3. حكم موت الدماغ شرعا تضاربت آراء العلماء المسلمين في حكمهم على موت الدماغ، فبينما يعتبره البعض من مقدمات الموت، وليس موتا؛ لأن الموت لا يكون إلا بعد زوال كل مظاهر الحياة، واستمرار التنفس، وعمل القلب والنبض كل أولئك دليل استقرار الحياة في الجسد أو استمرارها، وموت الدماغ هو نذير موت محقق بالمقاييس الطبية لا بالمقاييس الشرعية، فيكون استنادا لقاعدة الاستصحاب الأصل في الحكم باستمرار الحياة أقوى من مستند الدلالة الطبية على الموت أو قرب حلوله[1] وهو ما نراه في القرار الذي أصدره المجمع الفقهي الإسلامي التابع لرابطة العالم الإسلامي في دورته العاشرة ومما جاء فيه: المريض الذي ركبت على جسمه أجهزة الإنعاش يجوز رفعها إذا تعطلت جميع وظائف دماغه تعطلا نهائيا، وقررت لجنة من ثلاثة أطباء اختصاصيين خبراء أن التعطل لا رجعة فيه، وإن كان القلب والتنفس لا يزالان يعملان آليا بفعل الأجهزة المركبة، لكن لا يحكم بموته شرعا إلا إذا توقف التنفس والقلب توقفا تاما بعد رفع هذه الأجهزة[2]. ويرى البعض الآخر أنه في حكم المذبوح –المتعارف عليه في الفقه الإسلامي، وهي حياة من أصيب بجناية لم يبق له معها إبصار ولا نطق، ولا حركة اختيارية، فهو في حكم الميت (عند الحنفية والحنابلة، أو ميتا كما عبر الشافعية[3]. في حين اعتبره البعض الآخر موتا ,فقد انتهى مجمع الفقه الإسلامي في مؤتمره الثالث المنعقد بعمان سنة 1986 باعتبار موت الدماغ موتا وقرر ما يلي: يعتبر شرعا أن الشخص قد مات وتترتب جميع الأحكام المقررة شرعا للوفاة عند ذلك إذا تبينت فيه إحدى العلامتين التاليتن: 1. إذا توقف قلبه وتنفسه توقفا تاما، وحكم الأطباء بأن هذا التوقف لا رجعة فيه؛ 2. إذا تعطلت جميع وظائف دماغه تعطلا نهائيا، وحكم الأطباء الاختصاصيون الخبراء بأن هذا التعطل لا رجعة فيه، وأخذ دماغه في التحلل، وفي هذه الحالة يسوغ رفع أجهزة الإنعاش المركبة على الشخص وإن كان بعض الأعضاء كالقلب مثلا لا يزال يعمل آليا بفعل الأجهزة المركبة[4].. يتبع في العدد المقبل.. ————————————————— 1. تعريف الوفاة، جاد الحق علي جاد الحق، ج: 5، ص: 612/625. قضايا فقهية معاصرة: محمد سعيد رمضان البوطي، 127. 2. قرارات المجمع الفقه الإسلامي، ص: 21. 3. انظر المهذب في فقه الإمام الشافعي للشيرازي ج: 6، ص: 224. الذخيرة للقرافي، ج: 12، ص: 285. 4. مجلة مجمع الفقه الإسلامي، عدد: 3، ج: 2، ص: 809، سنة: 1987.