• الطيارة «دارتها بيهم» والعنصرية جنت عليهم الأمور تخطت المتاح والمسموح به ليمتزج فيها المعقول بالصبياني، وليختلط الهزل بالجد، والنزوات المريضة بتجاوز الأسلاك الناسفة والخطوط البنفسجية خلطوا السياسة وعجنوها بالرياضة.. إنساقوا خلف النزوات وتلحفوا لحاف الشدود الفكري بقرارات رعناء، تعدوا على مواثيق الرياضة وأخلاقياتها، فنصبوا أنفسهم قائمين بأمر اللعبة، يفتون ثم يمررون فينفذون ويطبقون ويتجاوزون وقس عليها ما شئت وأنت تنهل من قاموس «العنطزة».. هذه المقدمة تختزل حجم الجنون الذي يركب الجزائر اليوم، وكيف خسروا بقرار «إستبدادي وليس سياديا» فرصهم مستقبلا في استضافة أمهات التظاهرات وكبريات المسابقات، بعدما أظهروا قصورا فكريا وفجورا أخلاقيا نعرض لكم تجلياته وتداعياته في التحليل والرصد التالي، بدأ بفرض «فرمان» غلق المجال الجوي وتواصل برفض سلطات أهل الكرة وانتهى بخطبة افتتاحية عنصرية.. • إستبدادي أم سيادي؟ في عالم السياسة «عدد هائل من أكبر ديكاتوريات الأرض والعالم ظلت تتخفى في كثير من قراراتها المتهورة خلف ستارة وغطاء «السيادي لتخفي منهجها ومذهبها الإستبدادي». لذلك ولئن كان من حق أي بلد، أن يغلق مجالاته الجوية والبرية ويتوارى خلف حدوده ليغلق عليه، فهذا أمر وحق مكفول بالقوانين الدولية ومقتضياتها ولا أحد يمكنه أن ينازعهم فيها أو يتدخل بأي شكل من أشكال الإملاءات. لكن مقابل هذا تحضر نظرية شهيرة وهي «حريتك تنتهي حين تبدأ حرية الآخرين» وحرية الآخرين في هذه القصة التي تحول معها قرارهم السيادي ل«ديدن استبدادي» تتمثل في كون الكاف والفيفا وهي تمنح بلدا من البلدان حق استضافة تظاهرة أو تجمع كروي تظهر فيه ومن خلاله لافتة عملاقة بعنوان «الفير بلاي» والروح الرياضية قبل انطلاق المباريات، فإن أول ما تشترطه عليك هو احترام مقتضيات دفاتر التحملات وقوانين المسابقات، ومن جملة هذه القوانين التي تتحمل الكاف هنا والفيفا بشكل عام مسؤولية حمايتها هي أن يسمح هذا البلد محتضن أو مستضيف هذه الدورة والمسابقة للمشاركين وفق مبدأ تكافؤ الفرص بالتنقل المباشر دونما قيود أو مدارات توقفو في مطار المدينة معقل الحدث أو التي تقرب وتدنو منه بمسافة لا تتجاوز 200 كلم. • طائرتنا ولا طارت معزة مثلما أظهرت الجزائر واللجنة المنظمة للشان عنادا غريبا تعنتا فيه من الشذوذ الفكري ما يبرز طبيعة أصحابه وهم يدوسون بالنعال على هذه المقتضيات والنصوص والقوانين المكفولة للمشاركين وللمغرب بالتنقل عبر طائرة الخطوط الملكية المغربية الراعي والناقل الرسمي للمنتخبات الوطنية في السفريات الخارجية، ليفرضوا على المنتخب المغربي أن يستدير دورة كاملة إما عبر تركيا، تونس أو موريتانيا وليس عبر الخط المباشر، مقابل عنادهم، حضر هنا عناد أكثر حكمة وعقلانية، عناد الحق وليس عناد الباطل المروق. عناد الإصرار على التنقل عبر الخطوط الملكية المغربية مباشرة ولو كلفنا ذلك صبرا تخطى الحدود وأريحية وطول نفس، في انتظار أن تحضر حكمة الطرف المقابل ويستعيد القيمون هنالك في الجزائر رشدهم ويتسمون بالمرونة وهو ما لم يحدث، لذلك