انفتحت شهية "لصوص" المغرب في الآونة الأخيرة بقوة على السطو على الوكالات البنكية، مستعينين، تارة، بوسائل تقليدية في تنفيذ عملياتهم، كما حدث في آخر جريمة عرفتها وكالة التجاري وفا بنك بالحي المحمدي بالدارالبيضاء ظهر أول أمس الثلاثاء، وتارة أخرى يداهمون الأبناك المستهدفة باستعمال الأسلحة النارية والقنابل المسيلة للدموع. وعرف عدد من الوكالات البنكية سرقات منظمة قامت بها عصابات محترفة في السنة الماضية، حيث هاجمت عصابة في مدينة الناظور فرع "البنك الشعبي" يوم 26 أكتوبر الماضي، كما تعرض فرع "التجاري وفا بنك" بمدينة المحمدية لهجوم يوم 6 دجنبر الماضي. وفي وقت سابق، هوجم فرع "البنك المغربي للتجارة الخارجية" بالدارالبيضاء، وفرع للمصرف المغربي للتجارة والصناعة بالرباط، وفرع لتحويل الأموال في القنيطرة. ورغم تزايد جرائم السطو على الأبناك بطرق لا تخلو من مشاهد هوليودية، فإن مسؤولا أمنيا رفيع المستوى اعتبر الأمر عاديا يقع في جميع الدول ولا يقتصر فقط على المغرب، مشيرا، في السياق ذاته، إلى أن دولا أخرى تشهد جرائم سطو على الأبناك بمعدل عمليتين في اليوم الواحد. وألقى المسؤول ذاته باللائمة على مسؤولي الوكالات البنكية المستهدفة، التي لا تتقيد بوسائل الحماية الأمنية اللازمة ولا تضع نظاما أمنيا يتناسب وحجم تطور الجريمة بالمغرب. وحسب مصادر أمنية، فإن جرائم جديدة انضافت إلى موسوعة الإجرام بالمغرب، في طليعتها الجرائم المرتبطة بالمعلوميات، وجرائم السطو سواء على الأبناك وسيارات نقل الأموال أو محلات بيع بطاقات تعبئة الهاتف النقال. كما يلجأ المهاجمون، في حال تعذر اقتحام الوكالات المستهدفة، إلى نزع صناديق الشباك الأوتوماتيكي بالقوة، مثل ما تعرض له فرع "التجاري وفا بنك" في الدارالبيضاء وفرع للشركة العامة المغربية للمصارف في طنجة السنة الماضية. واستنادا إلى المصدر ذاته، فقد تضاعفت في الآونة الأخيرة الجرائم المرتبطة بتزوير النقود وترويج المخدرات الصلبة، إلى جانب التطور اللافت في جرائم النصب التي لم تعد تقتصر على الطرق التقليدية. وكشف المصدر نفسه أن عمليات السرقة والسطو تضاعفت بنسبة 50% مقارنة مع السنوات الماضية. إلى ذلك، أوضح محمد الأزهر، أستاذ علم الإجرام بجامعة الحسن الثاني بالمحمدية، أن جرائم السطو على الأبناك ليست بالجرائم الطارئة أو المستحدثة. وأضاف الأزهر، في تصريح ل"المساء"، أن ما يعرفه المجتمع من تطور وتنامي البطالة والتدهور الاجتماعي والاختراق الثقافي الناجم عما تبثه الفضائيات يوميا، كلها عوامل ساهمت في تطور الجريمة بالمغرب، يضاف إليها -حسب الخبير في علم الإجرام- هاجس الاغتناء السريع ومحاولة اختصار المسافات لدى البعض، مما أدى إلى تفشي جرائم النصب والاحتيال واختلاس المال العام، مشيرا، في السياق ذاته، إلى أن عصابات السطو على الأبناك يتملك منفذيها هاجس الاغتناء السريع، مفسرا بروز هذه الجرائم الجديدة بطبيعة النظام الاقتصادي والضغط الاجتماعي وبخلل المنظومة التربوية، وتفشي التفكك داخل البنايات الإسمنتية التي غزت معظم المدن المغربية. وبخصوص العوامل التي تساعد المنفذين على القيام بعملياتهم، أبرز الأزهر أن غالبية الوكالات البنكية عندنا بالمغرب هي عبارة عن أكشاك مالية تنعدم فيها جميع وسائل السلامة الأمنية، فحتى كاميراتها المثبتة تكون في الغالب معطلة، والأشخاص الذين يتولون حمايتها هم مجرد عناصر غير مؤهلة لمواجهة عصابات السطو، ناهيك عن كون العديد من الوكالات البنكية لا تتوفر على أجهزة إنذار.