وصفت مصادر متطابقة تحركات منصف بلخياط وزير الشباب والرياضة لتنظيم مناظرة وطنية ثالثة حول الرياضة بالمناورة المكشوفة، والتي يسعى من خلالها إلى حجب الرؤية عن شجرة التوت، وقالت المصادر ذاتها، إن الوقت غير مناسب تماما لعقد مناظرة وطنية جديدة قد تكلف ميزانية الدولة ما يقارب مليار سنتيم، مشددة في الوقت نفسه على ضرورة تطبيق مضامين الرسالة الملكية السامية التي تليت في المناظرة الثانية التي عقدت سنة 2008 على عهد الوزيرة السابقة نوال المتوكل، وأوضحت المصادر ذاتها إن جهات داخل وزارة الشباب والرياضة وبتوجيه من الوزير نفسه تسعى إلى القفز على الواقع، من خلال جر كافة المتدخلين إلى مزيد من هدر الوقت والمال العام، متسائلة عن الجدوى من مناظرة جديدة في الوقت الذي لازالت مكونات الرياضة الوطنية تنتظر تفعيل توصيات مناظرة الصخيرات، وأبدت المصادر ذاتها تحفظها من نوايا وزير الشباب والرياضة، وقالت إن الإعلان عن مناظرة ثالثة وفي أقل من ثلاث سنوات دليل على سياسة العبث التي تنهجها الوزارة، وقالت إن مصير أي مناظرة في المغرب مآله الفشل بسبب غياب سياسة رياضية تأخذ بعين الاعتبار واقع البلد، وأكدت الحاجة إلى مخطط شمولي لمواجهة الإكراهات التي تعاني منها الرياضة المغربية. وطرحت المصادر ذاتها علامة استفهام عريضة حول الأسباب التي جعلت المسؤولين بوزارة الشباب والرياضة يغيبون مخططات واستراتيجيات المناظرة الثانية، مشيرة إلى أنها ظلت مجرد حبر على ورق، بعدما تلاشت توصياتها ولم يظهر لها أي أثر في أرض الواقع، رغم النقاش الذي أثمرته في حينها، خصوصا بعد الرسالة الملكية التي اعتبرها كافة المتدخلين في الشأن الرياضي بمثابة خارطة طريق لإصلاح واقع فاسد ومهزوم. وقالت إن وزارة الشباب والرياضة عملت خلال السنتين اللتين أعقبتا المناظرة الوطنية على تكريس نفس الواقع، من خلال استمرار نفس الوجوه في تدبير الشأن الرياضي، فيما عمل منصف بلخياط على تعيين عدد من رؤساء الجامعات بشكل أثار كثيرا من الجدل، وقالت المصادر إن أكثر ما عانت منه الرياضة الوطنية خلال الفترة الفاصلة بين المناظرة الثانية والآن، هو غياب الحكامة الجيدة في تدبير الشأن الرياضي، وغياب الديمقراطية في عدد من الجموع العامة، مشيرة إلى أن عددا من الوجوه التي ألفها الشارع الرياضي منذ سنوات خلت لازالت حاضرة وبقوة، وقالت إن لاشيء تغير، بما فيها تلك الجموع العامة التي يتم تهييئها مسبقا لخدمة مصالح جهات معينة. وأضافت المصادر ذاتها أنه وبغض النظر عن التوصيات، التي خرجت بها مناظرة نوال المتوكل، والتي دعت إلى تحيين القوانين وسن الاحتراف كخيار استراتيجي، وإعادة الاعتبار للرياضة الجهوية، والاهتمام بالعمل القاعدي في صناعة البطل والفرجة، فإن الإعلان عن مناظرة جديدة يعتبر تحصيل حاصل مادام أن توصياتها ستبقى حبرا على ورق، كما أن الذين سيعملون على إنجازها هم نفس المسؤولين الذين أنجزوا المناظرة السابقة، وطالبت المصادر في المقابل بضرورة تحيين توصيات المناظرة السابقة التي لازالت صالحة وإخراجها إلى حيز الوجود، مشيرة إلى أن أول عمل يجب على الوزير بلخياط القيام به هو إخراج النصوص المنظمة لقانون التربية البدنية. وزادت في القول إن الأجدر بالوزير بلخياط أن يستثمر مضامين الرسالة الملكية، التي أجمع كل الرياضيين على أنها خارطة طريق واضحة المعالم للتغيير، خصوصا أن الرسالة الملكية تطرقت إلى اختلالات المشهد الرياضي وما تتخبط فيه الرياضة من ارتجال وتدهور، و" اتخاذها مطية من لدن بعض المتطفلين عليها للارتزاق أو لأغراض شخصية إلا من رحم ربي من المسيرين". كما أشارت الرسالة إلى أهم مظاهر اختلالات الرياضة الوطنية، مشددة على "أن تحديد المسؤوليات غالبا ما لا يجري بشكل واضح في حين لا تتوفر عناصر الشفافية والنجاعة والديمقراطية في تسيير الجامعات والأندية، ناهيك عن حالة الجمود التي تتسم بها بعض التنظيمات الرياضية". وتضمنت الرسالة عددا من الحلول الناجعة للخروج من الوضع المتأزم للرياضة الوطنية حيث أشارت إلى أنه " لتجاوز الأزمة الحالية يتعين وضع نظام عصري وفعال لتنظيم القطاع الرياضي، يقوم على إعادة هيكلة المشهد الرياضي الوطني وتأهيل التنظيمات الرياضية للاحتراف ودمقرطة الهيئات المكلفة بالتسيير"، وهو الأمر الذي قالت المصادر ذاتها إنه لازال حاضرا في المشهد الرياضي، في انتظار حلول ناجعة بعيدة عن المناظرات التي لا طائل منها.