كان الإصرار بأن تطير طائرة الخطوط الملكية المغربية ولو "طارت معزة" بسفر مباشر ودون توقف في أي من البلدان. • شهود قبيلة الكرة قدم المغرب مرة أخرى درسا ديبلوماسيا راقيا في الحكامة الجيدة للجارة الشرقية ومسؤوليها، كانت صبيحة الجمعة المنصرمة شاهدة على هذا الدرس المجاني في الزمان، أما المكان فكان مطار سلاالرباط. ليلة الجمعة أبرقت الجامعة أولى برقيات الموقف بعبارة «تعذر علينا السفر»، لكن ذيلتها بعبارة «سننتظر» لغاية آخر دقيقة بعد عدة تدخلات. كان إصرار لقجع كبيرا على أن يجمع لاعبي المحلي المغربي في ردهات المطار وفي بهوه ليكونوا في استقبال رئيسي الفيفا والكاف، وأن تطلق الطائرة العنان لمحركها قصد الإقلاع على الساعة العاشرة صباحا مثلما تم الإتفاق عليه مع موتسيبي أولا وإينفانتينو ثانيا. حضرا عرابا الكرتين العالمية والإفريقية من الجزائر، دون أن يعترض أحد طائرتخما التي اخترفت مجالنا الجوي بكامل الإريحية، دون أن يحملا الترخيص المكتوب الذي طالبت به «لارام» مثلما علمنا وفق قانون الملاحة الجوية العالمية كي تؤمن سفرها عبر إحداثيات السفر دون عراقيل، فلتهور هؤلاء القوم يمكنهم أن يسقطوا الطائرة أو يعتقلوا عودتها ما لم تحز هذا الترخيص، فكان الثنائي من الشهود على هذه الفضيحة والمهزلة. • ورطة الكاف وذهول الفيفا الآن نصل للتداعيات، فقد علمنا ونتوفر بدل الدليل على 10 ومنها بلاغ الجامعة الرسمي أن رئيس الكاف حمل للجامعة موافقة من حيث المبدأ من اتحاد الكرة الجزائري كي تسافر طائرة الخطوط الملكية المغربية بوفد المحليين، لكنه حين حل بالمطار أدلى بتصريح مغاير وهو يلعب على الحبلين والوترين بقوله «لقد عرضوا عليكم التنقل عبر تونس هذا موقفهم النهائي». بدا موتسيبي في وضع لا يحسد عليه، بل يشفق فيه عليه وهو العاجز تماما عن حماية مقتضيات قوانين وترسانة جهازه في تنظيم المسابقات. ورطته الثانية أنه هو المخاطب الرسمي من الجامعة وهو من تكفل بطلب التريث لغاية آخر دقيقة وحمل الموافقة من حيث المبدأ، ومن يتراجع عن الموافقة من حيث المبدأ فهو لا مبدأ له. وورطته الثالثة ما حدث لاحقا وهو يحضر الإفتتاح البئيس وكان حري به أن يطالع كلمة مواطنه نجل نيلسون مانديلا وقد زاغت عن الصواب وتضمنت عبارات عنصرية، وخلطت السياسة بالرياضة ونالت من وحدتنا الترابية، وهو ما ترفضه الفيفا التي كان رئيسها حاضرا بدوره بالمقصورة الشرفية يطالع هذا المنكر الكبير ويستهجنه ويتساءل في قراره نفسه «ما هؤلاء المجانين». لذلك حضر إينفانتينو للمغرب كان قد حدس هذا الذي سيحدث فاختصر الرد بعبارة «ديما المغرب»، بينما موتسيبي اليوم وبعد بلاغ الجامعة عليه الرد الفعلي والفوري وأن يصادر ترشيح هؤلاء المجانين في طلب احتضان الكان، فقد باعوا الكان بالشان وفق السيناريو الذي عرضنا له، الكاف اليوم أمام مسؤولية تاريخية مثلما نطقها رئيس الكاف «لا يمكن مصادرة تنقل الجماهير الإفريقية في التنقل»، تصريح يؤكد أنه «لاكان في بلد يصدر قراراته كابران» وتصريحه واضح هنا رسالته واضحة، لكننا نريد التنزيل القوي للقوانين ونريد الكان.