الاستنشاق والإستنثار: وهما يعدان أحسن طريقة وأنجح وسيلة لتنظيف باطن الأنف وتخليصه من الشوائب ووقاية المسلم من عدة أمراض؛ فعن أبي هُرَيْرَة رضي الله عنه عَنْ النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: "إِذَا تَوَضَّأَ أَحَدُكُمْ، فَلْيَسْتَنْشِقْ بِمَنْخِرَيْهِ مِنَ الْمَاءِ، ثُمَّ لِيَنْتَثِرْ"[1]. وعن أَبِي سَعِيدٍ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "غُسْلُ الْجُمُعَةِ وَاجِبٌ عَلَى كُلِّ مُحْتَلِم" [2]. وقال عز وجل: "وَإِن كُنتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُواْ" [المائدة، 7]. ثم يغسل الوجه: لإزالة كل أثر خلفته العمليتان السابقتان على الوجه. ثم يغسل الساعدين: وهو أتم لنظافة اليدين "الأطباء الجراحون يغسلون أيديهم إلى الساعدين". وبعد ذلك مسح الرأس والأدنين: وفي آخر المطاف يغسل قدميه ويخلل بين الأصابع: إننا نلاحظ ظاهرة الروائح النتنة عند خلع الأحذية ولو أن هؤلاء توضؤوا عدة مرات في اليوم وخللوا بين أصابعهم وتركوا أقدامهم تجف بعد الوضوء وغيروا جواربهم كل يوم لما أنتنت أقدامهم؛ لأن العرق عند إفرازه لا تكون له رائحة ولكن تفاعله مع الميكروبات التي توجد بالجلد هو الذي يسبب الروائح الكريهة. فلقد كان النبي صلى الله عليه وسلم: "إذا توضأ يدلك أصابع رجليه بخنصره"[3]. وشرع غسل الجمعة وغسل الجنابة، قال النبي صلى الله عليه وسلم: "حق الله على كل مسلم أن يغتسل في كل سبعة أيام يغسل رأسه وجسده"[4]. وهكذا نرى أن الإسلام جعل غسل الأعضاء المتعرضة للغبار والأوساخ يتكرر مرات عديدة في اليوم وجعل غسل يوم الجمعة وغسل الجنابة فرصة متكررة لتنظيف باقي الجسد من العرق والدهون والبكتريا وخلايا الجلد الميتة التي تكون الطبقة القرنية (الطبقة السطحية للجلد) والتي إن تراكمت تؤثر سلبيا على وظائف الجلد الفيزيولوجية التي من أهمها: المحافظة على درجة حرارة الجسم ثابتة –التخلص من السموم التي تطرحها الأنسجة في الدم، تنفس الجلد: امتصاص الأكسجين وطرح ثاني أكسيد الكربون، وظيفة الإحساس، وتكوين حاجز وقائي ضد تسرب الميكروبات داخل الجسم… يتبع في العدد المقبل… ————————— 1. صحيح مسلم ، كِتَاب الطَّهَارَةِ، بَاب الإيثار فِي الِاسْتِنْثَارِ وَالِاسْتِجْمَارِ، ح: 354. 2. كتاب الاستذكار، كتاب الجمعة، باب العمل في غسل يوم الجمعة، ج: 5، ص: 17. 3. رواه أبو داوود. 4. صحيح البخاري، كتاب الجمعة، الجزء رقم: 1.