طُلبت لإبداء الرأي في التخريجة التي اهتدت إليها الجامعة ضمن تخريجات كثيرة كانت قيد النقاش لتأثيث الفراغ التقني الذي يفترض أنه موجود، مع الإنفصال المنطقي بل والحتمي عن روجي لومير، وكنت أصرح للذين طاردوني بسؤال المرحلة أن الصيغة مستحدثة، ومبتكرة، ولا أستطيع تبين حقيقتها لطالما أنني أجهل ما الذي حفّز عليها، ما الذي يراد منها، وما هو مخطط لما سيأتي بعدها···؟ بالقطع هي صيغة مؤقتة، وما فرض خيار التأقيت أن الجامعة، وتحديدا المكتب الفيدرالي الجديد الذي ستحسب عليه أي خطوة يخطوها بعد اليوم في تدبير الزمن الصعب للكرة المغربية وبخاصة للفريق الوطني، آثر عدم المغامرة بالإرتباط بمدرب من العيار التقني الذي يتطابق مع أبعاد المرحلة ومع طبيعة أوراش الجامعة، خوفا من تضييعه مع تلاحق مباريات نجمع على مصيريتها وعلى خصوصيتها أيضا، أو أنها أكرهت على صرف النظر عن ذلك لسبب بسيط أن مدربا من الطراز الذي ترتضيه الجامعة للفريق الوطني، وتكون في ذلك متحملة لكامل المسؤولية في اختياره، لن يقبل بأن يقاد إلى ثلاث مباريات وحول عنقه طوق متفجر·· وبفرض أن الجامعة قد اهتدت تحت الإكراه إلى صيغة العمل بإطار تقني مؤقت، فهل كان هناك ما يلزم فعلا بأن يوضع أربعة مدربين دفعة واحدة أمام مقود الفريق الوطني لتحريك قطار منهوك فوق سكة ملغومة···؟ لا أستطيع من مبدأ التقدير ومن حرص أبدي على مناصرة الكفاءة المغربية أن أشكك في من اختارتهم الجامعة لقيادة الفريق الوطني في مبارياته الثلاث القادمة، مع علمي بأن طبيعة المهمة تكره على إيجاد المشتركات للعمل على قاعدتها ولا أستطيع إلا أن أكون متفائلا بقدرة الأربعة إن توزعوا بإحكام على مسؤوليات تقنية وسيكولوجية واستراتيجية كبيرة على إنجاح المهمة بكامل تبعاتها، فما أطلعت عليه موضحا في صيغة التعيين أن الأربعة سيعملون بفكر رجل واحد على تدبير المرحلة القادمة، وسيحصلون على كافة وسائل الدعم المعنوي والمادي واللوجستيكي لإنجاز المهمة التي تتمثل في تحقيق التأهل إلى كأس إفريقيا للأمم بأنغولا بدرجة أقل وتحقيق التأهل إلى كأس العالم بجنوب إفريقيا بدرجة أكبر، ولو أنه يبدو لنا جميعا بمقياس العقل أن الحظوظ في الوصول إلى مونديال جنوب إفريقيا تضاءلت على نحو كبير·· وإذا ما تركنا محاكمة هذه الصيغة المستحدثة لما بعد الفترة الزمنية المحصورة فيها، وابتعدنا عن حدس ما تخطط له الجامعة وتحديدا السيد علي الفاسي الفهري لما بعد شهر نونبر عندما يسدل الستار على التصفيات القارية، سنأتي للحديث عن كل ما يفترض أن يأتي به الطاقم الجديد للفريق الوطني والذي تغير بنسبة مائة بالمائة، حيث يبدأ أسود الأطلس تحضيراتهم لموقعة لومي بمواجهة شياطين الكونغو وديا·· فوق ما تمثله الصورة التي جاء بها الطاقم التقني الجديد والتي تستدعي حرصا زائدا في توزيع المسؤوليات بحسب ما تقتضيه المرحلة، فإن الفريق الوطني وهو يطوى صفحة روجي لومير بكل انتكاساتها، سيكون عند مواجهة الكونغو مدعوا لأن ينظف العرين من كل الذي علق به، ولأن يشحن مجددا الطاقة النفسية ليقوى على تمثل المرحلة القادمة·· هي مصالحة مع الذات تمر من مصالحة مع الجماهير، ومتى نجح أسود الأطلس في تجاوز مخلفات المرحلة السابقة بكل ما كان ينكس فيها الرؤوس، ويصيب بالتشاؤم ويهدر القدرات الفنية، متى كان بإمكاننا أن نتطلع لفريق وطني مبني ومؤطر ومدبر على قاعدة إحترافية، لا يكون فيها مكان للعب بالمصير وحتى للضحك على ذقون شعب بكامله·· وعندما يكون ممكنا أن يستجمع الفريق الوطني كل قواه الضاربة ويستعيد ما أتلف من قيمه البشرية، فإننا نتفاءل بأن تنجح الصيغة المؤقتة في تعبيد الطريق نحو مسار جديد، مطبوع بالإحترافية حتى لو أنه لا قدر الله انتهى بنا إلى الإقصاء من كأس العالم ومن كأس إفريقيا للأمم· وبذات الدرجة التي أنا موقن فيها أن الصيغة المستحدثة لا تستبلدنا ولا تقايض حلما بحلم وواقعا بواقع غيره، فإنني موقن من أن الجامعة إقتنعت بضرورة أن تكون هناك مقاربة جديدة لتدبير الشأن التقني لكرة القدم المغربية· مقاربة تقوم على الإحترافية والأهلية والتطابق مع خصوصيات كل مرحلة، أكثر ما تقوم على العواطف وعلى الإنتصار للنزوات المريضة، فما أكثر ما عانت كرة القدم ومنتخباتنا الوطنية تحديدا من نرجسية ومن ضيق أفق من وضعت بيدهم أمانة هذه المنتخبات·