نظمت كما هو معلوم جمعية «فضاء المولودية ثقافة» ورياضة بتنسيق مع رابطة المغربية للصحافيين الرياضيين وجمعية لاعبي قدماء المولودية الوجدية يومي السبت والأحد الماضيين، ندوة وطنية بمناسبة الذكرى الثانية للرسالة الملكية الموجهة للمناظرة الوطنية حول الرياضة المنعقدة خريف سنة 2008 الصخيرات. الندوة كانت تحت عنوان : « واقع وآفاق كرة القدم المغربية بعد مرور سنتين على الرسالة الملكية وأزيد من سنة على تعيين المكتب الجامعي»، وهو اختيار موفق إلى أبعد الحدود، جاء في ظرفية تتميز بالعديد من المستجدات. فالرسالة/ الحدث، اعتبرت سابقة في تاريخ الرسائل الملكية للمناظرات والندوات واللقاءات، ليس فقط من حيث طرح القضايا الكبرى للقطاع والإحاطة بكل الجوانب المرتبطة بالممارسة، لكن كذلك من حيث الأحكام القاسية التي حملتها، وخروجها عن عادة البرتوكولات التي كانت تميز عادة على مثل هذه الرسائل، لتتوجه إلى الأوساط الرياضية بخطاب قوي ومباشر، تردد صداه في كل الأرجاء، إلى درجة أن الوزير الأول عباس الفاسي، امتنع عن تلاوة خطاب بالمناسبة أمام المتناظرين، بعدما تبين أن التدخل الذي أعده سلفا سيكون خارج النص، وبعيدا كل البعد عن الواقع المر الذي عكسته بصدق الرسالة الملكية. على هذا الأساس، اكتست ندوة مدينة وجدة أهمية خاصة، حيث اعتبرت مناسبة مهمة للوقوف على ما تحقق وما لم يتحقق من هذه الرسالة والتوصيات التي خرجت بها المناظرة التي اعتبرت خارطة طريق بالنسبة للقطاع الرياضي ككل. وقد جاء التغيير الذي عرفته وزارة الشبيبة والرياضة، بتعيين منصف بالخياط مكان نوال المتوكل، ليقبر التوصيات التي خرجت بها المناظرة، حيث حصر المسؤول الجديد عن الشأن الرياضي حديثه عن الرسالة الملكية فقط، مما يعتبر ضربا لمضمون المناظرة التي انتظرها الوسط الرياضي منذ سنة 1965، تاريخ أول مناظرة وطنية في عهد وزير الشبيبة والرياضة آنذاك عبد الرحمان الخطيب، مع العلم أن سنة 1980 لم تنظم كما هو شائع مناظرة وطنية حول الرياضة بقدر ما اقتصرت على كرة القدم على خلفية الهزيمة القاسية أمام الجزائر بمدينة الدارالبيضاء بنتيجة ( 15 ). وقد كان اختيار جامعة كرة القدم كنموذج للوقوف على ما تحقق بعد سنتين من المناظرة ورسالتها الشهيرة، اختيارا موفقا لعدة اعتبارات لا تخفى على أحد، منها الأسبقية التي أعطيت لهذه الجامعة، من حيث الموارد المالية المهمة التي خصصت لها بأمر من صاحب الجلالة، من بينها ميزانية المنتخبات الوطنية والتي تصل إلى 25 مليار سنتيم، الاستحقاقات العديدة التي تنتظر كرة القدم الوطنية جهويا، عربيا، وقاريا ودوليا، بالإضافة إلى الاهتمام الشعبي الكبير الذي تحظى به هذه الرياضة بمختلف الأوساط سواء الرياضية أو غير الرياضية. من هذا المنطلق كانت كرة القدم ولا زالت وستظل سواء الأمد المنظور أو البعيد، القاطرة التي تقود باقي الرياضات، ووضعها تحت المجهر يمكن من قياس درجة حرارة كل المتدخلين في القطاع، وكيفية التعاطي مع الفعل الرياضي عموديا وأفقيا... الحكامة الجيدة، دمقرطة المؤسسات، ولوج عالم الاحتراف، توسيع قاعدة الممارسة، تقوية شبكة التجهيزات، تحيين القوانين، تشجيع الاستثمار، مراقبة صرف المال العام، وضع أسس جديدة للتواصل والإشراك، الإنصات لهموم القاعدة، هذه التوصيات وغيرها هي التي خلصت إليها المناظرة الوطنية، وركزت عليها الرسالة الملكية، فماذا تحقق داخل جامعة كرة القدم، بعد سنة ونصف من التغيير الذي عرفته؟. فقد خلصت أغلب التدخلات التي ميزت ندوة فضاء وجدة إلى أن توصيات المناظرة الوطنية التي كلفت ميزانية الوزارة حوالي مليار سنتيم، لم يتحقق منها إلا النزر اليسير، وكان ما وقف عليه الوسط الرياضي بكل تجلياته لا يعني شيئا، بالنسبة لأصحاب الحل والعقد حاليا بالمشهد الكروي خاصة والرياضي بصفة عامة. بجامعة كرة القدم هناك إهدار صارخ للمال العام، ضرب لأسس الديمقراطية، تهميش للقاعدة، تقليص لخريطة الممارسة، غياب للتواصل، وكأن هذا الجهاز الجامعي يعيش بجزيرة خاصة لا علاقة بالنقاش الوطني الدائر حول الديمقراطية، وحفظ المال العمومي، وتثبيت أسس الحوار، كمساهمة في تخليق الحياة العامة والرياضة من بين القطاعات التي تحولت خلال السنوات الأخيرة، إلى خيار استراتيجي من خيارات الدولة. استطاعت إذن ندوة وجدة تمرير العديد من الرسائل والخطابات الواضحة وغير المشفرة، وهو شيء يحسب لجمعية فضاء وجدة وشركاؤها في التنظيم مما يؤكد أن النسيج الجمعوي والمجتمع المدني بصفة عامة يتفاعل بالإيجاب مع محيطه، ويشكل بالفعل قوة إقتراحية لا يستهان بها، لتبقى الكرة بمرمى علي الفاسي الفهري ومن معه...