لم يكن الحديث مع حسن مومن عاديا في حوار مختلف عن سائر الحوارات الراهنية، بل كان حديثا شافيا ومفصلا ودقيقا لدقة المرحلة وصعوبة مرحلة ما ينتظر الفريق الوطني من استحقاقات حاسمة في ثلاث مباريات فاصلة، لم أقرأ في عين الرجل سوى نقطة واحدة أحسست فيها أن سوداوية الدفاع المغربي تظل اللغز الكبير لفريق وطني يقف بهرم مثلث مشلول الجانب الأول في ظل خطين بارزين هما وسط الميدان والهجوم·· أحسست بالرجل يقول أن الآية أضحت معكوسة اليوم، في وقت كان البحث عن رجال الوسط والقناصة في البطولة الوطنية مختلفا وصعبا كما لو أنه يقول بالحرف مطلوب وسط ميدان وهداف للمنتخب·· ومن العار أن ينبث جيل المحترفين المغاربة بهذا الرعد والكم الهائل من النجوم في كل المواقع في غياب سند أولي يعتبر من الأولويات الكبيرة لصناعة أجيال المنتخب، ومن العار أن تنقلب أوتار المنتخب اليوم من منتخب تشكل في أزمنة مختلفة من المحليين، ليصبح اليوم مبتور السيقان والنجومية كما لو أنك تبحث عن إسم في ثقب إبرة بالبطولة، إلى منتخب محترف منقد للمرحلة الحالية ومراحل الزمن الذهبي الذي صنعه بتونس· قلت لمومن·· هل هذه هي البطولة التي نريد أن تكون رمز الإستكشاف والبحث عن التوابل الممكنة لتغطية كل الفراغات الحاصلة والعاجلة؟ وهل لا يوجد بديلا لخط دفاعي بالمرة بالمغرب أو في كل الدول الأوروبية للتنفيس على لغة الإهتراء بالأندية؟ وقال بالحرف: >لا يمكن أن نتحدث في هذا الموضوع الآن، لأن الحالة والظرفية لا تسمح بذلك ولو أنني متأكد أن عودة الإجتهاد في تشكيل منتخب محلي هو الحل الأنسب<·· ومع كل ذلك لا يمكن أن يقول مومن أي شيء لأنه ملزم ومنشغل بمصيبة اختيار دفاع مشلول في التنافسية ليلعب به أحد أقوى المباريات الحاسمة بالطوغو، وملزم مع طاقمه أن يقرأ كل التفاصيل الدقيقة لتفادي الأخطاء القاتلة بالطوغو، وملزم أن يحرص على تأكيد المعطى السيكولوجي لذات الخط بتنسيق وثيق في ظل مباراة مطلوب فيها الفوز مائة بالمائة وممنوع فيها الأخطاء القاتلة للدفاع حراسة وخطا جماعيا· طبعا لا يمكن تفسير هذه الظاهرة الخطيرة إلا بشيء واحد هو أن أندية المغرب لا تشتغل مطلقا في صناعة الخلف، ولا يؤهل مسيروها في أقوى القرار إلى قراءة كل المراحل إلا بالعجزة وشيوخ الدفاع، كما لا يمكن أن يختار المنتخب هذا النوع من الخبرة ليلعب به كحل ترقيعي قصير وقصير الأمد، كما لا يعمل مدربوها على اكتشاف المواهب الصاعدة والصغيرة في ظل احتكار سوق الإنتقالات الضعيفة سباق المنافسة مع أنها منافسة تستلزم تعدد الرجال في كل موقع، وهو ما قلته لأكثر من >إمنحوني مدافعا أيمنا من طراز رفيع في البطولة علما أن كل فريق له رجلين أو ثلاثة في ذات المركز مثلما هو الأمر في كل المراكز·· ما يعطي حسابيا 48 مدافعا أيمنا و48 مدافعا أيسرا و48 مدافعا أوسطا وهلم جرا من الأرقام الإضافية في الوسط والهجوم<·· وبهذه الأرقام يمكن أن نختار أفضل مدافع أيمن ومدافع أيسر ومدافع متوسط، وحراس مرمى، ورجال وسط·· و··· هلم جرا·· والحقيقة البديهية تؤكد أن البطولة لا تفي بالوعد، ولا تعطي النجومية الراقية، بل تفسد كل شيء في التصدير والتهجير للربح المالي، وتقتل المواهب في بطولات خليجية غير متوازنة مع البطولات الأوروبية، وتمنحك الرتابة والنوم العميق لأداء لا يشهد به مطلقا كموقع اختيار لاعب دولي إلا بإستثناءات قليلة أقول عنها اختيارات عادية للاعبين غير محترفين في الدماغ·· وما أحلم به جديا أن تعود البطولة بحس القامات المختفية في الدفاعات، لأن مورفولوجية أبرز اللاعبين في الخطوط (عدا العلاوي) أضحى مفقودا، وصناع الوسط الخارقين أمثال الظلمي والتيمومي وغيرهم أصبح معدوما، وصناع الهجوم والقناعة تبحث عنه بقنديل داخل غار مخيف·· ومع الأسف لم يقرأ مدربو الأندية منذ زمن ليس بالقصير إشكالات البطولة الخطيرة في كل اختيارات المنتخبات العامة·· ولم يحظ أي واحد منهم لصناعة أسماء معينة سوى أنهم يبحثون عن مواقعهم كمدربين، وبطاقة هوية لائقة تدفعهم إلى تدوين أسمائهم بنتائج مرحلية فقط· وليعذرني الكل، لأن ضريبة المنتخب الحالي في خط دفاعه هي مصيبة البطولة، مثلما هو الأمر في كل الخطوط لو لم نجتهد نحن في اكتشاف مواهب المهجر لتغطية جحيم وسط عانينا منه، وخطا هجوميا أصبح اليوم صعبا في اختيار كل النجوم في دكة البدلاء·