وإذا أردنا أن نبلور الاقتصاد الإسلامي بالاعتماد على المصادر الإسلامية الصحيحة، وجب علينا تخطي المناهج الجاهزة دون أن نهمل منها ما يمكن أن تستفيد منه إسلاميا، وتخضعه لتعاليم الإسلام حتى لا نقع في المحظور وننحرف عن جادة الإسلام المتحرر من قيود البغي والطغيان المالي والداعي إلى الكد والعمل والانتفاع بالكون وما فيه. إن الاقتصاد الإسلامي في أشد الحاجة إلى فقهاء بررة لهم القدرة على فهم أسرار الإسلام والدراية بما جد في عالم التنمية والاقتصاد على اختلاف مشاربه وأنواعه وإذا اتجهنا في هذا الاتجاه استنتجنا اقتصادا يفيدنا ويرفع من مجتمعاتنا ويبعدنا عن الولوغ في السياسات المتضاربة ويرفعنا عن الانحدار في التمزق والانحياز. إن الإنتاج من معالم التقدم الحضاري وهو الذي ينشئ المنافع الاقتصادية، ويكون الثروة المفيدة، ويطور ما في الطبيعة إلى ما ينفع الإنسان، ويفي بحاجاته، ويمنحه الفرص للتكامل والانتفاع وجميع المواد الخام في الإنتاج محتاجة للصناعة والتحويل لتفي بأغراضها، وكل ثروة طبيعية إذا لم يستغل استغلالا مفيدا فإنها لا تنتج ما يفيد الاقتصاد ويقويه، ولا بد لذلك من العلم وإلا فإن الثروة الطبيعية لا تنتج الإنتاج المفيد الفائدة الكبرى. والإسلام يهتم بالتنمية التي تفيد الإنسان ولا تلحق الضرر به ويضع المسؤولية الأولى في التنمية والإنتاج وتوجيهه الوجهة المفيدة في يد الدولة المسلمة، لتخطط حسب المصالح حتى يستفيد الجميع وتتحسن أحوال المجتمع. والإسلام يدعو للإنتاج والتنمية ويعظم مسؤولية المسلمين في ذلك أفرادا وجماعات ودولا، ويكون ذلك بالعمل لأنه إذا لم ينظر لهذا الجانب النظرة التي يستحقها حصل الضرر بالناس لذلك يقول النبي صلى الله عليه وسلم : "ليس المؤمن الذي يشبع وجاره جائع إلى جنبه وهو يعلم" ويقول أيضا "أيما أهل عرصة أصبح فيهم أمرؤ جائعا فقد برئت منهم ذمة الله ورسوله" إذ لا بد من الكفالة ودفع الضرر.. يتبع في العدد المقبل.. عن كتاب "البيعة والخلافة في الإسلام" للأستاذ العلامة المرحوم الحاج أحمد بن شقرون ص: 31–32 سلسلة البدائع الكتاب العاشر الطبعة، (1417ه/ 1996م).