مر الثلث الأول بجملة من الظواهر منها ما يحزننا ومنها ما يطربنا، ولعل اللاعبون الأجانب يعدون إحدى نقاط الضوء في هذا الموسم، وكأنهم اتفقوا على الإنتفاضة والتمرد والرد على كل من يشكك في قدرة هذا اللاعب الأجنبي وهو الذي طالته جملة من الإنتقادات في السنوات الأخيرة. والواقع أنه منذ زمن موس انضاو والحارس الروسي إيفان وفاسيلي والبرازيلي خوسي والجزائري رحيم والحارسين غواميني الإيفواري ودريد الجزائري والإسباني أكوسطا وغيرهم من الأسماء التي أثتت فضاء بطولتنا للسنوات طويلة، كانوا فعلا يشكلون حلقات مهمة من مسلسل تألق الأندية الوطنية على الصعيد القاري، وكانوا يشعلون أيضا البطولة بلمساتهم وتأثيرهم القوي وعلى مجرياتها، لذلك نجزم أن تراجع أنديتنا على الصعيد القاري سببه يعود إلى تراجع مستوى اللاعبين الأجانب والصفقات الفاشلة التي تبرمها الأندية والتي تزيد من تراجعها، حيث كانت أسماء من درجة ثالثة هم من كانوا يتهافتون للتعاقد مع أنديتنا، وبالكاد كنا نجد لاعبا أو لاعبين من العيار الثقيل في المستوى، أما السواد الأعظم فبدون بصمة أو تأثير إيجابي. نعرف أن الإستنجاد بالأجانب ليس عيبا، فأكبر الأندية العالمية التي تتسيد المستديرة المجنونة إنما قوتها تكمن في أجانبها، فلا أعتقد أن ناديا أوروبيا ناجحا لا يستعين بالأجانب، ولنا على سبيل المثال لا الحصر في أندية ريال مدريد وبرشلونة وتشيلسي ومانشستر يونايتد وأرسنال خير مثال وصورة واضحة قياسا مع الدور الذي يلعبه أصحاب الجنسيات المتنوعة في رفع هذه الأندية نحو القمة، فرغم مراكز تكوينها المشهود لها بالنجاح في إنجاب النجوم، فإنها لا تجد حرجا لتلهث وراء النجوم الأجانب لتكمل صفوفها وتحقق غاياتها بمعانقة الألقاب. في بطولتنا الكل يشهد هذا الموسم بتألق أجانبنا ويشهد أنهم خطفوا مشعل التألق من لاعبينا المحليين، طبعا هذا يحز في نفوس البعض كون أن أنديتنا لم تعد باستطاعتها أن تنجب لاعبين يقارعون هؤلاء الأجانب، ويحز أيضا في النفس عندما تجد أن ما يتصدر ترتيب الهدافين هم أجانب وليس محليين، لكن الوجه الآخر لهذه المعادلة، إنما يقول أن تألق الأجانب هو إيجابي أكثر منه سلبي، لأن هذا التوهج من شأنه أن يعيد الإعتبار أولا لبطولتنا، فأغلب البطولات الشهيرة إنما قوتها بأجانبها، كما سيتيح هذا التألق الفرصة ويفتح الطريق أمام لاعبينا ليرفعوا من إيقاع منافستهم، ومن يدري قد يزيد تألق الأجانب من احتكاك محليينا والرفع من مستواهم. أنديتنا مع الأسف في السنوات الأخيرة لم تعد تهتم كثيرا بما تبرمه من صفقات لجلب المحترفين، خاصة بالنسبة للأندية التي تشارك في المسابقات القارية، وتراجعها في هذه المنافسات يجسد أيضا تراجع سوق انتقالات الأجانب بأنديتنا، فعندما نسلط الضوء على فريق الرجاء سنجد أن هذا الفريق قد فقد توهجه القاري، والسبب برأيي يعود بنسبة كبيرة إلى تراجع انتداباته الأجنبية، بل ما يعيشه حاليا يعود إلى نفس السبب، فالفريق الأخضر كان برأيي قويا بأبنائه الموهوبين وبصفقاته الناجحة وبعينه التقنية الثاقبة التي كانت تصطاد أفضل اللاعبين الأفارقة، والأكيد أن هذا المثال إنما يشمل جميع الأندية المقبلة على المشاركات الخارجية والتي يعهد لها تمثيل الكرة المغربية، فتوهجهم هذا الموسم جعلنا نفتح قوسا جديدا بالإعلان أن بطولتنا وأنديتنا فعلا بحاجة لمحترفين، ولكن ليس أي محترف.