إحباط هجوم إرهابي على مسجد في بروكسيل أثناء صلاة الجمعة    عجز السيولة البنكية يتراجع ب 8,26 في المائة ما بين 16 و22 يناير    توقعات أحوال الطقس اليوم الجمعة بالمغرب    مايك وان" يُطلق أغنية "ولاء"بإيقاع حساني    الصين تطلق مجموعة جديدة من الأقمار الصناعية    رقم قياسي .. أول ناد في العالم تتخطى عائداته المالية مليار أورو في موسم واحد    سيفعل كل شيء.. سان جيرمان يريد نجم ليفربول بشدة    رغم تراجع سعر النفط عالميا.. أسعار المحروقات تواصل التحليق بالمغرب    بسبب "التحرش".. حموشي يوقف شرطيا بالدار البيضاء عن العمل    ما هو سر استمتاع الموظفين بالعمل والحياة معا في الدنمارك؟    ترامب يسعى لفرض "ضغوط قصوى" على إيران، فكيف ستبدو مع وجود الصين والمشهد الجيوسياسي المتغير؟    تفاصيل تحرك مغربي لدى سلطات بوركينافاسو والنيجر للبحث عن سائقين "مختطفين"    بالأسماء.. تعيينات جديدة في مناصب عليا        تألق نهضة بركان يقلق الجزائر    نهضة بركان يسقط في فخ التعادل القاتل أمام أولمبيك آسفي    تضارب في الأرقام حول التسوية الطوعية الضريبية    الأزمي: تصريحات وهبي حول مدونة الأسرة تفتقر للوقار    شرطة فاس تعتقل ثلاثيني بسبب التزوير وانتحال صفة محامي    توقعات مديرية الأرصاد لطقس يوم الجمعة بالمغرب    اتفاق مغربي موريتاني يفتح آفاق التعاون في قطاع الطاقة    جوائز "الراتزي": "أوسكار" أسوأ الأفلام    الحكومة تحمل "المعلومات المضللة" مسؤولية انتشار "بوحمرون"    خط بحري كهربائي بالكامل بين طريفة وطنجة    افتتاح السنة القضائية بمحكمة الاستئناف ببني ملال    نكسة جديدة للجزائر ودميتها البوليساريو .. مجلس الشيوخ الشيلي ينتصر لمغربية الصحراء    رئيس برلمان المجموعة الاقتصادية والنقدية لوسط إفريقيا يطلع على الزخم التنموي بجهة العيون    السكوري: تقوية التمثيليات الاجتماعية غاية.. ومناقشة "الترحال النقابي" قريبة    مفكرون يدرسون متن الجراري .. طلائعيٌّ وسّع مفهوم الأدب المغربي    عبد الصادق: مواجهة طنجة للنسيان    شخص يقتل زوجته بسبب رفضها للتعدد    طنجة المتوسط يعزز ريادته في المتوسط ويتخطى حاجز 10 ملايين حاوية خلال سنة 2024    شركة "باليراريا" تطلق أول خط بحري كهربائي بين إسبانيا والمغرب    ترويج مؤهلات جهة طنجة في معرض "فيتور 2025" بمدريد    الارتفاع ينهي تداولات بورصة الدار البيضاء    "الكوديم" يفرض التعادل على الجيش    الحكومة تكشف حصيلة "مخالفات السوق" وتطمئن المغاربة بشأن التموين في رمضان    المغرب يستعد لاستضافة قرعة كأس أمم إفريقيا 2025 وسط أجواء احتفالية    الجزائر تسلم 36 مغربيا عبر معبر "زوج بغال" بينهم شباب من الناظور    حركة "حماس" تنشر أهم النقاط التالية من اتفاق وقف إطلاق النار في غزة    هناء الإدريسي تطرح "مكملة بالنية" من ألحان رضوان الديري -فيديو-    مصرع طفل مغربي في هجوم نفذه أفغاني بألمانيا    الدوحة..انطلاق النسخة الرابعة لمهرجان (كتارا) لآلة العود بمشاركة مغربية    تفشي فيروس الحصبة يطلق مطالبة بإعلان "الطوارئ الصحية" في المغرب    مانشستر سيتي يتعاقد مع المصري عمر مرموش حتى 2029    هل فبركت المخابرات الجزائرية عملية اختطاف السائح الإسباني؟    مدارس طنجة تتعافى من بوحمرون وسط دعوات بالإقبال على التلقيح    تعرف على فيروس داء الحصبة "بوحمرون" الذي ينتشر في المغرب    ترامب يعيد تصنيف الحوثيين منظمة إرهابية أجنبية    أخطار صحية بالجملة تتربص بالمشتغلين في الفترة الليلية    إوجين يُونيسكُو ومسرح اللاّمَعقُول هل كان كاتباً عبثيّاً حقّاً ؟    الأشعري يدعو إلى "المصالحة اللغوية" عند التنصيب عضواً بالأكاديمية    حادثة مروعة بمسنانة: مصرع شاب وإيقاف سائق سيارة حاول الفرار    المجلس العلمي المحلي لإقليم الناظور يواصل برامجه التكوينية للحجاج والمعتمرين    ثمود هوليود: أنطولوجيا النار والتطهير    الأمازيغية :اللغة الأم….«أسكاس امباركي»    ملفات ساخنة لعام 2025    أخذنا على حين ′′غزة′′!    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



رحلة طويلة...
