1- موارد صفة اللعب واللهو ورد "اللعب واللهو" صفة للدنيا في أربعة مواضع، من سورة الاَنعام والعنكبوت المكيتين، ومحمد والحديد المدنيتين، وذلك في قوله تعالى: "وَمَا اَلْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلاَّ لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَلَلدَّارُ الاَخِرَةُ خَيْرٌ لِّلَّذِينَ يَتَّقُونَ أَفَلاَ تَعْقِلُونَ" [سورة الاَنعام، الآية: 32]. وقوله تعالى: "وَمَا هَذِهِ اِلْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا لَهْوٌ وَلَعِبٌ وَإِنَّ الدَّارَ اَلاَخِرَةَ لَهِيَ اَلْحَيَوَانُ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ" [سورة العنكبوت، الآية: 64]. وقوله تعالى: "إِنَّمَا الحَيَاةُ الدُّنْيَا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَإِن تُومِنُوا وَتَتَّقُوا يُوتِكُمْ أُجُورَكُمْ وَلاَ يَسْأَلْكُمْ أَمْوَالَكُمْ" [سورة محمد، الآية: 36]. وقوله تعالى: "اِعْلَمُوا أَنَّمَا اَلْحَيَاةُ الدُّنْيَا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَزِينَةٌ وَتَفَاخُرٌ بَيْنَكُمْ وَتَكَاثُرٌ فِي اِلاَمْوَالِ والاَوْلَادِ كَمَثَلِ غَيْثٍ اَعْجَبَ اَلْكُفَّارَ نَبَاتُهُ ثُمَّ يَهِيجُ فَتَرَاهُ مُصْفَرّاً ثُمَّ يَكُونُ حُطَاماً وَفِي اِلاَخِرَةِ عَذَابٌ شَدِيدٌ وَمَغْفِرَةٌ مِّنَ اللَّهِ وَرِضْوَانٌ وَمَا اَلْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ" [سورة الحديد، الآية: 20]. وذكرت مادة "لها" في القرآن الكريم ستة عشر مرة، على الشكل التالي: - الإلهاء: بالصيغة الفعلية أربع مرات[1]؛ - التلهي: بالصيغة الفعلية مرة واحدة[2]؛ - اللهو: بالصيغة الإسمية عشر مرات[3]؛ - لاهي: بصيغة اسم الفاعل مرة واحدة[4]؛ وذكرت مادة "لعب" في القرآن الكريم عشرين مرة، على الشكل التالي: - اللعب: بالصيغة الفعلية تسع مرات[5]؛ - اللعب: بالصيغة الإسمية ثمان مرات[6]؛ - لاعبين: بصيغة اسم الفاعل ثلاث مرات[7]؛ 2- اللعب واللهو في اللغة والاصطلاح القرآني اللعب: "أصل الكلمة اللعاب، وهو البزاق السائل، وقد لعب يلعب لعبا، سال لعابه، ولعب فلان إذا كان فعله غير قاصد به مقصدا صحيحا"[8]، فهو كل عمل أو قول في خفة وسرعة وطيش، ليست له غاية مفيدة، وأكثره أعمال الصبيان، "واللعب طلب المسرة؛ والفرح بما لا يحسن أن يطلب به"[9]، وضد اللعب، الجد. اللهو: اللعب، يقال: لهوت بالشيء، ألهو به لهوا، وتلهيت به، إذا لعبت به، وتشاغلت وغفلت به عن غيره، و لهيت عن الشيء، بالكسر ألهى بالفتح لُهِيًّا ولُهْيانا، إذا سلوت عنه، وتركت ذكره وإذا غفلت عنه واشتغلت[10]، وهو ما يشتغل به الإنسان مما ترتاح إليه نفسه، ولا يتعب في الاشتغال به عقله، فلا يطلق إلا ما فيه استمتاع ولذة