وهنا يجب أن نتساءل عن دور المغرب في بلورة لغة الضاد وعن عامية المغرب التي أثرت في المصطلح الإسباني والمصطلح البرتغالي والتي يمكن القول انطلاقا من تنظيرات ميدانية بأنها أقرب اللهجات العربية الفصحى. فقد نشرنا دراسة واسعة عن "الأصول العربية والأجنبية للعامية المغربية" منظرين بين فصحى العاميات في كثير من الأقاليم والأقطار العربية (سوريا، لبنان، مصر، الخليج العربي) وقد ركزنا خاصة على المقاربة بين اللهجة الدارجة في المغرب واللغة الفصيحة وضربنا مئات الأمثلة للدلالة على أصالة عاميتنا وقد عثرنا في كتب اللغة القديمة بعد صدور ذلك البحث على عدد كبير من المفردات التي حرفتها العامية تحريفا يسيرا والتي ترجع إلى صلب الفصحى وبعضها بائد من أعماق اللسان الجاهلي الذي عدل عن استعماله في العصر الحاضر وزدنا تركيزا لهذه الفكرة بضرب مثلا حي باللهجة الرائجة في ناحية "زعير" الواقعة على أبواب عاصمة الرباط مما يدل على أن الدخيل في العامية المغربية كان قليلا إذا استثنينا مجموعة ضئيلة انتقلت عن طريق الفصحى من الفارسية وفي العهود الأخيرة من الإسبانية والفرنسية وقد قمنا بمحاولة جريئة استهدفنا بها استخلاص بعض القواعد التي درجت عليها اللهجة العامية المغربية في جولاتها قياسا على الفصحى وعلى بعض العاميات في البلاد العربية وبالأخص سوريا وإذا استعرضنا المفردات الأندلسية التي وصلت إليها محرفة عن أصلها العربي وجدنها أقرب في بنيتها وشكلها من دارجة المغرب فالدخيل فيها قليل وقد تحدث الأستاذ الكبير (كرد علي) عن "عجائب اللهجات" فقال: "لعل الدخيل فيها قليل كان ناذرا في أرض الأندلس؛ لأن الأمويين توخوا الوحدة في كل شيء" إلى أن قال: "وكانت اللهجة الأندلسية من أجمل اللهجات نقلها أهلها بعد الجلاء إلى البلاد التي نزلوها: مراكش والجزائر وتونس ومصر والشام، ولعلها كانت لقربها من الفصحى أشبه بلهجات اليمن والحجاز والأندلس استعملت ألفاظا فصيحة ما استعملها العراق ومصر والشام".. يتبع في العدد المقبل بحول الله.. عن كتاب اللغة العربية أم الساميات أو أصالة اللغة العربية لمؤلفه العلامة المرحوم عبد العزيز بن عبد الله عضو أكاديمية المملكة المغربية والمجامع العربية (القاهرة، بغداد، دمشق، عمان والهند)، ص: 16 طبعة 2008م.