نشر في المسائية العربية يوم 20 - 04 - 2011

كان السؤال الذي طرأ على خاطري مع اللحظات الأولى في متاهات الحياة : كيف يمكن اكتشاف خباياها بهذا الاتساع في المكان، والتداخل في الزمن في الأيام الخوالي؟! كيف يمكن الاستدلال على روحها وهي المتلونة التي جمعت في صفاتها كل المتناقضات ؟!
فهي ملاذ "الجن والملائكة والإنسان" - على رأي فيلسوفنا طيب الذكر كافكا وهي حياة العقل والفجور. والحكمة والجنون. والظلمة والنور. هي باختصار مرآة النفس البشرية. ترى فيها ما تود أن ترى فيه نفسك؟... إن هناك نقاطا أساسية تجعل من هذه النفس مكانا مميزا. ومن لم يستوعبها لم ير خساستها. ولكنها أيضا تحمل أهم صفات المستقبل. تلك القدرة على الحلم والتصور والتخيل والنظر إلى ما وراء الأفق. ولكن قبل أن نغوص بحثا عن ملامح هذا المستقبل علينا أن نبحث عن جذور هذه الحياة التي ولدت في يوم ما من أيام الخلق ومع ذلك لن تشعر معها بوطأة هذا العمر. سرعان ما بدأت تعيش فترة دامية من القلق والتوتر والاغتيالات والوشاية. معلنة بذلك عن عصر الإرهاب النفسي، و في هذه الفترة هناك من كان ينادي بشعار الحرية والإخاء والمساواة.
لم تتوقف هذه الحياة عن التطور. إنها حية قادرة على أن تغير نفسها مع كل مرحلة من مراحل التاريخ وتأخذ طابعا جديدا وحربائيا. وميزتها هي أنها حيزا زمكانيا مفتوحا، يعشق مرتدوها الطرقات والحياة في المسارات الملتوية، وقد أعطاها هذا طابعا مختلفا عن بقية الكائنات الزئبقية. إن المرء لا يملك إلا أن يقف مدهوشا أمام تلك الابتسامة الغامضة ، هذه الابتسامة التي هي مزيج من الحزن والسعادة.
إن الحياة برغم كل ما فيها من انطلاق تعرف جيدا كيف تكون غاضبة. لقد شهدت ملامح هذا الغضب في الأيام الماضية، بينما أنا أتأمل في مساراتها، ولست أدعي أنني سأنبأ بما سيحدث، ولكني أحسست بهذا الجو المشحون بالقلق، وأنه برغم مظاهر التغير والريبة، فإن الأيام الصعبة تدق على الأبواب. لقد بدا الأمر وكأن هناك عاصفة قد هبت من لا مكان. فالإصلاحات التي تم إقرارها وهي كثرة الإنزالات والمواثيق وتخصيص جزء من جزء من الحديث عن الديموقراطية كانت أمرا صغيرا قياسا إلى كمية الغضب التي تولدت عنها. فمثل هذه الإصلاحات تمر بها جل الدول ولكنها لم تحدث هذه الدرجة من رد الفعل فيها. لقد كادت أن تشل مظاهر الحياة الديموقراطية تعطل الحالة الاقتصادية، وامتدت آثارها إلى كل الفئات المحبطة.
