قد لا يكون مستحبا الرد السريع على تهكم رئيس الحكومة على الصحافيين، بأنهم (ماشي رجال)، قبل أن نعرف السياق الذي جاء فيه ومبرراته وأهداف، خصوصا من قبلنا كنقابة مهنية، حيث لا يمكن المغامرة بالتعليق على بن كيران، دون معرفة لماذا وجد نفسه مضطرا لذلك، إلى جانب إيماننا المطلق بالرأي الآخر، وضرورة التعبير عنه، حتى وإن كان مخالفا لقناعتنا، من دون شك، أن الصحفي الذي حاور بن كيران، يتحمل المسؤولية المباشرة فيما وقع لأن رئيس الحكومة يظل من الجسم الصحفي، من خلال رئاسته لجريدة التجديد، الناطقة باسم حزبه (العدالة والتنمية) .. وبالتالي، لن يكون ساذجا في الوقوع في هذا المحظور، وهذا الكلام المستباح ضد ممارسي العمل الصحفي، الذي يعترف الجميع بخطورته ومتاعبه، إلى جانب شرعيته التي تتجاوز أي منظور نقدي قدحي، كالذي عبر عنه رئيس الحكومة. طبعا، لا نبحث في النقابة المستقلة للصحافيين المغاربة، عن مخرج أو مبررات ل. بن كيران، في هذه الواقعة، إلا أن ما وقع، يفرض علينا مساءلته عن هذا التسرع في النعوت، التي لا تليق بالصحافة، وبمكانتها في المجتمع، وبما يجب أن يكون عليه التعامل معها، والذي يظل أكبر من هذه النعوت القدحية، ولا تستحق هذا القذف المجاني، من مسؤول حكومي كبير، ومن حقنا كنقابة مستقلة للصحافيين المغاربة، أن نسائله عن مبرراته، التي تقف وراء الإعلان عن هذا الوصف الشنيع المذموم لأمة الصحافيين، الذي يتحول معه كل الصحافيين إلى مجرد أشباه رجال، وأن نطلب منه تقديم لائحة هؤلاء إلى العدالة، حتى تنظر في السلوكات الضارة بمصداقية الممارسة الصحفية، ويعرف الرأي العام الوطني حقيقة هذا النموذج المنحرف، الذي يفتقر إلى الرجولة، كما أشار إليها، والذين يجسدون الوجه القبيح في الجسم الصحفي. وكان الأحرى بالسيد رئيس الحكومة، أن لا يزيد الصحافيين معاناة إضافية على معاناتهم اليومية، التي يحترقون فيها، ويخسرون بإكراهاتها كل ما يمتلكون من صحة جسدية ونفسية، وحرية شخصية، علاوة على الضربات التي توجه إليهم، كلما حاولوا أن يكونوا على الموعد في نزاهة المواقف، في كل القضايا والمواضيع، التي يتناولونها بالتحليل والنقد والتعليق، ولا نظن أن العقلاء في أمة الصحافيين يعشقون المتاعب في هذا الزمن الرديء، الذي يرغم الضمائر الحية على أداء فاتورة المواقف المسؤولة، دون أن يفكروا في العواقب التي تنتظرهم على أكثر من صعيد. لن نفتح باب جهنم على رئيس الحكومة، إن كان بريئا من تهمة القذف، أما إذا كان كذلك، فليطمئن أن لعنة الفراعنة ستطارده في كل مكان، وهو يعرف جيدا ماذا يترتب عن الصراع مع أمة الصحافيين .. ! وأي مدى يمكن أن يصل إليه الخلاف معهم إذا كانوا مظلومين. إننا في النقابة المستقلة للصحافيين المغاربة، نتمنى من السيد رئيس الحكومة أن ينشر غسيل هذه الفئة المارقة من الصحفيين، حتى نخفف عنه عبء التشهير بهم، وفضح الممارسات المقرفة، التي ارتكبوها، والتي استحقوا عليها هذا الوصف السيئ من قبله، ولنا اليقين، أن الجسم الصحفي لا يستحق مثل هذه النماذج الضالة، التي خسرت رجولتها مع رئيس الحكومة، عوض أن تبرهن له عن رجولتها وفحولتها المهنية .. أما الذكورية، فلا مكان لها في هذه الواقعة، إذ يحتضن المشهد الصحفي، نساء أقوى رجولة من الذكور في الممارسة المهنية، وإذا كان بن كيران يريد أن يحتقر المحسوبين على المهنة، كما تعود على ذلك في خرجاته عن العفاريت والثعابين والتماسيح، فالجسم الصحفي أنقى وأرقى بأقلامه المهنية المناضلة، والنزيهة، التي لا تخش في المساءلة والمتابعة والنقد أي أحد، والأفضل ل. رئيس حكومتنا، أن يكشف عن هؤلاء، الذين فقدوا رجولتهم، حتى يكونوا عبرة لمن يريدون أن يكونوا كذلك، في جسمنا الصحفي، الذي ننزه فيه شرفاء الوطن، وأصحاب الأقلام الحرة النزيهة، المستعدين دائما لدفع فاتورة الجرأة والنزاهة، وسنكون سعداء .. إذا قدم لائحتهم إلى القضاء لمحاسبتهم على الإساءة لمهنة المتاعب، أما إذا كان يريد بنعته القدحي ممارسة سياسة الهجوم على الصحافيين، فليعلم أن لمثل هذه المواقف الجاهزة ثمنا باهظا، وأن بوصلة الصحفي، الذي يحترم واجبه المهني، لابد وأن تطاله في يوم من الأيام، وإن كان يبحث عن النجومية والبطولة، فلا شك أن هذه المعركة ستكون خاسرة بالضرورة، لأن الخصم فيها يمتلك الحرية والمعرفة والشجاعة والاستقلال، الذي يؤهله لخوض هذه المعركة، التي لن يخسر فيها ما يمكن أن يخسره رئيس الحكومة، خصوصا إذا كان الصحفي بريء من اتهاماته الجاهزة، ويؤمن بالضرورة بما يجب أن يقدمه كثمن لهذه المعركة مع رئيس الحكومة، إذا كان لا يسلم بالرأي الآخر، والحق في الدفاع عن النفس وشرف الممارسة المهنية. الأمانة العامة للنقابة المستقلة للصحافيين المغاربة