السكوري: الحكومة تتفق مع آراء المؤسسات الدستورية بخصوص "قانون الإضراب" وسنأخذ بعين الاعتبار مقترحات النقابات    ائتلاف مكون من 20 هيئة حقوقية مغربية يطالب ب "الإفراج الفوري وغير المشروط" عن فؤاد عبد المومني        الإيرادات السياحية.. المغرب يتقدم ب10 مراتب ويحتل المركز 31 عالميا    فيضانات إسبانيا.. وفاة مغربي وفقدان 25 آخرين والخارجية تعلن عن إحداث خلية أزمة            فيضانات إسبانيا.. تسجيل حالة وفاة واحدة بين أفراد الجالية و25 مغربيا في عداد المفقودين    المنتخب المغربي للفوتسال يواجه فرنسا وديا يوم 5 نونبر القادم    ملف طلبة الطب.. بايتاس يؤكد عدم وجود مستجدات والحل بيد الوسيط    ماكرون: موقف فرنسا من قضية الصحراء المغربية بصدد تحريك مواقف بلدان أوروبية أخرى    المهرجان الدولي للفيلم بمراكش يُكرم الراحلة نعيمة المشرقي، والممثل الأمريكي شون بين، والمخرج الكندي ديفيد كروننبرغ    المحكمة تقرر تأجيل محاكمة "الستريمر" إلياس المالكي    "مراكش إير شو 2024".. توقيع عدة اتفاقيات شراكة في مجال صناعة الطيران    الكاتب المغربي عبد الله الطايع يفوز بجائزة "ديسمبر" الأدبية    مريم كرودي توثق رحلتها في ورشات الشعر بكتاب "الأطفال وكتابة الأشعار.. مخاض تجربة"    حماس ترفض فكرة وقف مؤقت لإطلاق النار وتؤيد اتفاقا دائما    اعتقال إسرائيليين بتهمة التجسس لإيران    استمرار البحث عن مفقودين في إسبانيا جراء أسوأ فيضانات منذ 50 عامًا    يهم الصحافيين.. ملفات ساخنة على طاولة لجنة بطاقة الصحافة المهنية    الشرطة الألمانية تطلق عملية بحث مكثفة عن رجل فرّ من شرطة برلين    موسم أصيلة يحتفي بمحمد الأشعري، سيرة قلم لأديب بأوجه متعددة    "ماكدونالدز" تواجه أزمة صحية .. شرائح البصل وراء حالات التسمم    مباشرة ‬بعد ‬تجديد ‬الرئيس ‬الفرنسي ‬التأكيد ‬على ‬موقف ‬بلاده ‬الداعم ‬لمغربية ‬الصحراء    طقس الخميس.. امطار ضعيفة بالريف الغرب وغرب الواجهة المتوسطية    موقع "نارسا" يتعرض للاختراق قبل المؤتمر العالمي الوزاري للسلامة الطرقية بمراكش    مولودية وجدة ينتظر رفع المنع وتأهيل لاعبيه المنتدبين بعد من تسوية ملفاته النزاعية    الرابطة الإسبانية تقرر تأجيل بعض مباريات الدوري المحلي بسبب إعصار "دانا"    اعتقال ومتابعة صناع محتوى بتهمة "التجاهر بما ينافي الحياء"    شركات متوقفة تنعش حساباتها بفواتير صورية تتجاوز 80 مليار سنتيم    مصطفى بنرامل ل"رسالة24″: النينيا وليس الاستمطار الصناعي وراء الفيضانات الكارثية في إسبانيا    وضع الناشط فؤاد عبد المومني تحت الحراسة النظرية للاشتباه في نشره أخبارا زائفة حسب النيابة العامة    لبنان.. ميقاتي يتوقع إبرام اتفاق لوقف إطلاق النار مع إسرائيل في غضون أيام    الطاقة الخضراء: توقيع اتفاقية شراكة بين جامعة شعيب الدكالي وفاعلين من الصين    "فيفا" يعلن عن أول راع لكأس العالم للأندية 2025    توقيف شخص بسلا يشتبه تورطه في جريمة قتل    مصرع شاب في حادثة سير بتازة    مندوبية التخطيط تسجل انخفاضا طفيفا في أسعار إنتاج الصناعة التحويلية    مانشستر سيتي وتشيلسي يودعان كأس الرابطة الإنجليزية    