ما نجنيه اليوم هو ثمرة الإرادة الملكية السامية الفرحة التي أدخلها الأسود على المغاربة لا تقدر بثمن ثقتنا في غيرتس كبيرة وما أنجزه المنتخب ملحمة سيحفظها التاريخ ألمني ما فعله تاعرابت لأنه الخاسر الأكبر أولا وأخيرا كسبنا عناصر جديدة وكارسيلا نموذج الشباب الذي نريده
كسائر المغاربة طار فرحا.. رقص وغنى واحتفل.. وأنسته الرباعية ألم الماضي ولسعات المتشائمين.. بكى فرحا وهو يتابع شريط الملحمة الأطلسية الخالدة وسط جماهير هذا الوطن الرائع.. وطن الملاحم والمنجزات وقيم المواطنة النبيلة.. في هذا الحوار الإنفرادي يتحدث الرجل عن تداعيات الفوز على الجزائر، وانطباعاته حول ملحمة الجمهور الرياضي بمراكش وفي شوارع المملكة الشريفة وحتى خارج أرض الوطن عندما عبرت جاليتنا عن إمتنانها للأسود. حوار نجريه كما جرت العادة مع السيد علي الفاسي الفهري لقراءة أهمية الفوز في ظرفية حساسة، إستعاد معه المغاربة ثقتهم في فريقهم الوطني وفي مدرب كبير عرف كيف يجد الدواء ليعالج المرض.. تابعوا التفاصيل.. - المنتخب: بداية هنيئا لنا كمغاربة بفوز فريقنا الوطني على منتخب الجزائر.. أود أن أعرف إنطباعاتكم كرئيس للجامعة في هذا الصدد؟ الفاسي الفهري: إسمح لي في البداية أن أهنئ الرياضي الأول صاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله على الفوز الذي حققه فريقنا الوطني على منتخب الجزائر بحصة أربعة أهداف للاشيء، وأهنئ الشعب المغربي الذي قدم ملحمة وطنية ستبقى خالدة وسيذكرها ملعب مراكش الكبير، دون أن أنسى أفراد جاليتنا المغربية الذين كانوا أيضا في الموعد وفي مختلف الدول الأوروبية والعربية والإفريقية.. لقد كنا بحاجة إلى هذا الفوز لكي يعيد فريقنا الوطني إلى السكة الصحيح، والواقع أنني كنت متفائلا جدا قبل المباراة، لأنني كنت قريبا من الطاقم التقني ومن اللاعبين طيلة أسبوع كامل، حيث كانت رغبتهم كبيرة في إسعاد جميع المغاربة وإهدائهم فوزا يرفع عنهم الضغط الذي عاشوه مع الفريق الوطني في المرحلة الأخيرة.. وأقول بكل صدق أن دعم جلالة الملك محمد السادس نصره الله للجامعة الملكية المغربية لكرة القدم ساعدنا على فتح الأوراش ومنها ورش المنتخبات الوطنية لتأطيرها وتأهيلها حتى تكون جاهزة إفريقيا.. كمغربي أولا لا أجد الكلمات المناسبة لأشكر كل مكونات الشعب المغربي على هذا التلاحم وهذه الوطنية الرائعة وإلتفافهم حول الفريق الوطني الذي كان في يومه ولم يخلف الميعاد، شيء رائع أن يخرج المغاربة في جميع المدن المغربية بهذه الصورة الرائعة وهي تردد إسم صاحب الجلالة حاملة الأعلام الوطنية، وتشكو لاعبي المنتخب الوطني على أدائهم وقتاليتهم، هذه هي شيم المغاربة، الذين أبانوا على قيم المواطنة الحقة، وصنعوا إحتفالية خالدة بشعار الله، الوطن، الملك. - المنتخب: كيف كنت تتفاعل مع أجواء المباراة التي كانت مضغوطة تقنيا عند بدايتها؟ الفاسي الفهري: كسائر المشجعين كنت على أعصابي، أتفاعل مع أي هجمة يقودها الفريق الوطني، بل تمنيت لو جاء الهدف مبكرا حتى لا تمر علينا الدقائق وتصعب علينا المهمة، لكن عندما جاء الفرج من رجل المهدي بنعطية تخلصنا من الضغط وتأكدت بأننا سنتسيد المباراة، وسيثق اللاعبون في أنفسهم أمام الهيجان الذي عرفه الملعب الذي تحول إلى اللون الأحمر، ولا أكتمك السر، لقد طرت فرحا كالجماهير وهتفت مثلهم، ما سرني هو التحول الذي عرفه المنتخب المغربي مقارنة مع مباراة عنابة التي خسرناها بضربة جزاء مشكوك فيها، قلت إننا نتوفر