إ ضا ء ة مجرد خاطرة عابرة نؤمن بالقضاء والقدر، نؤمن بأن لكل حي أجل،وأننا وإن طال الزمن أو قصر ، لا بد يوما ميتون، فلن ترهبنا انفلوانزا الخنازير ، ولا الامراض العصرية المتنقلة عبر الهواء أو الماء أو التربة، فليطعموا أجسادهم بأنواع التلقيحات، وليحرصوا على أن يعيشوا وحدهم على البسيطة، لأن ما يملكون من متاع، وما يتوفرون عليه من جاه، وما يطمحون الوصول إليه ،يمنعهم من الايمان بمشيئة الله و الإذعان لفكرة الموت، وتوديع حياة كلها متع وشهوات، من حقهم ان يضعوا أقنعة على وجوههم، وقد خبروا الأقنعة منذ زمان وكانت وراء مراكمتهم للثروات ووصولهم إلى الأرائك الفخمة، وان يتجنبوا المصافحة بالوجه حتى لا تنقل إليهم الفيروسات البشرية العدوى، وهي التي تنام مزدحمة كالفئران في جحور سميت مجازا سكنا اقتصاديا، حيث تفتقر لأبسط الضروريات من ماء وكهرباء وقنوات الصرف الصحي، ولا تقربها شمس ولا يخترق فضاءها ضوء، فئة تعتمد في وسائل علاجها على الثوم والبصل وبعض الأعشاب البرية، واحسنها حالا يلجأ إلى البقال من أجل شراء قرص دواء صالح لكل الأمراض والعلل، ومفعوله لا ينتهي بانتهاء صلاحية الدواء، ولا بطرق التخزين غير الصحية, أعجب من كون الخبراء يتوقعون موت المئات بل الآلاف من البشر بسبب فيروس أنفلوانزا الخنازير، ويتحدثون عن صعوبات في تمويل السوق باللقاح الكافي ،وما سيترتب على ذلك من وفيات داخل المؤسسات التعليمية، والسجنية وفي كل التجمعات، ولكن الشيء المسكوت عنه، من هي الطبقة المستهدفة والمهددة بالموت، هل هي طبقة الأغنياء أم طبقة الفقراء، أو بعبارة أخرى، من هي الطبقة الأكثر ارتيادا للسجون، وهل المقصود بالمؤسسات التعليمية العمومية التي يرتادها الفقراء والمعوزين،ويتكدس داخل حجرتها أكثر من خمسين تلميذا، أم مؤسسات التعليم الخصوصي من الدرجة الأولى. ولنتصور أن كل الفقراء قضوا نحبهم بسبب المرض، فهل سينعم الأغنياء بأموالهم وثرواتهم أم سيشقون، هل سيجدون من يأمروه فيستجيب، ومن يشتغل ليل نهار ولا يكل أو يمرض، ومن...ومن...، بالطبع لا، وهل ستجد حكومتنا الموقرة الوقت الكافي للتخطيط للتنمية وتطوير الاقتصاد بعد ان افسد المعطلون من الدكاترة وذوي الشهادات العليا عنها تلك السعادة بالوقفات الاحتجاجية والمسيرات الغاضبة، وخرج ابناء الشعب يطالبون بالرغيف وبعمل شريف، هل سيتمكن ابناء الاغنياء من ملء الاماكن الشاغرة بعد فراغها من العمال المؤقتين رغم أن بعضهم قضى اكثر من 30 سنة في وظيفة لا تعترف بالترسيم وحق العامل في العيش الكريم، بالطبع سيكون الجواب لا، لأن هؤلاء الأبناء وببساطة، معظمهم يدرسون خارج الوطن، ويتكلمون لغة غير لغة الضاد العثيقة، ويعالجون في مصحات ومستشفيات لا يؤمها الفقراء والمعوزين، ولا يضرب فيها الحساب لتكلفة العلاج ومتطلباته، وبالتالي فهم في منأى عن التفكير في الموت، لأن أحلامهم ومشاغلهم وتفكيرهم اكبر بكثير من أن يخطفها الموت المفاجئ. محمد السعيد مازغ