عرفت شجرة الرمان منذ القدم في بلاد فارس ثم نقلت إلى شمال الهند ومصر وحوض البحر الأبيض المتوسط ثم إلى أوروبا في عصور متأخرة. ورد ذكر الرمان في آية قرآنية كفاكهة من فواكه الجنة ثم في آيتين أخريتين إشارة إلى منافعه وقد أثبت العلم الحديث هذه الفوائد من خلال دراسات طبية متعددة... الرمان بين الحديث النبوي والقرآن ذكر الله عز وجل الرمان في القرآن الكريم في ثلاث آيات، قال مولانا الكريم: "فيهما فاكهة ونخل ورمان" [الرحمن، 68]، "وهو الذي أنشأ جنات معروشات وغير معروشات والنخل والزرع مختلفا أكله والزيتون والرمان متشابها وغير متشابه كلوا من ثمره إذا أثمر وءاتوا حقه يوم حصاده ولا تسرفوا إنه لا يحب المسرفين" [الاَنعام، 141]، "وجنات من اَعناب والزيتون والرمان مشتبها وغير متشابه انظروا إلى ثمره إذا أثمر وينعه إن في ذلكم لاَيات لقوم يومنون" [الاَنعام، 99]. يذكر الله سبحانه وتعالى عباده من خلال هذه الآيات البينات أن ما خلق هذه الطيبات من الأطعمة إلا لينتفعوا بها، ويستحضروا سعة إحسانه، وإبداع صنعته، وكمال اقتداره جل جلاله. كما يبشر الله سبحانه وتعالى من خلال الآية الأولى أن الرمان من الفواكه التي أعدها مولانا الكريم لعباده المؤمنين في الجنة. رُوي عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : "نَظَرْتُ إِلَى الْجَنَّةِ؛ فَإِذَا الرُّمَّانَةُ مِنْ رُمَّانِهَا كَجِلْدِ الْبَعِيرِ الْمُقَتَّبِ، وَإِذَا طَيْرُهَا كَالْبُخْتِ، وَإِذَا فِيهَا جَارِيَةٌ؛ فَقُلْتُ: يَا جَارِيَةُ! لِمَنْ أَنْتِ؟ فَقَالَتْ: لِزَيْدِ بْنِ حَارِثَةَ، وَإِذَا فِي الْجَنَّةِ مَا لَا عَيْنٌ رَأَتْ، وَلَا أُذُنٌ سَمِعَتْ، وَلَا خَطَرَ عَلَى قَلْبِ بَشَرٍ" [المجالسة وجواهر العلم للدينوري]. وكان ابن عباس إذا وجد الحبة من الرمان أخذها فأكلها، فقيل له في ذلك، فقال: إنه بلغني أن ليس في الأرض رمانة تلقح إلا بحبة من حب الجنة فلعلها هذه. وعن علي رضي الله عنه قال: "كلوا الرمان بشحمه؛ فإنه دباغ للمعدة" [رواه أحمد وغيره]. يوجد ثلاث أنواع من الرمان؛ الحلو والحامض والمر المعتدل. تختلف خصائصه باختلاف أنواعه. فمثلا الرمان الحلو يحتوي على ماء (80%)، سكر (%7), بروتين (% 0,6)، ألياف (2%)، فيتامين س ثم الأملاح المعدنية (فوسفور، حديد، نحاس، بوتاسيوم). يحتوي قلف الشجر وقشرة الثمرة على قلويدات أهمها البلترين وحامض العصفي تانيك، وتحتوي البذور على فيتامينات أ، ب، ج ومواد سكرية وبروتينات ومواد دهنية، وأحماض عضوية كحمض الستريك. فوائده الصحية أثبتت الأبحاث الطبية الحديثة أن القشر الأبيض الداخلي الموجود بين الفصوص يتميز بخصائص طبية تعالج أمراض قرحة المعدة والارتجاع المريئي. يستخدم قشور الرمان لعلاج قرحة الجهاز الهضمي ودبغ ظهارة المعدة. تحتوي القشرة الخارجية لثمر الرمان وشحمه على حمض العصف tannic Acid وهي مادة قابضة لذا يستعمل مسحوق القشور المجففة لعلاج الإسهال وقتل الطفيليات وطرد الديدان خاصة الدودة الشريطية لاحتوائه على البللتيرين Peletierine كما يفيد في علاج البواسير. يتميز عصير الرمان الحامض بخواص هاضمة ممتازة كما يساعد على الوقاية من النقرس ومنع تشكل الحصى الكلوية. تعتبر الثمار، إضافة إلى احتوائها على مواد هاضمة، من المواد المنعشة والمقوية للقلب والأعصاب؛ فهو يفيد المصابين بالوهن العصبي، فعصير الرمان الممزوج بالعسل يفيد في تهدئة الأعصاب. إن الرمان يقوي المناعة؛ لأنه يساعد الجسم على إنتاج الأجسام المضادة للأكسدة، التي بدورها تقضي على الجذور الحرة المسببة لأمراض السرطان وأمراض القلب؛ حيث يمنع تصلب الشرايين، والشيخوخة المبكرة. لقد جاء ذكر الرمان مع النخل والزيتون والعنب، وقد تكمن الحكمة من ذكره متأخرا في هذه الآيات في كونه يعمل على حماية ظهارة المعدة من الحموضة التي تفرزها المعدة أثناء الهضم فيساعد على إعادة بناء النسيج المتلف ووقايته، كما يعتبر الرمان فاكهة مطهرة للدم ومنظفة للثة وتساعد على الهضم. فتأخير ذكره في القرآن يوحي بتأخيره في الأكل للاستفادة من منافعه الصحية التي أثبتتها العلوم المعاصرة. المراجع: 1. ابن قيم الجوزية، الطب النبوي، دار الفكر، بيروت، 751ه. 2. عبد المنعم فهيم الهادي، دينا محسن بركة، عالم النبات في القرآن، دار الفكر العربي، القاهرة. الطبعة الأولى، 1998م. 3. عبد الباسط محمد سيد، عبد التواب عبد الله حسين. الموسوعة الأم للعلاج بالأعشاب والنباتات الطبية، دار ألفا، الطبعة الأولى، 2004م. 4. نادية الطيارة، موسوعة الإعجاز القرآني في العلوم والطب والفلك. ج 1، الطبعة الأولى، مكتبة الصفاء أبو ظبي، 2007م 5. محمد كريم، شجرة الرمان بين العلم والقرآن، مجلة الإعجاز العلمي، العدد: 35، ص: 46-49، محرم 1431ه.