بمناسبة الاحتفال باليوم العالمي لحرية الصحافة، (03 مايو) عقدت الأمانة العامة للنقابة المستقلة للصحافيين المغاربة، التي مرة أخرى .. أثبتت، أنها قوية، خطابا وحكمة .. عقدت جلسة عمل مطولة، خُصصت لمناقشة ما أل إليه الواقع الصحفي والإعلامي ببلادنا في الوقت الراهن، وما يشهده الوطن من حراك سياسي واجتماعي في أفق دسترة وتخليق الحياة العامة، ودمقرطة المؤسسات، وإقرار دولة الحق والقانون، كما تطرق المجتمعون في الآن نفسه إلى تدهور حرية الصحافة، وماعرفه المنتوج الصحفي من تدهور وسطحية، وهزال مضامين الأعمال الصحفية في مختلف المنابر، مما يوضح انسداد الآفاق .. ومدى إكراهات الواقع الذي يتجاوز إمكانيات ومؤهلات القائمين عليها، الشيء الذي يحول بينهم وبين تقديم المنتوج الصحفي الوازن والمطلوب، الذي يمكنه أن يعكس الأحداث المهمة في البلد .. علاوة على ما عرفته الساحة الصحافية خلال سنة 2012، من اعتداءات، وانتهاكات .. ومضايقات مرفوضة، تتمثل في الهجمات التي تعرض لها المهنيون، أثناء تغطيتهم للعديد من التظاهرات والوقفات الاحتجاجية بمختلف المدن المغربية، وذلك لأجل ثنيهم عن فضح الفساد، والتشهير بمن ثبت تورطهم في قضاياه، والغرض منها على العموم، إخراس صوت الصحافيين، ومضايقتهم في أداء واجبهم المهني، الأمر الذي يرمي لا محالة إلى إعدام الصحافة بالمغرب. وكان اللقاء المناسبة المناسِبة، التي استحضر فيها أيضا الجمع قضية المنع الجائر، الذي طال الندوة الفكرية، حول موضوع : "القضية الوطنية بين مناورات الخصوم، وضرورة استمرار تعبئة الجبهة الداخلية" التي كان من المقرر تنظيمها من طرف النقابة المستقلة للصحافيين المغاربة، بغية تسليط الأضواء على ما استجد حول قضية وحدتنا الترابية .. وفي هذه الأثناء، تعالت الأصوات منددة ومستنكرة أسلوب القوة، الذي تعامل به عامل عمالة مقاطعات ابن امسيك مع النقابة، من خلال المكالمة الهاتفية التي أجراها مع رئيس مقاطعة سباتة، حيث آمره بالعمل على إلغاء الندوة، بدعوى أن الظروف الراهنة للبلاد لا تسمح بالقيام بمثل هذه اللقاءات، وذلك حسب ما أفاد به الرئيس الذي تلقى المكالمة، علما أن موضوع الندوة المذكورة لم يكن له البتة أي ارتباط لا من قريب ولا من بعيد مع مشروع القرار الداعي إلى توسيع مهمة "المينورسو"، الذي تزامن تداوله مع عزم النقابة على تنظيم الندوة المشار إليها أعلاه، مما حرم النقابة، التي دأبت منذ تأسيسها، وعلى امتداد أربعة عشرة سنة من النضال والتواجد بالساحة الصحافية الوطنية، على الإسهام في تنوير الرأي العام الوطني، والتعريف بالورش الإصلاحي الكبير، الذي يقوده ملك البلاد، صاحب الجلالة الملك محمد السادس حفظه الله، من خلال سلسلة من الأنشطة المتعددة .. الهادفة والمتنوعة .. نعم، مما حرمها من التواصل مع الساكنة، وفوت عليها فرصة القيام بتحسيس المواطنين وحثهم على اليقظة، وعلى تحصين الجبهة الداخلية .. وحرمانهم من الحق في الأخبار والاطلاع على مستجدات قضاياهم الوطنية، والتعبير عن مواقفهم، وختمت الأمانة العامة للنقابة المستقلة للصحافيين المغاربة، لقاءها بتوصيات نوجزها فيما يلي: جددت الأمانة العامة موقفها من ما تقدمت به الوزارة الوصية على قطاع الاتصال، وباقي الأطراف فيما يتعلق بقانون الصحافة -الذي عمر في ردهات مكاتب الوزارة- والمجلس الأعلى للصحافة، بحيث اعتبرت النقابة ما تقدمت به الوزارة، لا يرقى في أن يكون هو الأرضية الوحيدة التي يجب اعتمادها في الحوارات العمومية، التي تشرف عليها الوزارة، وأن الصياغة والموافقة على المشروع الذي يتطلع إليه المهنيون، يجب ألا تتمان في غيابهم على المستوى المحلي والجهوي وكذا الوطني، والمفروض أن