منفذو الهجوم الإسرائيلي على إيران يتحدثون للمرة الأولى    دراسة: الفئران الأفريقية تستخدم في مكافحة تهريب الحيوانات    إسرائيل تدعو لإقالة خبيرة أممية اتهمتها بشن حملة "إبادة جماعية" ضد الفلسطينيين    القروض والأصول الاحتياطية ترفعان نسبة نمو الكتلة النقدية بالمغرب إلى 6,7% الشهر المنصرم    وزير: الإنتاج المتوقع للتمور يقدر ب 103 آلاف طن في الموسم الفلاحي 2024-2025    التحكيم يحرم آسفي من ضربة جزاء    متحف قطر الوطني يعرض "الأزياء النسائية المنحوتة" للمغربي بنشلال    الخنوس يهز شباك مانشستر يونايتد    الحدادي يسجل في كأس ملك إسبانيا    تكريم نعيمة المشرقي والمخرجين الأمريكي شون بين وديفيد كروننبرغ    الممثل المصري مصطفى فهمي يغادر دنيا الناس    دراسة: اكتشاف جينات جديدة ترتبط بزيادة خطر الإصابة بالسرطان    ثمانية ملايين مصاب بالسل في أعلى عدد منذ بدء الرصد العالمي    كيفية صلاة الشفع والوتر .. حكمها وفضلها وعدد ركعاتها    إطلاق حملة وطنية للمراجعة واستدراك تلقيح الأطفال الذين تقل أعمارهم عن 18 سنة    مختارات من ديوان «أوتار البصيرة»    وهي جنازة رجل ...    أسماء بنات من القران    نداء للمحسنين للمساهمة في استكمال بناء مسجد ثاغزوت جماعة إحدادن    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



* الأدب الفارسي والحاجة إلى الترجمة:

من خلال كتاب "الأدب الفارسي منذ عصر الجامي وحتى يومنا":
هل نحن في حاجة إلى الاطلاع على ما ينتج من أدب وفكر في إيران؟ أم أن هذه الحاجة تصطدم بالعديد من العراقيل أهمها الصراع المذهبي والعرقي بين العرب والفرس منذ زمان ليس بالقصير؟.
وهل يوجد بالأدب الإيراني الفارسي ما يمكنه أن يعرفنا أكثر على حياة هذا المجتمع وثقافته وطريقة تفكيره وممارساته الحياتية والاجتماعية؟ أم أن كل هذه الادعاءات باطلة لا أساس لها بحكم أن صراعا مذهبيا وعرقيا صار هو الغالب على العلاقة التي تربطنا بهم؟.
لقد أصبح من الواجب على المثقف العربي اليوم والمترجم خاصة أن يسبر أغوار هذا الأدب الراقي والرفيع الذي يضم العديد من المبدعين الكبار الذين تركوا بصماتهم الأدبية والفكرية كتراث فارسي وإيراني يصل إلى حدود العالمية لما فيه من إبداعية متميزة وساحرة. وليس من الحكمة في شيء أن نتبنى بعض الدعوات المتطرفة التي ترى إلى كل الإيرانيين وكل ما يمثلهم على أنه يعادينا ويعادي مذهبنا السني بحكم أننا نتشارك نفس الدين ونختلف في المذهب فقط. وهذه لعمري دعوة باطلة تستحق الإقبار بحكم أننا أمة علم وبحث وتبادل ثقافي.
فضرورة ترجمة الأدب الفارسي عموما تحتم علينا اليوم البحث عن نوادر هذا الأدب وتقديمه إلى قراء العربية لتقريب الهوة التي توجد بين الشعوب العربية وبين الشعب الإيراني اليوم. فكل تلك الادعاءات والمقولات والدعوات التي كانت تدعو إلأى التنافر بينهما والتباعد وتخفي حقيقة الاتصال الديني والثقافي والاجتماعي أصبحت اليوم كذبة واضحة لا يمكن تصديقها يريد البعض أن يبقي على رواجها بين الناس لتحقيق أهدافه المدمرة. ولذلك فكل مبادرة إلى ترجمة الأدب الفارسي ترجمة مستوفية الشروط هي مبادرة تستحق التنويه والتشجيع المتواصل.