على فريق وطني قادر على تجاوز هذه الإحباطات وبإمكانه أن يكون أحسن منتخب على الواجهة الإفريقية، كيف لا ونحن فزنا بكأس الإتحاد الإفريقي لكرة القدم مع الفتح، وأنديتنا تخطو بثبات في المنافسات الإفريقية، وربحنا عناصر جديدة للفريق الوطني كالسعيدي والكوثري اللذين انضبطا وإنخرطا مع رؤية الناخب الوطني، كما أن جميع لاعبي الفريق الوطني إنضبطوا مع استراتيجية المدرب والطاقم التقني، لأننا نبني الهياكل وليس النتائج، بحيث أن كل واحد منا يتحمل المسؤولية المنوطة به، ويعمل بضمير مهني وإحترافي في الجانب الذي يشتغل فيه بدون أن يتدخل أحد في إختصاصات الآخر، أمام هذا الوضع الجديد لا يمكن إلا أن نجني هذه الثمار ولي اليقين بأن المستقبل سيكون أفضل. - المنتخب: هل هذا الفوز بالنتيجة والأداء للفريق الوطني سيمنحه آمالا كبيرة للذعاب إلى كأس إفريقيا التي غبنا عنها في النسخة الماضية؟ الفاسي الفهري: النتيجة التي حققناها أمام منتخب الجزائر في مباراة أشبه بالسد أعطتنا آمالا كبيرة للبحث عن ورقة التأهيل، بل منحتنا منتخبا بطابع مغربي خالص، هناك ملامح جديدة لمنتخب شاب قادم لا محالة وهذا هو الرهان الذي سطرناه كجامعة مع الناخب الوطني السيد إيريك غيرتس، لذلك أقول إنها إشارات لإنطلاقة جديدة إن شاء الله ولمسار نتطلع لأن يكون في مستوى تطلعات الجماهير المغربية العاشقة حتى النخاع لفريقنا الوطني الذي سيكون إمتدادا لسنة 2014، حيث نسعى إلى التأهيل لكأس العالم إن شاء الله ونواة هذا المنتخب بدأت تتضح من الآن. بإذن الله سنكون حاضرين في كأس إفريقيا، وسنعود إلى زمن الأفراح، قلت في أكثر من مناسبة يجب أن نتحلى بالصبر، وكل شيء يسير في الإتجاه الصحيح، نحن نؤمن بالعمل الذي يقوم به الناخب الوطني السيد إيريك غيرتس وطاقمه. - المنتخب: غادر اللاعب عادل تاعرابت معسكر الأسود في ظرف حساس جدا، كيف كان رد فعلك؟ الفاسي الفهري: تألمت كثيرا من هذا التصرف، خاصة وأن الظرفية لم تكن مناسبة والمباراة ذات حساسية، بالإضافة إلى أنه أقدم على هذه الخطوة يوما قبل المباراة، فبالقدر الذي تأثرت فيه نفسيا وأحسست بأن اللاعب خذلنا بالقدر الذي أشفق عليه لأن خطوته سيتأثر بها هو في مسيرته، وأتأسف لأن مستقبله مع الفريق الوطني يمكن أن يضيع.. هنا أفتح قوسا لأقول بأن الأنانية لا مكان لها داخل الفريق الوطني، المدرب يفرض إنضباطا معينا ومن لا ينخرط فيه يكون مصيره الإبعاد، هذا فريق وطني ملك لكل المغاربة وعلينا أن نصونه ونحميه، فما الغاية من استقطاب لاعب لا غيرة له على القميص الوطني، أو ليست له رغبة في الإستماتة من أجل القميص الذي يحمله والذي يمثل جميع المغاربة.. خطابي هنا موجه للجميع، لأن للفريق الوطني قدسيته وحرمته وعلينا إحترامها جميعا، الحمد لله العناصر الوطنية كانت في الموعد وإكتشفنا لاعبين جدد كالكوثري الذي بصم على أول حضور له وكان في المستوى الكبير، السعيدي هو إكتشاف جديد، والملحمة فقد كانت من صنع الجميع. - المنتخب : هل يمكن إعتبار فوز الفريق الوطني تزكية لمواصلة الأوراش المفتوحة على مستوى تأهيل الأندية للدخول إلى البطولة الإحترافية؟ الفاسي الفهري: عندما جئنا إلى الجامعة لتدبير شؤونها كان الغرض بالدرجة الأولى الإصلاح وإعادة هيكلة للمنتخبات الوطنية والأندية، إنطلقنا في هذا الإتجاه، بحيث إرتأينا بناء المستقبل على أسس صحيحة في نطاق المنظور الذي وضعناه والذي تجلى في تنمية كرة القدم لتكون رافعة أساسية، الحمد لله الإنطلاقة جاءت أمام منتخب الجزائر الذي فزنا عليه بالأداء والنتيجة العريضة، وقد لاحظتم بأن جميع الأوراش التي فتحناها على مستوى الجامعة أخذت طريقها وترجمت على أرض الواقع، لقد كنا بحاجة إلى قفزة وإشارة تزكي هذه الأوراش فجاءت نتيجة المنتخب الوطني التي ستجعلنا نواصل عملنا بكثير من الإحترافية والصدق والوطنية، إن لم نقل أنها شكلت قوة إضافية في مشروعنا الإحترافي وأنستنا إحباطات الأمس وكم هو رائع هذا التلاحم الوطني بين جميع المغاربة، وعلينا أن نكون اليوم سعداء، بل فخورين بأن يكون لنا فريق وطني بهذه الصورة وهذه الكيفية وهذه الطريقة في الأداء، وما أدخل السرور في قلبي وجعلني أطير سعادة مثل جميع المغاربة هي هذه التعبئة الوطنية، إذ لم أكن أتصور أن تستقطب مباراة فريقنا الوطني هذا الحجم من الجماهير وهذا التجاوب في ظل الوضعية التي كان يعيشها منتخبنا، لكن المغاربة رجال في الشدائد، وهم من صنعوا الإحتفالية وعزيمة اللاعبين في الميدان، بكل صدق يعجز اللسان عن وصف هذه الصور التي تسبقى خالدة وسنبقى نذكرها إلى الأبد، وسيبقى يوم 4 يونيو خالدا في كل المدن المغربية.. هنيئا للشعب المغربي بفريقه الوطني. - المنتخب: لاحظنا أن اللاعبين بدأوا في ترديد النشيد الوطني، وهو الأمر الذي خلف إنطباعا جيدا لدى الجمهور، كيف عملتم على إعداد وتهييء اللاعبين لحفظ نشيدنا الوطني؟ الفاسي الفهري: هذا يدخل ضمن المنظومة العامة التي نشتغل عليها بالتعاون مع الناخب الوطني الذي أصر خلال المعسكر الإعدادي بمراكش بأن نمنحه النشيد الوطني، حيث أطلقه على مسامع اللاعبين صباح مساء لكي يحفظوه، وبالفعل كما لاحظتم جميع اللاعبين تفاعلوا ورددوا نشيدنا الوطني باستثناء البعض الذي ما زالت له مشاكل مع اللغة العربية، ولكن على العموم هذه بادرة طيبة تدخل في إطار تحميس اللاعبين وتذكيرهم بقيم المواطنة وقد أسعدتنا هذه الخطوة. - المنتخب: أطل علينا اللاعب المغربي المهدي كارسيلا في المباراة وهو موشح بالعلم الوطني والذي يعاني من آثار إصابة وما زال في فترة العلاج، كيف تابعت حضوره لهذه المواجهة وهو بين الجماهير؟ الفاسي الفهري: لقد كان حضور المهدي كارسيلا غاية في الروعة، بحيث أنه طلب من المدرب إيريك غيرتس حضور المباراة ليعيش مع اللاعبين أجواء هذه المواجهة التي لم تكن عادية، حضر برغبة وحماس كبيرين وهو يلتحف بالعلم الوطني برغم المرض الذي يؤلمه وقد اتصلت به لأقول له ألف مرحبا.. كارسيلا جسد إرادة الشباب المغربي الذي لا تثنيه المواقف الصعبة، لقد لاحظتم كيف أنه إندمج مع الأفراح ومع إحتفالية الجماهير.. هذا هو الشباب الذي نريده داخل الفريق الوطني وتلك كانت مناسبة للرفع من معنوياته والتأكيد على أن كارسيلا في قلوبنا. - المنتخب: لماذا أنت مقل في خرجاتك الصحفية مع أنك تقدر دور الصحافة في بناء مشهد كروي قوي؟ الفاسي الفهري: من طبعي أنني لا أتحدث عن الإعلام الذي أحترمه، لقد تابعت كل ما أحيط بالمباراة على مستوى وسائل الإعلام وتعرفون أنني أشتغل أكثر مما أتكلم، ما كان يهمني هو أن تمر المباراة في أجواء جيدة وتكون عرسا كبيرا يعيد أمجاد الفريق الوطني ويمتع جمهوره.. أنا أتعامل مع النقد البناء بحكمة كبيرة وأستفيد منه، لكن أن يخرج عن نطاق القيم المعمول بها فهذا لا يهمني، بل أغلق أذني.. لقد آثرت على نفسي أن أشتغل في صمت وبدون بهرجة، بل بصبر كبير وإن كان البعض خرج عن جادة الصواب. - المنتخب : على ضوء هذه النتيجة وأداء الفريق الوطني، هل نستبشر خيرا بمستقبل الفريق الوطني؟ الفاسي الفهري: إن غايتنا كانت وما تزال هي تأسيس هيكلة صحيحة للفريق الوطني، وبكل تأكيد فالعمل سيتواصل لنعود بقوة إلى الواجهة الإفريقية التي عملنا أن تكون هي المنطلق الحقيقي نحو العالمية، بحيث أمامنا كأس إفريقيا لعام 2012 ونريد أن نؤسس من خلالها لفريق وطني قوي يضمن التأهيل إلى كأس العالم 2014، وهدفنا بعد ذلك أن نكون جاهزين لكأس إفريقيا عام 2015 التي سننظمها بالمغرب. - المنتخب: نعود للحديث عن المنتخب الأولمبي، كيف تقرأ نتيجة مباراة منتخبنا الأولمبي أمام نظيره الكونغولي؟ الفاسي الفهري : فريقنا الوطني الأولمبي هو مستقبلنا، وكنا نتمنى أن تكون النتيجة مطمئنة للغاية، لكن الفوز بهدفين لهدف هو في حد ذاته شيء مهم، وإن شاء الله سندافع عن حظوظنا في مباراة الإياب، وهنا أثمن العمل الذي يقوم به بيم فيربيك ومعاونه المدرب حميدو الوركة وباقي الطاقم، إذ أنهم تمكنوا من استقطاب بعض اللاعبين الذين سيكون لهم شأن كبير مع الفريق الوطني، هناك عمل كبير يقوم به هذا الطاقم الذي يدخل هو الآخر ضمن الأهداف المسطرة. - المنتخب: هل وضعت الجامعة منحة استثنائية للاعبي الفريق الوطني من خلال الفوز على منتخب الجزائر؟ الفاسي الفهري: مهما منحنا للاعبي الفريق الوطني وللناخب الوطني فإن ما فعلوه لا يقدر بثمن، ومهما منحنا الجماهير الرياضية ما تريده، فإن الفرحة الكبرى تبقى فوق الأمور المادية.. يكفي أننا فرحنا وسعدنا ورقصنا وغنينا بعد سنوات من الإحباط. - المنتخب: مباشرة بعد نهاية المباراة توجهت إلى مستودع الملابس وعشت أجواء الفرحة، ماذا قلت للاعبين؟ الفاسي الفهري: كان من الطبيعي أن أتوجه إلى مستودع الملابس لأهنئ أبنائي أبناء الشعب المغربي على بطولتهم ورجوليتهم، إحتفلت معهم بهذا الفوز الذي سنحتفظ به في ذاكرتنا والذي سنتذكره بعد عشر سنوات قادمة.. لقد كنت في الملعب كسائر المغاربة.. ينبض قلبي للفريق الوطني وكنت أهتز كل ثانية ودقيقة، لدي شعور خاص حول هذه المباراة التي أعطت الإنطباع بأن المستقبل سيكون أفضل للفريق الوطني، وسنخوض المبارتين المتبقيتين بالعزيمة والإرادة، وقد هنأت كل مكونات الفريق الوطني. - المنتخب: كسؤال له إرتباط بالموسم الرياضي القادم، هل أنتم جاهزون لتدشين البطولة الإحترافية؟ الفاسي الفهري: الجامعة وضعت جميع الإمكانيات المادية واللوجستيكية لإنطلاق بطولة إحترافية وفق التصور الذي نريده ووفق الهدف الذي سطرناه مع الأندية.. نحن جاهزون والأندية إنخرطت معنا، صحيح هناك بعض الإشكالات العالقة، لكننا سنتغلب عليها في حينها، وهناك لجان تشتغل في هذا الجانب، ولن تكون لنا عطلة لأن عقارب الساعة تمر بسرعة.. وأنا سعيد جدا بالتطور الملموس الذي عرفته بطولتنا، وقد رأيتم أن نهايتها كانت مثيرة، صحيح كانت هناك بعض الأخطاء التحكيمية، وسنسهر على تأطير الحكام وتنظيم مزيد من الدورات التكوينية الخاصة بهم. - المنتخب: ماذا تقولون في كلمة ختامية؟ الفاسي الفهري : أشكركم على هذه الإستضافة، وأهنئكم على المجهود الذي تبذلوه باحترافية كبيرة لخدمة الرياضة الوطنية، وأهنئ مجددا الرياضي الأول صاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله بمناسبة فوز الأسود برباعية على المنتخب الجزائري وأهنئ الشعب المغربي على هذه الملحمة التي صنعها بملعب مراكش وفي كل شوارع المملكة، وأتمنى أن نستعيد مكانتنا التي نستحق إفريقيا بهذا المنتخب الشاب الذي شرفنا في وقت كنا بحاجة إلى فوز ينهي زمن الإحباط. حاوره: