يعتبر السجال السياسي مؤشرا ايجابيا على تعددية الاتجاهات و الاراء في المشهد السياسي ,بالطبع ما دام السجال ينضبط لحد ادنى من الاحترام المتبادل و يناى عن منطق التسفيه و التحقير و التخوين . رد على مقال للاستاذ لحسن حداد في هذا الاطار اثارني مقال للاستاذ لحسن حداد عضو المكتب السياسي لحزب الحركة الشعبية المشارك في الحكومة بعنوان ”هل مقاطعة الاستفتاء خيار سليم من الناحية الاخلاقية ? نشر على موقع الكتروني , و ارتايت ان اكتب ردا على ماذهب اليه الاستاذ في كلامه , و الذي كان هجوما شرسا على اناس ارتضوا خيارا سياسيا لا يشاطرهم اياه الاستاذ, حيث ان السيد لحسن حداد كان على غير عادته انفعاليا اكثر منه موضوعيا , و هذا ربما لحساسية الموضوع و دقة المرحلة السياسية .اذ سمح لنفسه بان يصف من اختلف معهم في رؤية الامور بالانحطاط الاخلاقي و اتهمهم بممارسة التحايل السياسي الصارخ على الشعب خيار مقاطعة الاستفتاء ”جبن سياسي“ ام ”غيرة وطنية" اعتبر الاستاذ في مقاله ان مقاطعة الاستفتاء خيار اطراف لا تجرؤ على الدعوة الى رفض الدستور عبر التصويت ب ”لا“,اطراف راى انها ان نحت هذا المنحى سيتبين لها مدى انحسارها الجماهيري ,فهي وفق تحليل الاستاذ تخشى ان ينكشف حجمها السياسي الحقيقي لذلك فاختيارها لاسلوب المقاطعة يضمر نية استغلال اصوات من سيتغيبون عن مكاتب التصويت لاعتبارات مختلفة قد لا تكون سياسية بالاساس. و استشهد الاستاذ بكلام عضو اللجنة التنفيذية لحزب ”النجاة ”الذي يقود الحكومة , الذي اعتبر مقاطعة الاستفتاء "جبنا سياسيا " لا يملك الداعون اليها الجراة و الشجاعة والقدرة على مواجهة الشعب المغربي . سيد لحسن ,اننا نتذكر جميعا نتائج الانتخابات التشريعية الاخيرة التي قاطعها الشعب المغربي بطريقة حضارية اعتبرها اولوا الالباب اشارات واضحة لمن يهمهم الامر, و دعوا الى حوار وطني لتدارس الموقف , مقاطعة تعددت اسباب اصحابها و اجتمعت -على اختلافها- على لا جدوى اللعبة السياسية في بلد الفساد و الاستبداد ,مقاطعة اتت في مرحلة لم يكن فيها احد تحت ضغط الربيع الديموقراطي كما هو الحال الان. فعلا ,في تلك الانتخابات تبين بجلاء الحجم السياسي الحقيقي الذي تحدثتم عليه في مقالكم لاحزاب الاغلبية و المعارضة على حد سواء- الاحزاب الداعية الى التصويت على استفتاء يوليوز بنعم- و من بينها حزب الحركة الشعبية الذي تنتمون اليه و حزب ”النجاة“ الذي يقوده من استشهدت بكلامه عن الجبن و الجراة على المواجهة , احزاب لم تملك حينها مستوى اخلاقيا و شجاعة ووطنية لمواجهة راي المغاربة في لعبة سياسية قذرة , لم تعد خطابات اهلها تنطلي على ذكاء الشعب المغربي ,بل على العكس تماما تسابقتم لاقتسام الكعكة الحكومية متجاهلين فحوى التذمر الواسع الذي عبرت عنه اربعة اخماس الشعب . طبعا مرت خمس سنوات على تلك الانتخابات و وواقعنا السياسي يحفل بالمتغيرات في هذه السنة المباركة ان شاء الله لمس الشعب تقدما واضحا على مستوى خطاب الاحزاب و جراتها على تناول القضايا الحقيقية للشعب و قد اجمع المتتبعون للشان السياسي ببلادنا ان الطبقة السياسية قد تحررت من اغلالها مسنودة في ذلك بقوة الحراك الشعبي . سيدي ان كنتم قد استزدتم شجاعة من اباء الشباب الذي هتف عاليا في الشارع ووضع يده على الجرح فهذا طيب ,ما لا يجب ان تغفلوه سيدي ان شجاعة الشارع لا زالت عصية عن الاحتواء والتمويه و ستظل تبرز في كل مناسبة وسقف مطالب هؤلاء الشجعان الذين انضممتم متاخرين الى صفوفهم و غادرتموهم مبكرا واضح و دعوتهم للمقاطعة لها من الاسباب ما لا يخفى عن اي متبصر حكيم تحايل سياسي صارخ على الشعب من الامور التي يندى لها الجبين في بلدنا ,انه بعد مرور عقود من ”الديموقراطية الحسنية“ و“ثورات الملك و الشعب المتواصلة ”,لا زالت شرائح عريضة من ابناء الشعب المغربي تعاني من الامية الابجدية و ”السياسية“. و مع ذلك استسغتم الى جانب اخرين دعوة شعب مغلوب على امره ”معرفيا و سياسيا و ماديا“ للادلاء برايه في وثيقة دستورية مصيرية, وثيقة لا يحرج الشجعان ضمن يسطاء هذا الشعب من التصريح بانهم لا يفقهون ما تضمنته و ابعاد صراع المؤيدين و الرافضين لمحتواها,وثيقة يقول عنها اساتذة القانون ان موقع الفاصلة في عباراتها له اكبر الاثر في تحديد ما تفيده من امور .بل لم تالوا جهدا لحث الناس على التصويت بنعم عليها الى درجة قامت السلطة باستغلال بشع لمنابر الجمعة لهذا الغرض . بناء على ما اسلفت سيد لحسن اليس الداعي الى التصويت –بنعم- هو من يمارس التحايل السياسي و ليس غيره من الداعين الى المقاطعة كما اشرتم الى ذلك في مقالكم . اننا هنا امام سعي حثيث - من طرف الذين يكفرون كل من وجد حرجا مما قضى الملك- لاقتناص فرصة اخرى لممارسة الوصاية على شعب معظمه لا حول له و لا قوة ازاء ما يحاك ضد مستقبله , بشكل ينم عن محاولة توريط للجماهير لمباركة سنوات اخرى من الفساد و الاستبداد او بتعبير اخر تامر على مصير شعب . و ما يزيد الطين بله ,هو اقحام الملك بشكل او باخر في صراع سياسي صار الشارع من ميادينه ,اليس هذا هو العبث باستقرار البلاد بعينه ,اليس هذا هو الانحطاط الاخلاقي في ابشع صوره .? هل تعلمون سيد لحسن و عبرك اخاطب الداعين الى التصويت , ما معنى ان نخير الشعب بان يصوت "بنعم" او "لا "على امر اجازه الملك و ثمنه , بل ان ابرز مضامينه كانت محل تحكيم ملكي لا غير, هذا دون ان نغفل كون اللجنة التي سهرت على اعداده معينة حصريا من طرف الملك و بانتقائية . في نهاية المطاف و انتم "السياسي المتيقظ" اليست الدعوة الى التصويت رفضا او قبولا على الدستور الحالي هي في اهم ابعادها تمس "مشروعية النظام" في حالة انقسم الشعب الى قسمين ازاءه? ماذا لو فعلها المغاربة و صوتوا بلا ,الن يكون ذلك مسا "بمصداقية راي الملك في الدستور"? هل تعلمون مفاد ان نخير الشعب بين "موافقة" الملك في رايه او "مجانبته "? هل تعلمون مفاد هذا التخيير عند اناس ضللوا لعقود ? عل تعلمون مفاد هذا التخيير عند اناس اجتمعت لديهم كل دواعي الكفر بالاحزاب و قادتها في مقابل ايمان راسخ“ساذج“ بان كل ما تحقق في المغرب مرده فقط الى طيبوبة شخص الملك و تفانيه و لا يمت بصلة لمجهود اناس اخرين ? الا تعتقدون معي ان خيار الدعوة الى المقاطعة اسلم من الناحية الاخلاقية و الموضوعية ? على سبيل الختم من المؤكد ان حركة 20 فبراير تشبثت منذ البداية و الى حدود لحظة كتابة هذا الرد بمطلب "الملكية البرلمانية" ,و كما يبدو فقد اجمع الجميع على ان مشروع الدستور لا يستجيب لهذا المطلب , و قد رد شباب الحركة - شباب مغرب اليوم ساسة مغرب الغد - بموقف حاسم, مواصلة النضال و مقاطعة الاستفتاء .فهل حادت الحركة في نظركم عن جادة الصواب ?الم يكن حريا بكم كسياسي شاب ان تبذل جهدا اكبر لاقناع الشباب بمصداقية رؤيتكم السياسية لا ان تختاروا خيار التجريح و الحديث عن تقييم اخلاقي لتصور و نضالات الداعين الى المقاطعة ?مع تحياتي . و تمنياتي بسعة صدركم لرايي ...ما كتبت هذا الا غيرة على بلدي و احتراما لجميع المغاربة . شكرا لموقع المسائية العربية الذي سبق لي ان نشرت فيه مقالين بتفضله بنشر هذا الرد و لكم مني خاص التقدير