بعد طول ترقب وانتظار خرجت السيرة الذاتية للاعب الدولي السابق عبد المجيد ظلمي إلى الوجود، وأطلق الله سراح مؤلف، يكشف عن الجوانب الخفية من حياة اللاعب الذي عمر طويلا في ملاعب الكرة، بعد أن ظل الزميل الصحفي كريم إيدبهي يحتضن مسودة الكتاب ويعيد تصفحه وتنقيحه تاريخيا ولغويا وفنيا، قبل أن يخرج إلى الوجود، استغرق المخاض سنوات لأنه ليس من السهل استنطاق الذاكرة واستنهاض همم المستشهرين الذين يهرولون نحو الكرة حين تقترن بالتلفزيون. في حفل الإعلان عن صدور مذكرات عبد المجيد ظلمي، اختنقت القاعة بالمدعوين، وبدا الظلمي المنتوج الخاص بمكافحة العزوف الجماهيري، فاسمه قادر على ملء الكراسي وجلب الإعلاميين كما كان وجوده في ملاعب الكرة كافيا لملء المدرجات، إنه نجم شباك بامتياز بلغة أهل المسرح والسينما. ولأن ظلمي يمقت الأضواء ويفضل السير على جنبات الحيطان، ولأنه مزاجي الطباع فيه مد وزجر كالبحر، فإنه ليس لنا إلا أن نصفق طويلا للرجل الذي استنطقه، ونحيي النفس الطويل لكريم إيدبهي الذي تمكن من خلال «عشرة» عمر مع عبد المجيد من استدراجه إلى مائدة البوح، لينضاف إلى الكتاب المغاربة الذين ساهموا في رصد حياة نجوم الكرة، فقد كتب أحمد صبري «الأنشودة الحزينة» في كتاب يرصد حياة الفقيد مصطفى شكري بيتشو، وكتب الحسين الحياني عن العملاق العربي بن مبارك، ودون عبد العزيز بلبودالي تاريخ «فارس الفرسان» أحمد فرس، وحين لم يجرؤ أحد على استنطاق تاريخ الأب جيكو أخرج حفيده عثمان العفاني ورقا وقلما ودون سيرة صانع مجد الوداد والرجاء، على غرار المدرب السابق للمنتخب محمد جبران، وخصص بيير فرميرين مؤلف كتاب «مغرب محمد السادس» جزءا للحديث عن نجوم الكرة الذين كان الأمراء يعشقونهم وخص بالذكر أقصبي وبليندة وعروبة لاعبي الفتح الرباطي، بينما لازال الكثير من اللاعبين يقفون في طوابير المستشهرين بحثا عن وعد بالطبع وبالتطبيع. في حفل صدور «ظلمي المايسترو»، تناوبت الشخصيات على منصة الخطابة، وظل مايسترو آخر يمسح خلسة دمعا ساخنا ينهمر من جفنيه، كان خوصي فاريا يتألم حسرة وهو من صناع ظلمي الذي قال عنه إنه «قدم للكرة المغربية الشيء الكثير». كانت شهادات اللاعبين والمدربين في موائد الحفل أكثر جاذبية من الشهادات الرسمية، فقد كشف حسن أقصبي عن علاقته بظلمي حين كان يشرف على تدريبه في المنتخبات الصغرى، وتحدث الحمراوي عن ظلمي الإنسان وتحدث بينيني عن ظلمي المهاجم، بينما تبقى أكثر الحكايات جاذبية هي انتماء هذا اللاعب إلى حركة إلى الأمام المحظورة، حيث اعتقل لست ساعات بسبب علاقة الجوار التي كانت تربطه باليساري عبد الله زعزاع، وطالب أحد رفاق درب عبد المجيد الحكومة بجبر ضرر هذا اللاعب الذي عاش تجربة درب مولاي الشريف، لكن أكبر المفارقات طرافة هو أن اللاعب الذي تمكن من ترويض أكبر اللاعبين عجز عن تغيير انتماء ابنه عثمان الذي يصر على عشق الوداد ضدا على منطق الانتماء.