فليعلم الإنسان أنه دائما محاسب على كل صغيرة وكبيرة ما جهر من ذلك أو اسر. فلا إيمان مع غيبة الضمير، والإنسان الذي تسمح له نفسه بأن يتجاهل الأمانة الملقاة على عاتقه وينساق إلى الاعتداء على حرمات الآخرين أو أموالهم أو نفوسهم ليس مؤمنا حقا. فالشهادة مثلا ركن هام تعتمد أساسا على الضمير وتترتب عليها الحقوق والواجبات والعقوبات في أغلب المسائل القضائية وواجب على المسلم أداؤها متى دعا إليها عند التقاضي يقول جل شأنه "وَلا تَكْتُمُوا الشَّهَادَةَ وَمَنْ يَكْتُمْهَا فَإِنَّهُ ءَاثِمٌ قَلْبُهُ" [البقرة، 281] فبسلطة ضميره يستشعر جلال العزة والثقة والرضا بالنفس وعدم كتم الشهادة إذا كانت تبين الحق وتنصره، فسلطة الضمير وسلطة الأمانة وسلطة القضاء من مميزات الفكر الإسلامي، ولقد قام مفكرون يابانيون مختصون في دراسات الشرق الأوسط ببحث مشترك حول الحضارة الإسلامية، وكان هناك فتراض أن جواهر التعليم الإسلامية يمكن أن يوجه من أجل أن يجعل البشر يعيشون في مساحة حضارية وأن يفكروا بأسلوب حضاري وتلك البيئة الحضارية هي واقع التنوع الإنساني بتنوع البشر واختلاف المناطق والأقاليم. وقد أوضح الأكاديمي الياباني يوزايني جالي عضو رئيس الشعبة الأولى للمجلس العلمي الياباني المختص في الدراسات الشرق الأوسطية والإسلامية.. أن بلاده تطورت وثم تحديث المجتمع الياباني عن طريق تراث الحضارة العربية الإسلامية وذلك عبر طرق غير مباشرة كما أن الصين والهند وجنوب شرق أسيا التي تطورت أيضا بفضل الحضارة الإسلامية، وأن هناك فهما خاطئا بأن كل بلدان آسيا بدأت عملية تحديثها عبر التأثير الغربي في القرن التاسع عشر.. فالرسالة الإيجابية للحضارة الإسلامية هي الخريطة الإستراتيجية بالنسبة لمستقبل العالم بصفة عامة.. يتبع في العدد المقبل..