قصيدة "من مراكش إلى إلغ" أو "البرميلية"[1]: حط الشاعر رحاله بعدما أنهى دراسته بالمدينة الحمراء "مراكش" وتفرغ للتدريس بها وبث المعرفة من جهة، وخدمة القضية الوطنية من جهة أخرى، بنشاط أزعج إدارة الحماية الفرنسية، وأزعج معها صنيعتها باشا مراكش "التهامي الكلاوي". وبعد أحداث كثيرة ومضايقات متعددة لم تجد نفعا في الحد من نشاط العالم الشاعر، فتُقرر التخلص منه بنفيه من مدينة مراكش إلى مسقط رأسه "إلغ". ونفذ هذا القرار فعلا، فحمل الشاعر في سيارة عتيقة بالية من مراكش بعد شروق يوم الخميس 28 ذي الحجة عام (1355 ه \11 مارس 1937 م). وبالرغم من كون الشاعر نُفي إلى مسقط رأسه، فقد صعب عليه البعد عن مراكش وعن تلامذته بها وأصدقائه وصفوته ومعارفه، ووجد نفسه غريبا. وأثناء مدة النفي نظم الشاعر قصائد كثيرة ضمنها كتابا خاصا في عدة مجلدات سماه "الإلغيات"، من بينها هذه القصيدة الطويلة التي عرفت من بعد بين تلامذته ومريديه باسم "القصيدة البرميلية"، ذلك لأن الشاعر تفنن فيها في وصف السيارة التي حملته إلى منفاه مشبها إياها بالبرميل. وقد قضى الشاعر في منفاه تسع سنوات حيث لم يعد منه إلا في (شهر شوال 1364 ه/ شتنبر 1944 م). وجاء في مطلع القصيدة البرميلية: أرأيت الأيام كيف تداول؟ واليالي بالسهد كيف تطول ويد الدهر كيف تلعب بالح ر، طلوع طورا، وطورا نزول بينما المرء في شروق صباحا إذ به في المساء عاد الأفول وفي ختامها يقول الشاعر الفذ: كنت في إلغ رابضا وبنو الش عب رسيم فيما جرى وذميل فأرى نضرة الحياة لدى الحم راء أيضا حيث المنى والسول فاشتياقي إلى مرابعها م ثل قصيدي هذا، طويل طويل يتبع في العدد المقبل... ————————- 1. دعوة الحق، العدد 9 السنة الثانية، 1959- ص: 54-61.