وجهنا الشارع الحكيم إلى المعاشرة بالمعروف بين الزوجين، ونبه الرسول – صلى الله عليه وسلم – إلى النظر إلى إيجابيات بعضهما والإعراض عن سلبياتهما، قال صلى الله عليه وسلم: "لا يفرك مؤمن مؤمنة، إن كره منها خلقا رضي منها آخر"[1] وذلك حفاظا على اللحمة الناسجة للأسرة، وعدم تلمس سقطات بعضهما حتى لا يحدث كسر أو شقاق في علاقتهما. وقد أرشدنا الشارع الكريم إلى تربية علاجية حين تعترض الحياة الزوجية مشاكل أو تعصف بها أزمات؛ فإن كانت نزعة الشقاق من جانب المرأة فقد أوضح القرآن الكريم أسلوب العلاج في قوله تعالى: "والتي تخافون نشوزهن فعظوهن واهجروهن في المضاجع واضربوهن فإن اطعنكم فلا تبغوا عليهن سبيلا ان الله كان عليا كبيرا" [سورة النساء، الآية: 34]. فالعلاج الشرعي على مراحل ثلاث: التوجيه بالنصح الحسن؛ فإن لم ينجح فالقطيعة في المنزل دون انقطاع عنه؛ فإن لم يجد فالعقوبة بضرب الناشز ضربا غير مبرح "وهو آخر أنواع العلاج وإنما يلجأ إليه اضطرارا"[2]. أما إذا كان مثار الشقاق من الزوج، فقد أرشد القرآن الكريم إلى العمل على تنحية مثيرات الشقاق وتسوية ما بين الزوجين من نزاع، قال تعالى: "وإن امرأة خافت من بعلها نشوزا أو اعراضا فلا جناح عليهما أن يصالحا بينهما صلحا والصلح خير وأحضرت الانفس الشح وإن تحسنوا وتتقوا فإن الله كان بما تعملون خبيرا" [سورة النساء، الآية: 128]. فإذا اشتد الخلاف واستعصى على الزوجين إصلاح ما بينهما، جاء دور الأهل للتدخل لتسوية ما بينهما من مشاكل، يقول الله تعالى في كتابه الكريم: "وإن خفتم شقاق بينهما فابعثوا حكما من اهله وحكما من اهلها إن يريدا إصلاحا يوفق الله بينهما إن الله كان عليما خبيرا" [سورة النساء، الآية: 35]. والمتدبر لهذا العلاج القرآني – يقول الدكتور محمد يوسف-: "يجد فيه: • حفظ سر الأسرة وحمايتها من أعين الغرباء، فالإسلام لا يسمح بإفشاء أسرار الزوجية، ولا بالإطلاع عليها من أجنبي؛ • محاولة الإبقاء على الأسرة؛ • عدم التسرع في الطلاق؛ • الإلماح إلى أهمية صلاح الحكمين و نيتهما الخالصة في الإصلاح"[3]. وقد روعيت هذه الخصوصية في مدونة الأسرة، ففي المادة 82 منها، خصصها المشرع لتناول الحالة التي يحضر فيها الطرفان أمام المحكمة، حيث أوجب أن تجري المناقشات بغرفة المشورة، وحرص على توفير حماية للأسرة والعمل بكل الوسائل من أجل استقرارها واستمرارها؛ فإنه أوجب عدم الاكتفاء بمحاولة واحدة للصلح، بل إجراء محاولتين للصلح على الأقل[4]. فعلاج المشاكل الأسرية يجب أن يكون بناءا على وعي كاف بالتكوين النفسي والذاتي لكل من المرأة والرجل، وأن يستمد أسسه من مبادئنا الدينية وقيمنا المجتمعية. ---------------------------- 1. أخرجه الإمام مسلم في صحيحه عن أبي هريرة –رضي الله عنه-، كتاب: الرضاع، باب: الوصية بالنساء، حديث 1469. 2. منهج القرآن في إصلاح المجتمع، محمد السيد يوسف ص 359، دار السلام، القاهرة، الطبعة 2، 2004 م. 3. نفسه، ص 360. 4. شرح مدونة الأسرة، لعبد السلام زوير، ص 109. دار القلم، الرباط.