ظلمي يُبعث من جديد غصت القاعة الكبرى لأحد فنادق العاصمة الإقتصادية بالدار البيضاء مساء يوم الإثنين الأخير، بشخصيات سياسية ورياضية وفعاليات جمعوية من مختلف الأعمار، أبوا جميعُهم إلا أن يحضروا توقيع السيرة الذاتية للاعب الدولي السابق عبد المجيد ظلمي، فيلسوف زمانه ممن اجتمع فيه ما تفرق في غيره من فنية في الأداء الجميل الرائع وانضباط وأخلاق عالية جعلته يحظى بجائزة اللاعب النظيف من طرف منظمة اليونيسكو. لم يكن من الغريب لدى معظم المتتبعين الرياضيين والمهتمين أن يحضر حفل التوقيع ثلاثة وزراء للشباب والرياضة، السيدة نوال المتوكل، منصف بلخياط ومحمد أوزين الوزير الحالي الذي ألقى بالمناسبة كلمة أثنى فيها على المحتفى به معددا خصاله التي يجب أن يقتدى بها، وتفانيه في الدفاع عن القميص الوطني. وإذا كان الزميل الصحفي كريم إدبيهي قد نجح في الكشف عن الجوانب الخفية من حياة اللاعب عبد المجيد ظلمي بعد مخاض دام زهاء سبع سنوات كاملة موزعة ما بين استنطاق الذاكرة والتنقيح التاريخي واللغوي والفني للمسودة قبل إنهاء كل فصولها، واستنهاض همم المستشهرين الذين لا يتحمسون لأي منتوج ما لم يقترن بالتلفزيون والصورة المرفوقة بالصوت والصورة، فإن منشط الحفل الزميل محمد أبو السهل، تمكن بدوره من تحريك العواطف الجياشة للمحتفى به ويستدرجه بطريقة الصحفي المحنك ليدلي بتصريح أو كلمة مقتضبة بالمناسبة، فما كان من عبد المجيد الخجول الكتوم إلا أن يتمم جمله القصيرة المتقطعة بدموع ساخنة لخصت كل ما يكنّه لمحبيه وعشاقه داخل وخارج أرض الوطن. صحيح أنه من السهل في هذا البلد تنظيم مباراة تكريمية للاعب معتزل، لكن من الصعب جدا تدوين مساره في سيرة ذاتية، فيها بوح جديد مختلف تماما عما ألفه الناس من استجوابات نمطية تكاد لا تختلف كثيرا عن بعضها البعض، كما أن اسم عبد المجيد ظلمي كان وحده كافيا لتوقيف عملية عزوف الجماهير عن الملاعب ومتابعة أنشطتها الرياضية، إذ اختنقت القاعة الكبيرة لفندق فرح بالمدعوين والأصدقاء والمحبين والمهنئين، من حسن أقصبي وأحمد فرس وبابا وسهيل والبويحياوي وخليفة العبد ومهندس ملحمة (وادي الحجارة) كوادا لاخارا بمكسيكو 86 المهدي فاريا الذي لم يتمالك نفسه بدوره حين انهمرت دموعه وهو يُقبل من طرف المحتفى به قبلة وفاء واعتراف لما قدّمه الرجل لهذا الوطن. وإنه لمن العيب والعار أن يغادرنا يوما ما المهدي فاريا إلى دار البقاء ولم نقم نحن كمغاربة وكجامعة و كحكومة بأي التفاتة ترد له الإعتبار وتغنيه عن طلب السؤال بعدما أوقفت إدارة فريق الجيش الملكي لكرة القدم راتبه الشهري لانفصاله معه وعدم قدرته على مواصلة تدريب الفريق العسكري بعد تقدمه في السن وما فعله به المشيب. نتمنى صادقين بأن تحدو شركات مواطنة ومستشهرين آخرين حدو شركة كتبية التي أثبتت في أكثر من مرة على أنها شركة مواطنة لا تلهث وراء الربح السريع بقدر ما تسعى للعب دورها الإجتماعي على الوجه الأكمل.