تشارك في تقديم وجهات النظر حوله كافة الأطراف المعنية والمتدخلة في المجال، والهيئات المنتخبة من القاعدة العريضة من المهنيين، مع الإشارة إلى أن مشروع القانون المقدم في صيغته الحالية، يعتبر دون الحد الأدنى من تطلعات جميع العاملين في الحقل الإعلامي والصحفي، لذلك يجب السماح للجميع بالمساهمة في إغناء الأرضية المفتوحة من طرف الوزارة، الوصية على القطاع. ومن جهة أخرى، شدد أعضاء الأمانة العامة للنقابة المستقلة للصحافيين المغاربة، المجتمعون لدراسة الوضع الصحافي، بمناسبة ذكرى عيد الصحافة والصحافيين، وعلى عكس ما عبرت عنه بعض المنابر الصحافية، والمنظمات التي تشتغل في الميدان وتدعي الحداثة، حول اليوم العالمي لحرية الصحافة، شددوا على أن القبول بمبدأ مناقشة المشاريع الجاهزة الآن، يتطلب انتخاب الجهاز الذي سيشرف على تطبيقها، والذي يرونه مجسدا في المجلس الأعلى للإعلام، على غرار بقية المجالس العليا التي تنتخب من أجل تنظيم القطاعات التي تشرف عليها .. مجلس أعلى، ينتخب بكامل أعضائه، من ممثلي الإعلاميين والصحافيين، - وليس فقط من المقربين المعلومين .. !- وبعد انتخابه، يعمل على تشكيل مكتبه التنفيذي ولجنه الدائمة، وعند ذاك، توضع تحت إشرافه التصورات والاقتراحات التي سيكون عليها مشروع قانون الصحافة الجديد، الذي يجب أن لا يتم الشروع في تطبيقه أو تداوله إلا بعد المصادقة عليه من طرف جميع مكونات الجسم الصحافي والإعلامي، لذلك، فإن جودة وقوة النقاش لمشروع القانون لا تنحصر على الخصوص في المسودة التي أعدتها وزارة الاتصال فقط، ولكن، انتخاب هذا الجهاز الوطني يجب أن يخضع لمدونة الانتخابات المعمول بها، وأن تتم عملية انتخابه عبر كل المراحل التي تقرها هذه المدونة، وأن يكون التنافس على مقاعد هذا المجلس التي يجب أن تُمثل المهنيين في الصحافة المكتوبة والالكترونية وقطاع السمعي البصري على البرامج الانتخابية، وأن يتمتع (الجهاز) بالاستقلال المالي والإداري، والسلطة المعنوية والقانونية في إصدار قراراته وتطبيقها وفق قانونه الأساسي، الذي يجب أن يصاغ من خلال الاستشارة الواسعة لكافة المهنيين، كما يجب أن يوكل إليه عبر ما يتوصل به من مقترحات وتصورات، صياغة مشروع القانون التنظيمي الذي سينظم علاقته بجميع الفئات المعنية. وأكد المخلدون لليوم العالمي لحرية الصحافة، المنضوون تحت لواء النقابة المستقلة للصحافيين المغاربة، على أن ديباجة مواد وفصول مشروع القانون الذي سيكون دليل العمل بالنسبة للمجلس الأعلى للإعلام، لن تكون مفيدة قبل انتخاب هذا المجلس، وتمكين أعضائه عبر اللجن الدائمة من القيام بهذه المهمة، التي سيكون عليها مجال اشتغال هذه المؤسسة التي يجب أن تكون دستورية في نهاية المطاف. وفي مجال تكافؤ الفرص .. ذكر أعضاء الأمانة العامة للنقابة المستقلة للصحافيين المغاربة، ببعض المهام التي يجب أن توكل للمجلس الأعلى للإعلام، التي منها على سبيل المثال: (1 العمل على فرض تعميم الاستفادة من دعم الدولة المخصص للمنظمات النقابية، وفق معايير محترمة. 2) دمقرطة شروط توزيع الدعم، بغض النظر عن مستوى التمثيلية النقابية، حتى لا تبقى وحدها النقابات المقربة هي المستفيدة، وذلك لتحفيز جميع الصحافيين والإعلاميين. 3) إتاحة فرص العمل للمهنيين، وفق الشروط الضرورية لممارسة المهنة بنزاهة واحترافية. 4) تمكين المقاولات الصحافية من العمل في مناخ تطبعه الديمقراطية والمساواة. 