والإنفاق في الإسلام إما أن يكون شخصيا تطوعيا كما تجلى في صدقة التطوع ومبدأ المواساة، وإما أن يكون واجبا جماعيا كما تجلى في حق الزكاة أو استحقاقها بالفرض أو العمل كما هو الشأن بالنسبة للغنائم والميراث فتجمعت الدواعي والأسباب في موضع توزيع الثورة كي لا يتضخم المال في يد الأفراد ويصير دولة بين الأغنياء لأن الإسلام لم يقاتل من أجل الغنائم وإنما كان يقاتل من أجل إعلاء كلمة الله. أوضح العلماء أن المال لم يخلق للمصلحة الشخصية بقدر ما خلق للمصلحة الشخصية بقدر ما خلق للمصلحة العامة فقالوا بتقديم العامة على الخاصة كلما وقع التعارض بين المصلحتين، كما تجلى في قضية الاكتناز والاحتكار المطبوعة بطابع الأثرة وحب الذات، بينما تقتضي مصلحة المجتمع بألا يحتكر ما هو في حاجة إليه وإن تروج النقود المضروبة أساسا لصالحه وتستثمر في الميادين الفلاحية والتجارية والصناعية. ولذلك شجب الإسلام اكتناز النقود وحرم احتكار المواد كما قال ابن قدامة وغيره[1]، وقد حمل أبو ذر الغفاري ومن على مذهبه قول الله تعالى: "وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلاَ يُنفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللّهِ فَبَشِّرْهُم بِعَذَابٍ اَلِيمٍ" [التوبة، 34] على عمومه دون أن يقيد بموضوع الزكاة مؤيدا رأيه بقول النبي صلى الله عليه وسلم: "أيما مال ذهب أو فضة أو كيء عليه فهو جمر على صاحبه حتى يفرغه في سبيل الله" ويقول النبي صلى الله عليه وسلم في موضوع الاحتكار: "لا يحتكر إلا خاطئ"[2]. لاكتساب المال وضع الإسلام أساليب عملية تقوم على أساس أن لا سبيل إلى الاستفادة من أموال الناس إلا عن طريقا إعطاء العوض، ولذلك حرم كل مال يؤخذ بدون عوض أو طيب نفس كالقمار مثلا.. يتبع في العدد المقبل.. ————————————– 1. المغني، ص:4-20. 2. صحيح مسلم نسخة الأبي 4-304، صحيح الترميدي 5-269. عن كتاب "البيعة والخلافة في الإسلام" للأستاذ العلامة المرحوم الحاج أحمد بن شقرون، ص: 43-44 سلسلة البدائع الكتاب العاشر الطبعة، (1417ه / 1996م).