وقد عمل رسول الله صلى الله عليه وسلم في التجارة في مال زوجته الكريمة خديجة رضي الله عنها قبل أن يبعثه الله رسولا؛ إذ بالتجارة يزدهر الاقتصاد وتحصل التنمية وتكثر المشاريع وتنعدم البطالة، فقد روى عن عمر رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "الجالب مرزوق والمحتكر محروم ومن احتكر على المسلمين طعاما ضربه الله بالإفلاس والجذام". وكيف يزدهر الاقتصاد بدون تجارة وصناعة وتنمية وإنتاج وعمل متواصل بالسواعد والعقول والترفع عن الولوغ في المحرمات والممنوعات. والدولة المسلمة قادرة على مراقبة سير الاقتصاد والتنمية والإنتاج، وإيجاد العمل للقادرين عليه، وصون كرامتهم، وحفظ مجتمعهم من التدهور والانحلال؛ لأن الشريعة تقرر أن كل فرد يعمل عملا فإنه يقوم بفرض الكفاية فيه عن الآخرين، فإن قصر الجميع حصل الإثم، وفي الحديث ما أكل ابن آدم طعاما خير من عمل يده، وأن نبي الله داود كان يأكل من عمل يده، وكل عمل قام على النية الصادقة اعتبر عبادة فيها أجر وثواب عند الله سبحانه إذا بني على الصدق والكرامة والإتقان، وعدم الغش يقول النبي صلى الله عليه وسلم: "إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى يُحِبُّ إِذَا عَمِلَ أَحَدُكُمْ عَمَلا أَنْ يُتْقِنَهُ". وبالتربية الإسلامية تغرس الفضائل في النفوس وينشأ الإنسان على مكارم الأخلاق ومحاسنها، وينزجر عن الوقوع في الإثم والعدوان والغش والتدليس ليصبح أمينا في نفسه ومع الناس. لا يجور ولا يظلم وبهذا النهج تحصل الانطلاقة الاقتصادية السليمة، وينمو المجتمع، ويسعد ويفيء للطمأنينة والسلام.. يتبع في العدد المقبل.. عن كتاب "البيعة والخلافة في الإسلام" للأستاذ العلامة المرحوم الحاج أحمد بن شقرون ص: 37-38 سلسلة البدائع الكتاب العاشر الطبعة، (1417ه/ 1996م).