وملائمة للشهوة[11]، ومن قال: أراد باللهو المرأة والولد[12]، فتخصيص لبعض ما هو منه، وإذا أطلق اللهو، فهو اجتلاب المسرة بالنساء[13]. وبين اللهو واللعب العموم والخصوص، فكل لعب لهو؛ إلا أنه أحقر وأقل في الجدوى من اللهو. والمراد من الآيات، أن الأعمال التي تلهي وتشغل عن ذكر الله هي من اللعب واللهو في عدم النفع والثبات، وبهذا التقدير خرج ما فيها من الأعمال الصالحة كالعبادة وما كان لضرورة المعاش، وجعلت الدنيا نفسها لعبا ولهوا مبالغة كما في قوله: "وإنما هي إقبال وإدبار، واللهو واللعب يشتركان في أنهما، الاشتغال بما لا يعني العاقل من هوى وطرب، سواء كان حراما أولا"[14]. وقوله تعالى من آية الاَنعام: "وَلَلدَّارُ الآخِرَةُ خَيْرٌ لِّلَّذِينَ يَتَّقُونَ" [سورة الاَنعام، جزء من الآية: 32]. وآية محمد "وَإِن تُومِنُوا وَتَتَّقُوا يُوتِكُمْ أُجُورَكُمْ وَلاَ يَسْأَلْكُمْ أَمْوَالَكُمْ" [سورة محمد، جزء من الآية: 36]. إن في ذلك دليلا على أن ما عدا أعمال المؤمنين والمتقين لعب ولهو؛ لأنه لما جعل الدار الآخرة في مقابلة الحياة الدنيا، وحكم على الأعمال المقابل بأنها لعب ولهو، علم تقابل العملين حسب تقابل ما أضيفا إليه، أعني الدنيا والآخرة، فإذا خص الخيرية بالمتقين، لزم منه أن ما عدا أعمالهم ليس من أعمال الآخرة في شيء، فهو لعب ولهو لا يعقب منفعة[15]. وأما تقديم ذكر اللهو في سورة العنكبوت، وذكر اللعب في سورة الاَنعام؛ فلأن آية سورة الاَنعام لم تشتمل على اسم إشارة يقصد منه تحقير الحياة الدنيا، فكان الابتداء بأنها لعب مشيرا إلى تحقيرها؛ لأن اللعب أعرق في قلة الجدوى من اللهو[16]. إذن فاللعب واللهو، كل ما يشغل ويلهي العبد عن ذكر ربه، مما ليس فيه نفع. --------------------------------- 1. وذلك في الآيات التالية، التكاثر:1، المنافقون: 9، النور: 37، الحجر: 3. 2. وذلك في الآية، عبس: 10. 3. وذلك في الآيات التالية، الأنعام: 32، العنكبوت: 64، لقمان: 6، محمد: 36، الحديد: 20، الجمعة: 11، الاَنعام: 70، الاَعراف: 51، الاَنبياء: 17، الجمعة: 11. 4. وذلك في الآية، الاَنبياء: 21. 5. وذلك في الآيات التالية: التوبة: 25، يوسف: 12، الزخرف: 83، المعارج: 42، الأنعام: 91، الاَعراف: 98، الاَنبياء: 2، الدخان: 9، الطور: 12. 6. وذلك في الآيات التالية، الاَنعام: 32، العنكبوت: 64، محمد: 36، الحديد: 20، المائدة: 58- 57، الاَنعام: 70، الاَعراف: 51. 7. وذلك في الاَنبياء: 16- 55، والدخان: 44. 8. المفردات للراغب، مادة: لعب. 9. روح المعاني: 7/133. 10. لسان العرب، مادة: لها. 11. التحرير والتنوير: 7/193. 12. انظر اللسان، مادة / لها. 13. روح المعاني: 7 / 133. 14. روح المعاني: 7 / 133. 15. روح المعاني: 7 / 135. 16. التحرير والتنوير: 21 / 31.