نحن ننتظر يفترض أن تكون إنتخابات الجمعة الأخير والتي كانت في جوهرها ثمرة لمنظومتنا الدستورية المحينة وفي عمقها تخصيبا لخيارنا الديموقراطي قد وضعت الملمح الأول للخريطة السياسية، أي أن المغاربة يمكنهم من الآن أن يتوقعوا ممن ستتشكل الحكومة القادمة وما هي طبيعة الهيئة التشريعية الجديدة. ومع حضور السؤال السياسي الذي يلح على إستقراء المرحلة وتفرس الملامح المستقبلية، يكون ضروريا أن نستبق الأحداث ونضع نحن من يعنيهم الشأن الرياضي الحدود التي يجب أن يصلها برنامج الحكومة المقبلة لبلورة منظور جديد، حداثي ومتطابق للرياضة الوطنية. لا نختلف في أن الحكومة الحالية التي تعيش أيامها الأخيرة أبرزت نوعا من الحيوية في التعاطي مع الشأن الرياضي، فعلى عهدها إنعقدت مناظرة وطنية حول الرياضة وصفت بالدقيقة والمفصلية وانبثقت عنها إستراتيجية مستحدثة ومستجيبة لإنتظارات العائلة الرياضية ومعها أمكن لنا جميعا أن نتلمس العمل الذي أنجزه السيد منصف بلخياط وزير الشباب والرياضة في العمق عندما فتح أوراشا كثيرة منها ما كان يتصل بالمضمون القانوني المنظم للممارسة الرياضية من قاعدتها إلى قمتها، ومنها ما كان يتصل بالجانب الهيكلي والبنيوي بمباشرة عمل قاعدي مع هيكلة المشهد الرياضي وتوخى بالأساس سد بعض من الفراغ المهول الذي كانت تشكو منه البنيات التحتية ومنها ما تعلق بالجانب التعاقدي الذي يضع الجامعات أمام مسؤوليات جديدة عند إدارة المشهد الرياضي الوطني. وإذا كان الدستور الجديد المصاغ بفكر مغربي هو ما أعاد تشكيل الخريطة السياسة وهو ما أعاد إفراز النخب، فإنه في سابقة هي الأولى من نوعها يجعل من الرياضة رافعة أساسية للتنمية المستدامة ويحث السلطات العمومية على دعمها ماديا ولوجيستيكيا وعلى مساعدتها لتمثل كل شروط الحكامة الجيدة، لذلك فإن أي برنامج حكومي مستقبلي لا بد وأن يقدم للمغاربة منظورا جديدا للدعم الذي يجب أن تقدمه الحكومة والهيئة التشريعية للرياضة. الحكومة بوصفها مسؤولة عن الميزانية العامة للدولة، وجميعنا ينتظر أن تحدث ثورة نوعية في الموازنة المخصصة لقطاع الشباب والرياضة فتتخطي به نسبة الواحد بالمائة لطالما أن هناك أوراشا مفتوحة لم يستكمل العمل فيها والهيئة التشريعية بوصفها مسؤولة عن التشريع الذي يقنن ما تمت دسترته كحق. إن الدعم الذي أصبحت السلطات العمومية مسؤولة عنه بأحكام الدستور يحتاح إلى فصول تقننه وتضبطه وتحدد بعناية هوامشه بما يتطابق تطابقا كاملا مع خصوصياتنا. وإذا ما كنا نجزم بأن وزارة الشباب والرياضة على عهد حكومة السيد عباس الفاسي قد سارت شوطا كبيرا فى تفعيل الإستراتيجية المستوحاة نصا وروحا من الرسالة الملكية الموجهة للمناظرة الوطنية حول الرياضة ومن التوصيات الصادرة عنها أيضا، فإن الحاجة الماسة لإستكمال أوراش البناء والتحديث والهيكلة تفرض أن تحتفظ الحكومة المقبلة بذات وثيرة العمل وبذات النجاعة، إن لم يكن مطلوبا أن تكون بأكبر فعالية في تفسير كل بنود وفصول قانون التربية البدنية والرياضة المحين باستصدار الأحكام التطبيقية بخاصة منها ما يدفع وطنيا إلى تبني نظام دراسة ورياضة والذي يجب أن يكون خيارا حكوميا أي خيارا وطنيا، وما يحرص على نقل أنواع رياضية بعينها كرة القدم على وجه الخصوص إلى النظام الإحترافي بإطلاق قانون منظم للشركات الرياضية التي يجب أن ترعى الإحتراف نوعيا أو كليا داخل النوادي الرياضية. وعندما يتطلع المغاربة إلى حكومة جديدة، متماسكة، متراصة، متجانسة ومنتظمة وذات قدرة على تمثل مسؤولية تخصيب المشروع المجتمعي، فإنهم يتطلعون أيضا إلى حكومة تحفظ كل المكتسبات الرياضية بأن تواصل البناء والهيكلة والتحديث للوصول بالمشهد الرياضي الوطني إلى المستوى الذي يليق بالمغرب وينقله من شعب عاشق للرياضة لحد الوله إلى شعب رياضي بكل ما في التعبير من دلالات ومن مغازي.