5) تخويل كل العاملين في الحقل الصحافي والإعلامي (الصحافة المكتوبة .. الصحافة الالكترونية .. قطاع السمعي البصري) من مقتضيات الحماية، نظام التقاعد .. التأمين الإجباري عن المرض، وإقامة التعاونيات حسب القانون الجاري به العمل. كما اقترح المنظمون للجلسة، أن يتكلف المجلس بخلق صندوق "إنقاذ" يعهد إليه مساعدة الصحف والمواقع الجادة والمنتظمة الصدور والتحديث في حال ما أشرفت إحدى هذه الأخيرة على الإفلاس، أو واجهتها بعض العراقيل التي من شأنها أن تحول بينها وبين مواصلة المسيرة التثقيفية والتنويرية، وذلك حماية للمهنيين من الطرد أو التسريح، ليتم بذلك الارتقاء بالوضع الاعتباري للمهن الإعلامية لتكون مجسدة لسلطة الرأي العام، أو السلطة الرابعة، القادرة على القيام بكل وظائفها القانونية والدستورية، نيابة عن المجتمع في الإخبار والمساءلة، كما جاء في الاقتراح أيضا، أنه على المجلس أن يشرف على ضمان الحق لكل الصحافيين والإعلاميين في التكوين المستمر، والمشاركة في التداريب الإعلامية، على مستوى الوطن وخارجه، لتطوير المهارات ورفع الكفاءات، والعمل على تأطير المهنيين، وتأهيلهم التأهيل الذي يمكنهم من المساهمة في رقي الحقل الصحافي والإعلامي إلى المستوى المشرف، مع تسهيل مأمورياتهم، وتخويلهم الحق الكامل في الوصول إلى المعلومة، والسماح بنشرها دون قيد أو شرط، مع الحق بالاحتفاظ بسرية المصادر، وذلك سعيا إلى تحسين أدائهم، ونشر ثقافة المواطنة الحقة، وأن تكون للمجلس بناء على ما يرفع إليه من توصيات ومقترحات وتعديلات، أن تكون له الصلاحيات القانونية الواسعة، والوسائل الضرورية لتنظيم المشهد الإعلامي والصحافي وتحصينه، والرفع من المستوى المهني والمادي للمهنيين في جميع قطاعاته، مع توسيع صلاحياته في المراقبة والتأهيل والتحفيز، والتنصيص على دسترة الإعلام، وشرعنة الممارسة المهنية المستقلة عن جميع السلط الحكومية، وكذا فرض احترام أخلاقيات المهنة. وفي الجانب المتعلق بالقضاء والعدالة، رأى أعضاء الأمانة العامة للنقابة المستقلة للصحافيين المغاربة، أن على الدولة تخويل صلاحيات الفصل في الجنح الإعلامية، والحق في فظ النزاعات فيما بين المهنيين بعضهم البعض، وبينهم وبين الجهات الرسمية والمجتمع المدني للمجلس الأعلى للإعلام، لتلغى مع وجود هذا الأخير كل أساليب الردع، الذي يمس موضوعيا بالحقوق والحريات المكرسة على مستوى المؤسسات الدولية ومبادئ حقوق الإنسان، ومن تم العمل على إلغاء كل ما يمس باستقلالية وسلامة الصحافيين وحرياتهم، وبخاصة التعرض الاستفزازي للملاحقات القضائية الانتقامية باستمرار، وكان اللقاء مناسبة، دعوا من خلالها الأعضاء إلى ضرورة الكف عن اعتبار الأخطاء الإعلامية جنحا جنائية، يستحق أصحابها الحرمان من الحريات المدنية والسياسية، وتجنيبهم العقوبات الحبسية، والغرامات والتعويضات الخيالية، التي تثقل كاهل المهنيين، المنبثقة عن الأحكام الجائرة، والتي تعد بمثابة السد المنيع بين المهنيين وبين مواصلة مسيرتهم الإعلامية. في الختام، ركز منظمو اللقاء على أنهم طرحوا هذه الملاحظات والاقتراحات بمناسبة عيدهم السنوي، الذي هو ليس ككل الأعياد المتعارف عليها، بل هو يوم خاص بتقييم حرية العمل الصحفي، وقراء متأنية لما عرفته سنة مضت من أحداث ووقائع، لا تليق ببلد يدعي أهله الديمقراطية والحداثة، وأراد المنظمون في نفس الآن دق الناقوس من أجل تنبيه الحكومة المغربية، على العموم، ووزارة الاتصال الوصية على القطاع على وجه الخصوص، إلى أن النقابة المستقلة للصحافيين المغاربة، طرحت كل هذا من منطلق تمثيلها لخدام مهنة المتاعب، الذين من واجبهم عليها إيصال أصواتهم إلى الجهات المسؤولة لوضع حد للفوضى المستشرية في الميدان من جهة، والقضاء على الاحتكاريين الذين "تعج" بهم الساحة من جهة ثانية، كما إتاحة الفرص المواتية من جهة أخرى لمواكبة التحول السياسي والإصلاحات التي تعرفها البلاد في ظل العهد الجديد.