يعتبر كتاب "الأدب الفارسي منذ عصر الجامي وحتى يومنا" من تأليف الشاعر المبدع الدكتور محمد رضا شفيعي كدكني وترجمة الدكتور بسام ربابعة كتابا شاملا ويمثل بالفعل إحاطة شاملة لشعراء ومبدعين فارسيين منذ عصر الجامي إلى يومنا هذا، وتمكن من خلاله مؤلفه من تحديد كل الاتجاهات الأدبية شعريا وسرديا ومسرحيا التي كان يمثلها كل مبدع من المبدعين الفرس انطلاقا من العصر التيموري الذي تميز بالألغاز والتصنع والتكرار في الأدب الشعري إلى يومنا.
ويعتبر عبد الرحمن الجامي الشاعر الكبير الذي لم يستطع الشعر الفارسي – حسب المؤلف- أن ينجب شخصية بارزة تضاهيه في عهد شاهرخ ابن تيمورلنك، بحيث عدٌ بعض النقاد المعاصرين أن النصف الأول من القرن 15 بداية الانحطاط في تاريخ الأدب الفارسي، ويذكر لنا المؤلف من شعراء هذه الفترة: الشيخ آدري الطوسي، وخيالي البخاري، وابن حسام، وأمير شاهي السبزواري، وعصمت البخاري، وكاتبي الترشيزي، وشاه نعمة الله النيسابوري،... والذين لا يتمتع شعرهم بأي قيمة فنية خاصة في معاييرنا المعاصرة. بينما –يقول المؤلف- أن هناك نماذج تحتذى عند شعراء هذا العصر منهم: حافظ الشيرازي، وأمير خسرو الدهلوي، وسلمان الساوجي، وحسن الدهلوي، وجلال الدين المولويالرومي.
ومما يلفت الانتباه هو أن النقد الإيراني ليس له تاريخ مكتوب بوضوح يجعلنا نؤمن إيمانا قاطعا بتميز تجربة شعرية على أخرى. فما هو كائن هو النقد الشفهي التقليدي. وإذا ما عدنا إلى الشاعر عبدالرحمن الجامي الذي يعتبر بحق الشاعر المتميز في عصره وما بعده فإن له آثارا متميزة نذكر منها: سلسلة الذهب، وسلامان وابسال، وتحفة الأحرار، وسبحة الأبرار، يوسف وزليخا، ليلى والمجنون، فردنامه إسكندري(الحكمة السكندرية) وهي سبع منظومات عدها النقاد أفضل من ديوان قصائده وغزلياته.
إن ظهور الأسرة الصفوية (1486 – 1724) من أهم الحوادث في تاريخ إيران الذي يمتد آلافا من السنين يقول المؤلف، بل إن الحكومة الصفوية أعظم حكومة إيرانية بعد الإسلام. حيث أن جل الآداب التي كانت تكتب في العصر الصفوي من شعر ونثر كان يكتب باللغة الفارسية باستثناء بعض الأشعار التي كتبت باللغة التركية يذكر لنا المؤلف من بينها أشعار الملك إسماعيل الصفوي (1484 – 1509). وعرف الشعر الفارسي في هذا العصر بالأسلوب الواقعي الذي اعتمد على تجارب الحياة العادية واليومية التي تحولت إلى الصورة النمطية للذات والإنسان ونجد في هذا العصر الشاعر فرخي السيستاني الذي أخذ شعره الواقعية كأسلوب للانتشار. ونجد أيضا في هذا الجانب شعراء آخرين تميزوا في هذا الأسلوب وهم: لساني الشيرازي، وشرف جهان القزويني، وضميري الأصفهاني، ومايلي الهروي، ومحتشم الكاشاني، ووحشي البافقي، وحالتي التركماني، وشاه التكلو، ووقوعي التبريزي، ونقي الكرئي، وولي دشت البياضي.
ولا يمكن الحديث عن العصر الصفوي إلا الاهتمام بالأسلوب الهندي في الشعر الذي تقدم في مجال الفكر والمضمون، حيث راج هذا الأسلوب إلى أواسط القرن الثامن عشر للميلاد في جميع الأقاليم الناطقة بالفارسية. وتميز فيه العديد من الشعراء الكبار.
