الديك المذبوح الديك الفرنسي أو الديك المذبوح بهزيمة أطلق كثير من الإعلاميين والسياسيين مصطلحات عليها بقساوة الرد، لم يقو على الصياح لا في المباراة الأولى أمام الأوروغواي ولا حتى أمام المكسيك بدرجة متدنية في الأداء والروح والرغبة في استحضار مقومات الفريق المتكامل على الأقل حتى لا يقال عنه أنه تأهل بحظ تحكيمي وبيد تيري هنري التي أدخلت الكرة للمرمى دون أن يحسمها بالأعضاء الأخرى، لكن ما هو جميل في هذه الكأس العالمية هو المفاجأة العملاقة التي أرخها المكسيكيون بنصر عظيم على فرنسا ولأول مرة في تاريخ المواجهات الست السابقة بتعادل وخمسة هزائم، ثلاث منها في مونديالات 1930و1954و1966.. وما هو جميل أن دولة المكسيك بكت بالأفراح وأبكت فرنسا قبل أن تقول لها «لا تبكي يا فرنسا»، وما هو جميل أيضا أن المكسيك قدمت درسا تاريخيا لفرنسا في عناد الكرة داخل الرقعة وجرأة الدفاع عن النصر مقابل محو عقدة النزالات الست، وحصار الرجولة والمناعة في المباراة، وقدرة رجال المكسيك بأصناف الرعد المدوي لكل الوجوه المرسومة على خطوط المواقع، وما هو جميل أن صحافة وسياسيي فرنسا أبدعوا في التعليق، وأبدعوا في النقد وبدرجة عالية للسقطة الحقيقية لفرنسا كرؤية خاصة لإيمي جاكي و«الرأس في الدلو» على لسان المدافع الأسبق ليزارازو، وهذا «هو العار» للاعب مالودا...و «الخيبة الكبيرة» على لسان بارطيز.. «إنه نهاية جبل» على لسان داني لوغوج. «يجب إبعاد كل اللاعبين عن المنتخب» على لسان نيكولا دوبون أينان، وعلى النقيض من أتراح فرنسا بمهزلة الهزيمة غير المقبولة أمام المكسيك، كان الطرف الإيرلندي قد انتشى لهزيمة فرنسا من خلاله ما سطر في وسائل إعلامية، مثلما عنونته صحيفة «إريش تايم» «هذا ما تستحقه فرنسا» لأنها رأت في خسارة فرنسا فوزا معنويا لشعب إيرلندا. كما انساقت جميع الصحف الإيرلندية بنفس الإنتقادات الفرنسية لكون فريق رايمون دومنيك لم يكن على الإطلاق في مستوى المباريات الكبيرة مثلما خرج بوجه كارثي في كأس أوروبا عام 2008، وبرغم حصول رايمون دومنيك على أفضل النجوم، ظل فريقه متأخرا وضحية الإشاعات وارتفاع الضغط وقلة الإنسجام. وهذه القراءات والردود الفعلية على منتخب مغلوب على أمره وعلى مدرب تردعه كل الصحف بالليونة ما هي إلا استنتاج حقيقي لمسيرة منتخب تقطعت أوصاله برحيل صناع النجاح داخل الفريق، مثلما كان عليه أمر زيدان الذي رفع فرنسا بمعجزاته المهارية لا بذكاء المدرب، مع أن فرنسا عرفت أجيالا من الأدمغة التي صنعت التاريخ الأوحد عام 1998 وقبلها بسنين أيضا في كثير من المواقع، ما يعني أن المدرب دومنيك هو الرأس المطلوبة كمعاند في اختياراته وكشرس في إتخاذ قرارات غير معقولة في إبعاد كل من بنزيمة وسمير نصري وحاتم بنعرفة، على اعتبار أن ما خاب في فرنسا هو العنصر الإبداعي وقائد الألعاب مثلما كان زيدان هو عقل المنتخب.. وعندما تتلاشى فرنسا بهذه الصدمة المكسيكية وتقترب من الإقصاء من بابه الصغير كدول محترفة حتى النخاع.. وعندما تحاط المشاكل بداخل المنتخب مع المدرب ومع اللاعبين الذين لا يرضون الجلوس في الإحتياط، ومع كثير من الإحباطات الأخرى، فالجامعة الفرنسية هي التي تتحمل مسؤولية هذه المصائب التي حلت بالمنتخب الفرنسي خلال كأسي أوروبا والعالم ولم يحسن البديل، وثاقت برؤية دومنيك دون أن تغيره على الإطلاق.. ماذا يمكن أن نقول نحن عن إقصائنا من كأس إفريقيا وكأس العالم كدولة هاوية بمحترفين على الرقعة؟ هل نملك منتخبا كبيرا من طينة بطولة مغربية؟ لا .. هل نملك فريقا من المحترفين الكبار؟ بالفعل نملك ذلك باختيار رجولي لمدرب يدخل المحيط السوداوي بعقل النظافة ونملك القدرة على أن نغير المنكر بمفهوم الوطنية المثلى من قمة الجامعة إلى المنتخبات ليكون سيد منطلقات حمل القميص الوطني بما فيهم المحليون المعدودون على رؤوس الأصابع.. وما تثبته الحقيقة أن موسم البطولة المغربية لم يعط بالإحصائيات العامة لتواجد 444 لاعبا في16 فريقا (بمعدل 28 لاعبا في كل فريق) منتخبا قويا نصل به في أقل المستويات إلى كأس إفريقيا المحلية.. وقد أكدت على ذلك في أكثر من عمود على أن كرتنا ليست بخير وبطولتنا ليست بخير، فقط المال والمال هو نجم الأندية في غياب نجم بالرجل الذي يساوي الملايير، مع أن النجوم التي يقال عنها نجوم بارزة ترحل إلى الخليج للإسترزاق وإنقاذ الحياة الإجتماعية، لكن عندما ترحل إلى أوروبا، لا تجد حتى موقعا لها بكرسي الإحتياط، فأي منتخب نريد من هذه البطولة، وأي محترفين يصدرون إلى أوروبا من أجل بعث حياة جديدة لمنتخب أريد له أن يكون بهذه البهدلة؟