرا على البطولة وأضحى أحد المواضيع التي استأترت بالإهتمام، صحيح أن الشغب ليس مولودا جديدا في واقعنا الكروي وبدعة طفت على سطح بطولتنا هذا الموسم، بل إنها ظاهرة وكما تابعنا داهمت كرتنا منذ موسمين بطريقة خطيرة فرضت تدخلات استعجالية وصارمة للحد منها وهو ما كان، حيث مكنت القوانين الزجرية من تقليم أظافرها ولو بين الفينة والأخرى كانت بعض المباريات تفرز أحداثا غير موثرة·· بيد أن المباريات الأخيرة أوحت أن الشغب بدأ يتسلل بهدوء ويتسرب، حيث انطلقت أولى الأحداث في مبارتي آسفي بين الأولمبيك والمغرب الفاسي ومواجهة حسنية أكادير والفتح، تلتها مظاهر شغب عنيفة خلال لقاء الكوكب المراكشي والرجاء ، كما كان مركب مولاي عبد الله بالرباط مسرحا لأحداث شغب بعد اقتلاع الكراسي، إلا أن الحدث المشين الذي تصدر العناوين وأثار جدلا كبيرا في الوسط الكروي هو الإعتداء الذي تعرضت له فئة من مناصري الرجاء البيضاوي من طرف مجهولين في باحة ملعب مركب محمد الخامس بالدار البيضاء وحاولوا انتزاع اللافتة أو التيفو الذي كان أنصار الرجاء يهمون بتهييئه خلال المواجهة التي جمعت فريقهم بالدفاع الجديدي·· مواجهات بالسلاح الأبيض وجروح وإصابات أعطت الإنطباع أن شكل الشغب اتخذ منحى آخر واتجاها أكثر عنفا وخطورة ربما سيوازي ما كان يحدث على عهد الهوليغانز في الكرة الإنجليزية، إذ أودى بآلاف من المشجعين ذهبوا ضحية نزوات وأفكار حمقاء، وهو ما أكده الهجوم بالسلاح الأبيض الذي تعرضت له فئة من جماهير الرجاء والذي كان بالإمكان أن يزهق أرواحا لولا الألطاف الربانية التي حصرت هذا الإصطدام في جروح وإصابات· الشغب في المغرب كانت مظاهره تتجلى أكثر في رمي الحجارة وتكسير زجاج واقتلاع الكراسي، أما عندما يتعلق الأمر بتنظيم هجوم بالسلاح الأبيض فذاك يعني أن أخطبوط الشغب تفشى بطرق وأخرى وسيكون أكثر خطورة إن لم تتحرك الجهات المسؤولة وإن لم تتغير طرق محاربته، بل الأكثر من هذا أن تعيد الجامعة النظر فيما كانت قد أقدمت عليه من خطوات تكون أكثر زجرا وأكثر احترازا لمحاربته من جديد، بدليل ما أصبحت الملاعب تعرفه من إنفلاتات أكدت أن طفيليات الشغب بدأت تتحرك مجددا في جسم كرتنا ولو أن هذه المرة بنمط مختلف وأكثر خطورة، فحتى لا نحيى زمن الهوليغانز الإنجليزي، وحتى لا تزهق أرواحا بريئة، المطلوب تدخلا عاجلا وصارما، فيكفي ما بكرتنا من هموم ومشاكل·