إن كتابا كهذا يعتبر بحق كتابا شاملا وببليوغرافيا اهتمت بالأدب الفارسي على مدى قرون وقدمها المترجم إلى قراء العربية ليفيدوا من أفكار ومعلومات ويتعرفوا على أسماء أدباء فارسيين كبار أغنوا الساحة الأدبية في بلادهم بروائع الشعر والنثر وكل صنوف الآداب الأخرى. فقراءة هذا الكتاب تجعل القاريء يدرك مدى الجهل الذي كان عليه تجاه الأدب الفارسي الذي تميز بأسلوب ورؤى مختلفة وجميلة قادرة على منافسة آداب الآخرين في هذا العالم.
وإذا ما رجعنا إلى عصر الحركة الدستورية فإننا نجد أن المؤلف قد نقل إلينا رؤية شاملة عن هذا العصر الذي تميز بكتابة أدب الحياة والناس الأقرب إلى الواقعية وإلى القضايا التي تهم الناس داخل المجتمع من قضايا وطنية وسياسية ودينية واجتماعية واقتصادية وثقافية. فراجت فكرة الحرية والمطالبة بها وتبنيها أدبيا وسياسيا، ونجد من الشعراء الذين تميزوا في هذا العصر: قائم مقام الفراهاني، والميرزا آقاخاذ الكرماني، وآخونذ زادة،... وغيرهم كثيرون. وما يمكن قوله -حسب المؤلف دائما- هو أن هذا العصر قد تميز بالحركة والنشاط والحيوية والقوة، حتى أنه لم يترك مكانا للصور الشعرية.
ظهرت الرومانسية كتيار شعري في الشعر الفارسي بعد ظهور شعر نيما الذي كان مقارنا لشهر ديسمبر 1941م. ونجد من الشخصيات المرموقة في هذا النوع من الشعر: برويز خانلري، وفريدون توللي، وكلجين الكيلاني، ونادر نادر بور. ومن القواعد التي يطرحها هذا التيار الشعري نجد التناسب الدقيق للأوزان والحالات الشعرية وجدة المضامين والتشبيهات والاستعارات وعدم تقييد المتكلم باستعمال المحسنات اللفظية والامتناع عن الإخلال بوزن الشعر ولو بوقفة بسيطة والابتعاد عن استخدام القوافي والردائف الصعبة إضافة إلى الامتناع عن الحشو والغث في البحور... وغيرها من القواعد التي ميزت هذا التيار الشعري الجميل بعد الحرب العالمية الثانية حسب المؤلف نفسه.
لا يمكن اعتبار القصة بمعناها الجديد والحديث من الجنس الأدبي الذي له تاريخ طويل في إيران وفي الأدب الفارسي عموما كما يقول المؤلف. فرواج القصة والمسرح في الأدب الفارسي بمفهوم الأدب الجديد لم يكن إلا في العصر الدستوري إثر التطورات التي حدثت في المجتمع الفارسي في هذه الحقبة بالذات. فبدأت الكتابة القصصية على شكل الرواية التاريخية التي نذكر من كتابها: موسى النثري، وصنعتي زاده الكرماني. ثم ظهرت بعد ذلك أول مجموعة قصصية في إيران لكاتب محمد علي جمال زاده بعنوان "كان يا ما كان" التي نشرها ببرلين سنة 1922م. فتعددت بعده العناوين سواء كانت من إنتاجه هو أو من إنتاج كتاب آخرين تميزوا في هذا الجنس الأدبي ونذكر منهم على الخصوص: صادق هدايت، وبرزك علوي، وعلي دستي، ومحمد حجازي....
وما يمكن قوله عن المسرح الإيراني فقد عرف تطورا كيرا حيث تمكن المؤلف محمد رضا شفيعي كدكني من تحديد المسار الزمني الذي قطعه هذا النوع الأدبي الراقي، انطلاقا من محاكاة المسرح الفارسي للمسرح الأوربي إلى مرحلة بناء مسرح وطني ذو هوية إيرانية محضة، خاصة وأن المسرح الإيراني عرف العديد من المشاكل وابتلي بالعديد من المعضلات بعد انقلاب 1953م، والتي كانت المحفز القوي له لإعادة البروز والتميز ونذكر من الكتاب المسرحيين الذين أبدعوا فيه وتركوا بصماتهم القوية في هذا النوع الأدبي: الدكتور غلام حسين ساعدي، والدكتور بهرام بيضائي، وأكبر رادي....
عزيز العرباوي


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.