رصدت الرسالة الملكية الموجهة الى المناظرة الوطنية الثانية للرياضة التي التأمت الاسبوع الماضي بالصخيرات الاختلالات الكبرى للمشهد الرياضي الوطني ، و وضعت ركائز ما يمكن اعتباره بخارطة الطريق للتعامل المستقبلي مع قطاع يشكل أحد المحاور الأساسية للبرنامج الحكومي . و شخص جلالة الملك بصراحة و عمق جوهر النقائص و الثغرات التي تعيق الممارسة الرياضية ببلادنا من الاضطلاع بدورها التنموي والتربوي في ترسيخ المواطنة الكريمة والغيرة الوطنية وبناء مجتمع ديمقراطي حداثي سليم ودعا المشاركين والمهتمين بالقطاع الى الاجتهاد لبلورة معالم إنطلاقة جديدة قادرة على النهوض بأحوال الرياضة المغربية المتعثرة . و لا يخفى على أحد أن المشهد الرياضي الوطني يراكم منذ سنوات مخلفات عهود من الارتجالية و التدبير البعيد عن الاحترافية و التخصص و المردودية ، إذ تحول الى ملجإ للمتطفلين ومطية للإرتزاق و تحقيق المآرب الشخصية ، و هو ما أثر سلبا على سيرورة النتائج التي حققها وطنيا وعلى مستوى المحافل الرياضية الدولية حيث مستويات الأداء متذبذبة وغير مستقرة تفضح تسييرا عشوائيا ، و لا تعكس الاستثمارات العمومية المرصودة للنهوض بالقطاع . و الرأي العام الوطني الذي دأب بروح وطنية عالية على تتبع مسار الممارسة و على تشجيع أبطاله و ممثليه بالمنافسات و المنتديات المختلفة لا يشرفه في شيء مسلسل النتائج الهزيلة التي تعود بها المنتخبات الوطنية ، و جل ممثلي الراية الوطنية في المحافل الخارجية و هو ما يحتم اعتماد تدابير تسيير و تأطير تقني و إداري متجددة تحقق في نفس الوقت الجودة و الاحترافية و الكفاءة و هو السبيل الوحيد لتحقيق النتائج المرجوة و الوصول الى الأهداف و الثمار التي يرصدها الاهتمام و العناية الملكية و البرنامج القطاعي الحكومي . و ضمن هذا المسعى لا مناص من إعادة النظر في اختصاصات و صيغة الهياكل المنظمة للمشهد الرياضي ، و فسح المجال أمام الطاقات الوطنية المختصة و الكفأة للعمل بكل حرية و مسؤولية بما يحدد المسؤوليات و الأدوار و يتجاوز مختلف الثغرات و النقائص التي ولدها تدبير عشوائي تطوعي يغيب فيه تنسيق الجهود و تحديد الاختصاصات . و إذا كانت كل مكونات المشهد الرياضي مطالبة و مدعوة للعمل على توسيع قاعدة الممارسة لتشمل كافة المناطق و الشرائح الاجتماعية بدءا من الرياضة المدرسية الجامعية و مرورا عبر أدوار الجماعات المحلية و مؤسسات القطاع الوصي فإن إحداث و تدبير المنشآت لا يجب أن يقع على عاتق الدولة فقط بل يجب أن يؤسس لعمل تشاركي منسق و تظافر جهود السلطات العمومية و الوحدات الادارية و الجمعيات لوضع مخطط متكامل ينبني على الابداع و التجديد و الفاعلية . وضمن نفس المسعى يجب على الاعلام الرياضي الوطني أن يكتسب مقومات المهنية و المصداقية لكي يستطيع بمصداقية و كفاءة أن يرصد واقع و تحولات القطاع ، و يقف عند إيجابياته و نقائصه و يوجهه عبر وسائط الاتصال الحديثة وطنيا و دوليا .