لقد تزايدت خيبات الأمل لدى الكثير من هذه الفئات، بدأ الأمر بالطبقة المتوسطة ثم انضمت إليها جحافل من الطبقة الكادحة. كأن كل القوى الشعبية التي سبق أن تحركت في السبعينيات ستعاود التحرك من جديد، ولكن هذه المرة ليس هناك مطلب موحد. كل فئة لا تطالب إلا بالقضايا التي تخصها، وكلها تدور بشكل أو بآخر حول الإقصاء والتهميش وغياب الرعاية الاجتماعية. ولكن السبب الحقيقي هو الخوف من انتهاء سلطة القانون وهيمنة الزبونية والمحسوبية. إن هناك نفس المشاكل في الميادين المختلفة، ولكن الميدان الاجتماعي هو المقياس الحقيقي لكل هذه المادين. وهو الذي جرى على إظهار مشاعر الغضب والخوف الرابض في أعماق النفوس المتذمرة .
إن القانون هو وسيلة السلطة من أجل تنظيم العلاقات الاجتماعية، ولا شبهة أن فكرة القانون قد بلغت غاية نضجها في ظل ظاهرة الدولة. وفي دولة المؤسسات تتولى التشريع السلطة التشريعية وفقًا لما تحدده القواعد الأساسية التي تحكم دولة من الدول، تلك القواعد التي يسميها أهل القانون القواعد الدستورية. والسلطة التشريعية التي تسن قواعد القانون هي جزء من الدولة الحديثة ومظهر من مظاهر السلطة فيها ولكن مظاهر الدولة الحديثة ؟؟؟ لا تقتصر على ذلك وإنما هي تمتد إلى احتكار الدولة وحدها كل وسائل القمع. فالدولة وحدها هي التي تملك البوليس وقوات الأمن، والدولة وحدها هي التي تملك المحاكم وفيها قضاة ينفذون حكم القانون، والدولة وحدها هي التي تملك السجون تضع فيها المخالفين والخارجين على حكم القانون. وهذه كلها من مظاهر السلطة ، سلطة الدولة ، التي ترتبط بفكرة القانون وأساسه أوثق ارتباط.
ولكن إذا كان من مظاهر سلطة الدولة في الماضي أنها سلطةٌ مطلقةٌ فليس الحال كذلك في العصر الحديث. إن سلطة الدولة مقيدة غير مطلقة. والقانون الذي هو تعبيرٌ عن إرادة الدولة هو ذاته الذي يقيد سلطة هذه الدولة. إن الدولة الحديثة لا تباشر سلطتها من فراغ وإنما تباشرها في إطار القانون. القانون هو الذي يرسم حدود السلطة وكيفية ممارستها وعندما تتصرف الدولة في حدود القانون يكون تصرفها مشروعًا، وعندما تخرج الدولة في تصرفها عن حدود القانون ، ومن المتصور أن يحدث ذلك ، فإن تصرفها يكون غير مشروع. وهذا هو ما يعبر عنه بعبارة "سيادة القانون" التي كثيرًا ما تتردد في كتب الفقهاء وعلى ألسنة الناس وفي ردهات المحاكم ولكنها لا تجد إلى أرض الواقع سبيلا...
يلتقي الناس بعضهم بعضا. يثرثرون ويتناقلون آخر أخبار تكافؤ الفرص. وإذا بحثنا في المعنى المختبئ وراء هذا السلوك تحديدا، أو المفهوم العلمي (التفسير - الدينامي) سنجد أن أعراضه تظهر لتحل إشكالية "التناقص المعيش" الذي يحياه المواطن قبل ظهور الأعراض، بمعنى أن "البديل" لا "الحقيقي" من الممكن على المواطن مواجهته بكل المشاعر السلبية : الكره، الحقد، الضيق، العدوانية، كل ما كان كامنا وكان غير قادر على إظهاره للشخص الحقيقي، بمعنى أن يعرب عنه للبديل فورا دون خوف ودون أدنى إحساس بالذنب مثلما تنص على ذلك المواطنة الحقة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.