من مواليد عام 1925، درس الطب وتخرج طبيبا في جامعة الملاي في عام 1974، تم تعيينه وزيرا للتربية والتعليم، ثم نائبا لرئيس الوزراء، وعام 1981 تولى رئاسة الحكومة، حيث وصلت ماليزيا في عهده درجة من التقدم والنمو لم تصل إليها دولة إسلامية أخرى حتى اقترب نصيب الفرد الماليزي من الدخل القومي إلى 10 آلاف دولار سنويا. لقد حقق مهاتير محمد السلام الداخلي في ماليزيا من خلال سياسات إنتاجية وتنموية، ونجح في عقد صفقة تاريخية بين أرجاء النخب الماليزية، وفي المقابل أعطى فرصة متميزة للطائفة المالاوية في مجالات الصحة والتعليم والرؤى والأفكار. لا يرى مهاتير محمد في الإسلام مجرد ممارسة مجموعة من الشعائر الدينية بل منظومة متكاملة تصلح لجميع شؤون الحياة، وبفضل هذه العقلية الجبارة والروح المتشبعة بتعاليم الشرع نهض عالم الشرق الآسيوي المنازع لقوة الغرب المادية والمفارق له ثقافيا في الوقت نفسه، وفي قلب الصورة المضيئة لمع اسم مهاتير، فلم يكن الرجل مجرد أداة لتطور تاريخي يتداعى بالعدوى من محيط الجوار الناهض، بل كان يدرك ما يفعل بالضبط، فهو رجل الفكر والإنجاز في آن، هو الطبيب الذي تحول إلى أفضل خبراء الاقتصاد، وهو الحاكم الذي تحول إلى أعظم مفكر وصاحب نظرية الطفرة الآسيوية. ومما زاد مهاتير ألقا وجاذبية كونه الرمز الأول للتجربة الإسلامية فيما أطلق عليه «صحوة الأمم من عدم»، ضاربا بالوصفة الأمريكية، التي توصي بالتخفف من أعباء وعباءات الإسلام كشرط للتقدم، عرض الحائط. كان كتاب «معضلة المالايو»، معضلة حقيقية لمهاتير محمد، فحين كتب الكتاب عام 1970 قامت الدنيا ولم تقعد لاتهامه شعبه بالكسل والاتكالية، داعيا إياه إلى ثورة صناعية شاملة تتيح لماليزيا الخروج من حلقة الدولة الزراعية المتخلفة. وبين منع الكتاب من قبل منظمة المالايو القومية المتحدة وبين قدرة مهاتير على التنظير والقدرة على كسب الأتباع داخل حزبه، صعد نجمه السياسي بسرعة قياسية ليتولى رئاسة وزراء بلاده عام 1981 ولمدة 22 عاما، مما أتاح الفرصة كاملة لأن يحول أفكاره إلى واقع، جاعلا من ماليزيا أحد انجح الاقتصاديات في جنوب آسيا والعالم الإسلامي، فمن دولة زراعية تعتمد على إنتاج وتصدير المواد الأولية، خاصة القصدير والمطاط، إلى دولة صناعية متقدمة، يساهم قطاعا الصناعة والخدمات فيها بنحو 90% من الناتج المحلي الإجمالي، وتبلغ نسبة صادرات السلع المصنعة 85% من إجمالي الصادرات، وتنتج 80% من السيارات، وكانت النتيجة الطبيعية لهذا التطور أن انخفضت نسبة السكان تحت خط الفقر من 52% إلى 5% فقط في عام 2002، وارتفع متوسط دخل المواطن الماليزي من 1247 دولارا في عام 1970 إلى 8862 دولارا في عام 2002، وانخفضت نسبة البطالة إلى 3%، وكان سبب ذلك تبني مهاتير مجموعة من السياسات أتاحت لماليزيا لأن تكون البيئة المثالية لأفضل الاستثمارات في جنوب آسيا، حسب دراسات البنك الدولي.